استمرارية التفاؤل بشأن الأسهم الأمريكية أصبحت تتطلب جهدا أكبر. التقييمات العالية، وتزايد قوة الدولار، والانخفاض الحاد في أسعار النفط، كلها تشكل خلفية صعبة بالنسبة للمستثمرين، في الوقت الذي تكشف فيه الشركات النقاب عن النتائج الفصلية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
في الوقت الذي يعطي فيه الاحتياطي الفيدرالي إشعارا بأنه سيتجه أخيرا إلى تشديد السياسة وإنهاء سنوات من المال السهل، الذي عزز الارتفاع الكبير غير العادي في أسعار الأسهم منذ عام 2009، يتحول المستثمرون بعيدا عن الأسهم الأمريكية، ويختارون التقييمات الأرخص وسياسات البنوك المركزية الأكثر دعما في منطقة اليورو وخارجها.
مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بقي دون تغيير خلال العام، وهو أداء يعكس حالة عدم اليقين بشأن أرباح الشركات وسياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي. والآن وأكثر من أي وقت مضى، كما يقول محللون، تحتاج الشركات الأمريكية إلى اقتصاد قوي يؤدي إلى زيادة الإيرادات، بدلا من استمرار زيادة أسعار الأسهم، وذلك بفضل الخفض الضخم في التكاليف واستخدام التمويل الرخيص لتمويل كميات قياسية من عمليات إعادة الشراء وأرباح الأسهم.
ويقول أوليفر بورتش، الرئيس التنفيذي لبنك برودرمان براذرز الاستثماري: “في الوقت الذي ينظر فيه الاحتياطي الفيدرالي في أمر رفع أسعار الفائدة، حتى لو كانت العملية ستكون بطيئة جدا، يتعين أن يكون هناك نمو حقيقي في الأرباح وزيادة العائدات على الأسهم بحيث ترتفع فوق المرحلة الحالية”. لكن بالنسبة للربع الأول، التقديرات تسير في الاتجاه المعاكس، ويعود الفضل في ذلك إلى انخفاض أسعار النفط والدولار المرتفع، الذي زاد بنسبة تزيد على 20 في المائة في الـ 12 شهرا الماضية.
وبالنسبة لكثير من الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات، يؤدي الدولار الأقوى إلى خفض عائدات أعمالها في الخارج. وعلى أساس سعر السهم، تراجعت الأرباح المقدرة للربع الأول بنسبة 8.2 في المائة حتى الآن هذا العام، وهو بحسب فاكتست، أكبر انخفاض منذ مرحلة ما بعد الأزمة المالية خلال الربع الأول من عام 2009.
ومن المتوقع أن تنخفض الأرباح نحو 5 في المائة على أساس سنوي بسبب تراجع المبيعات بنسبة 2.7 في المائة. وباستثناء شركات الطاقة، من المتوقع أن ترتفع الأرباح بنسبة 3.4 في المائة والإيرادات بنسبة 3.1 في المائة، لكن يعتبر هذا أقل من تقديرات تشير إلى نمو بنسبة 8.9 في المائة و4.7 في المائة في 31 كانون الأول (ديسمبر).
ويأتي الانخفاض الحاد في التقديرات في الوقت الذي تقوم فيه السوق الصاعدة المستمرة منذ فترة لا بأس بها بإنتاج ربح بنسبة 250 في المائة لمؤشر لستاندرد آند بورز 500، بما في ذلك إعادة استثمار الأرباح، على مدى السنوات الست الماضية.
وأثناء التوجه نحو موسم أرباح صعب، لا يبدو أن الأسهم رخيصة، إذ يتم تداولها عند نحو 17 مرة ضعف الأرباح الآجلة. والمزيد من المكاسب يتطلب نوعا من النمو الاسمي الذي يظل بعيد المنال.
