ناتاشا بيروتي
لم تشهد الاسواق اللبنانية منذ اعوام تحسناً ملموساً في ظل الاحداث الأمنية التي تشهدها المنطقة، والتي ادت بدورها الى الى تراجع كبير في حركة الاسواق التجارية وضربت العجلة الاقتصادية.
وفي جولة لـ «الديار» على اسواق بيروت التجارية ، تم رصد حركة غير عادية، فازدحام السيارات وسط المدينة، وكثافة المتسوقين في المحلات يترك للوهلة الاولى انطباعا ايجابيا بأن حركة السوق بألف خير والعجلة الاقتصادية الى تحسن . لكن هذا يبقى في الشكل. أما في المضمون فالصورة مغايرة تماما لما تراه العين. فما هو حال الاسواق التجارية عشية الاعياد؟
} عدنان الفاكهاني }
يشير رئيس تجار مار الياس عدنان الفاكهاني الى لـ «الديار» الى ان سوق مار الياس هو جزء من الاسواق اللبنانية «ولما بتشتي بتبلل الكل»، الوضع متأزم رغم الاعياد ، والفرحة غائبة والحركة خجولة .
ويقول: للاسف اصبحنا نعتمد الحسومات باستمرار لتصريف بضائعنا ما يقلص من نسبة ارباحنا.
ويضيق: الحركة التجارية مقارنة بالسنوات الماضية تراجعت من 70 % الى 80%.
وعن اسباب ارتفاع الاسعار في ظل الجمود وكساد البضائع يقول ان التجار يحاولون وضع تسعيراتهم بشكل يناسب القدرة الشرائية للمواطن اذ لم يعد يبالي الى حجم الارباح المحققة بقدر ما اصبحه همه استمرار مؤسسته.
ويلفت الى ان انعدام القدرة الشرائية خلقت منافسة حادة بين التجار حيث لجأوا الى تخفيض اسعار هم بهدف تصريف البضائع، لان العرض اصبح يفوق الطلب.
ويؤكد انه خلال السنوات الاربعة الماضية، شهدت العديد من الاسواق اقفالات متتالية، اذا لم يشهد تاريخ شارع مارالياس حالية مماثلة سابقاً ، وكذلك تبعتها شوارع عدة ومنها (الحمرا،بربور، الاشرفية وغيرها).
} اخطاء السياسيين }
ويختم: التجار اليوم يدفعون ثمن اخطاء السياسيين وتجاذباتهم التي اطاحت باحلامنا وبالحركة الاقتصادية، آملين التخلص منها وتحقيق الاستقرار الامني، وذلك بهدف استقطاب اللبنانيين المغتربين والمصطافين العرب، الشريان الاساسي للاقتصاد اللبناني، متمنين ان يحمل الموسم الصيفي حركة جيدة كي نعوض ولو جزء بسيط من خسائرنا.
استطلعت «الديار» آراء اصحاب المحلات التجارية فكانت الردود يائسة، يقول صاحب محل للالبسة في سوق عفيف الطيبة ان اللبنانيين باتوا يقصدون الاسواق للتسلية حيث يقضون اوقاتهم في تأمل الواجهات دون الشراء، ويعزو السبب الى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، مشيراً الى ان الاسواق تشهد جموداً حاداً وكساداً للبضائع.
اما صاحب محل للاحذية في الحمرا فيوضح ان حركة الشراء شبه معدومة، واصبح المواطنون ينتظرون مواسم التنزيلات والحسومات لشراء متطلباتهم بأسعار ارخص، مؤكداً ان الاسعار الحالية للبضائع مرتفعة من مصدرها ولا علاقة للباعة بذلك.
من جهته يؤكد احمد صاحب محل للالبسة في سوق بربور ان المحلات التجارية تشهد تراجعاً متزايداً للقدرة الشرائية، كما وان العديد من المحلات اقفلت بسبب الخسائر التي لحقت بها. ويقول: «باليوم بمكن يفوت 50 زبون وما حدا يشتري»، لافتاً الى ان اللبناني اصبح يركز على الاوليات دون الكماليات في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بلبنان.
في المقابل، يوضح جهاد، تاجر في سوق مارلياس ان التداعيات السلبية للوضع الامني في المنطقة اثرت على حركة أسواق التجارية ، اذا اصبح اللبناني يعتمد مقولة، «خبي قرشك الابيض ليومك الاسود».
ومن الوضع الأمني الهش، الى الوضع المعيشي الذي يبدو اكثر صعوبةً على اللبنانيين، إذ رصدت الديار إرتفاعًا ملحوظًا غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والخضار والفاكهة، بشكل عبّر معه العديد من المواطنين عن قلقهم وسخطهم حيال «هذا الواقع الخطير» الذي يهدد معيشة المواطنين، وبخاصة ذوي الدخل المحدود منهم.