وفي ظل هذه الخلفية، خفف مؤشر ستاندرد آند بورز من الإقفال عند مستوى قياسي منذ أكثر من شهر، مع شد المستثمرين الرحال للانتقال إلى أسواق أخرى.
وأحدثت التدفقات إلى الأسهم الأوروبية واليابانية نوعا من الفراغ بالنسبة للأسهم الأمريكية. وسحب المستثمرون أكثر من 11 مليار دولار من الصناديق المدرجة في البورصة التي تستثمر في الأسهم الأمريكية في الربع الأول، وهو اتجاه يسير عكس ثلاثة أرباع متتالية عندما سجلت هذه الفئة من الأصول 138 مليار دولار من التدفقات، وفقا للبيانات الصادرة عن ماركيت.
ويقول نيكولاس كولاس، كبير استراتيجيي السوق في مؤسسة كونفيرجيكس: “تدفقات الأموال من الصناديق المدرجة في البورصة تقطع شوطا طويلا في بيان السبب في أن أسهم رأس المال الكبير الأمريكي بالكاد تزحزحت خلال الفترة من رأس السنة حتى 31 آذار (مارس)”.
البيانات من أي بي إف آر وجيفريز، التي تشمل تدفقات صناديق الاستثمار المشترك، تجعل الاختلاف بين الولايات المتحدة والأسواق المتقدمة الأخرى أكثر وضوحا. ويظهر أحدث تقرير أن هناك سحوبات بقيمة 42.6 مليار دولار من صناديق تستثمر في أسهم أمريكا الشمالية في العام المنتهي في 25 آذار (مارس)، مقارنة بـ 61.3 مليار دولار انتقلت إلى صناديق الأسهم في منطقة آسيا الباسيفيك وأوروبا خلال الفترة نفسها. الأرباح بالنسبة لمؤشر ستاندرد آند بورز أوروبا 350، الذي يضم شركات مثل دانون ولافارج وثيسن كروب ورويال، من المتوقع أن تصعد بنسبة 14.1 في المائة في عام 2015 مقارنة بالعام السابق، مع تحقيق مكاسب بأرقام من خانتين متوقعة لكل القطاعات باستثناء الطاقة، وفقا ل ستاندرد آند بورز كابيتال IQ. ومع كل المشاعر السلبية التي تحيط بالولايات المتحدة، هناك دائما فرصة لأن تكون المفاجآت في الاتجاه الصاعد، الذي يدفع السوق الواسعة مرة أخرى إلى أرقام قياسية.
ويقول آدم باركر، من مورجان ستانلي: “مع هذا الانخفاض في التقديرات، نتوقع أن تظهر النتائج التي يتم الإعلان عنها اتجاها صعوديا متواضعا في الوقت الذي تعود فيه الشركات مرة أخرى من الحد الأدنى”. ويضيف: “كانت الأرباح بالنسبة لمجموعة من الشركات التي أبلغت نتائجها قبل ألكوا فوق التقديرات. حجم العينة صغير جدا، لكن الشركات المتفوقة تشمل فيدرال إكسبركس ونايكي ومكيسون وشركات أخرى”.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون الأرباح والتوقعات من الشركات، على أقل تقدير ينبغي لهم أن يكونوا مستعدين للتقلبات، خصوصا أن التقلبات المتزايدة في جميع السلع والعملات وعوائد سندات الخزانة الأمريكية في الأشهر الأخيرة لم يتم تكرارها من قبل الأسهم. ويقول بول إبنر، وهو مدير محفظة في بلاك روك: “تقلبات العملات مرتفعة، وتقلبات السلع مرتفعة، والضربة الثلاثية هي ارتفاع أسعار الفائدة كذلك”. ويضيف: “نحن نقع تماما عند نقطة انعطاف في سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي. تلك هي مدخلات كبيرة فيما تقوم به الشركات. وبطبيعة الحال من شأنها أن تترجم إلى تقلبات في الأسهم والأرباح”.