عبد الله مصطفى
«تسببت الأزمة الاقتصادية في إحداث خلخلة بين الأوروبيين، ولكن لولا وجود التضامن والتماسك الاجتماعي والاقتصادي في أولوية جدول الأعمال لكان الخطر أكثر على أوروبا»، هذا ما جاء على لسان جورج داسيس رئيس مجموعة شؤون العمال في اللجنة الاقتصادية الاجتماعية الأوروبية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، وجاء ذلك في كلمته على هامش اجتماع استثنائي رفيع المستوى حول قضايا العمال، الذي استضافته ريغا عاصمة لاتفيا مطلع الشهر الحالي، وحسب بيان للمفوضية الأوروبية ببروكسل، أضاف داسيس أن الكل رحب بالخطة الاستثمارية الاستراتيجية للمفوضية: «ولكن أعتقد أن أوروبا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك، إذا جرى زيادة الأموال المخصصة لإنقاذ البنوك، وأيضا ما يكفي من الاستثمارات لخلق فرص عمل مستدامة، وتدعم الاقتصادات».
من جانبها، فإن رئيسة وزراء لاتفيا لايمدوتا ستراوجوما، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي منذ مطلع العام وحتى أواخر يونيو المقبل، أكدت على أهمية تحقيق المزيد من التماسك الاجتماعي في الاتحاد الأوروبي، وشددت على أهمية الاستماع والعمل المشترك مع الشركاء الاجتماعيين، وبعد أن أشارت إلى أهمية الخطة الاستثمارية الاستراتيجية لأوروبا، وأنها خطوة إلى الأمام قالت: «ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمارات في مجال الأبحاث والابتكار، إلى جانب التماسك الاجتماعي حتى تعود أوروبا من جديد على مسار النمو، ولا بد من العمل الجماعي لإنجاح هذه الخطوات»، وتحدث بيترز كرايجرز باسم نقابات العمال في لاتفيا، وقال إنه يخشى أن تذهب كل الأموال التي تخصصها الخطة الاستثمارية الاستراتيجية في مشروعات للشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات، كما لا توجد الضمانات التي تكفل استفادة العمال من مثل هذه المشروعات في نهاية الأمر».
وعلى هامش قمة أوروبية في بروكسل الشهر الماضي قال دونالد تاسك رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، إن الاقتصاد الأوروبي أخذ في التحسن بشكل واضح، خاصة أن هناك عدة عوامل اقتصادية تعمل لصالحه في الوقت الحالي، ومنها انخفاض أسعار النفط، وحصول الصادرات الأوروبية على دفعة قوية نتيجة تراجع سعر اليورو، إلى جانب الدفعة القوية للاستثمار نتيجة لتأسيس الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية بقيمة «315 مليار يورو»، وأيضا برنامج شراء السندات للبنك المركزي الأوروبي. وقبل القمة بيومين، وافق وزراء المالية في دول الاتحاد الأوروبي على لائحة إنشاء الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية، الذي يمثل صلب الخطة الاستثمارية الأوروبية التي تبلغ 315 مليار يورو. وقالت المفوضية الأوروبية إن موافقة الوزراء أزالت عقبة رئيسية على طريق مطابقة احتياطيات سيولة وفيرة مع المشاريع الاستثمارية المحتملة.
وفي الصدد نفسه، رحبت المفوضية الأوروبية بإعلان إيطاليا مساهمتها بثمانية مليارات يورو في تمويل هذا الصندوق، كما أشاد جيركي كتاينن نائب رئيس المفوضية بجهود الرئاسة الحالية للاتحاد التي تتولاها لاتفيا، في المفاوضات الجارية لتسريع الخطوات وتنظيم العمل في الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية: «وذلك تنفيذا للالتزامات التي قطعتها الدول الأعضاء في هذا الصدد خلال قمتي أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين في بروكسل، مما يعكس حرص الدول الأعضاء على وضع الاقتصاد الأوروبي من جديد على مسار النمو المستدام وحصول المواطنين على فرص العمل»، وعن مساهمة إيطاليا في صندوق الخطة الاستثمارية قال كتاينن إن روما أعلنت مساهمتها بثماني مليار يورو عبر البنوك الوطنية، للصندوق الذي سيقوم بتمويل المشروعات الاستثمارية «وبذلك تكون إيطاليا هي الدولة الرابعة التي تتعهد بمساهمة كبيرة في تمويل الصندوق وبالتالي في الخطة الاستثمارية الاستراتيجية لأوروبا، مما يجعلنا نحقق أقصى استفادة من الخطة، وهي النمو المستدام وخلق فرص العمل.
وكانت المفوضية الأوروبية ببروكسل، رحبت بإعلان الحكومة الفرنسية عن مساهمتها بثمانية مليارات يورو في الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية. ورحب كتاينن نائب رئيس المفوضية والمكلف بالنمو والاستثمار والوظائف، بما وصفه بالخبر الممتاز من جانب باريس، من خلال هذه المساهمة في تنفيذ الخطة الاستثمارية عبر البنوك الوطنية والاستفادة من خبرات تلك المؤسسات، كما أشار المسؤول الأوروبي إلى أن التزام الدول الأعضاء يساهم في تنفيذ الخطة بشكل سريع «وهناك ثقة لدينا في أن النتائج ستكون واضحة في هذا الصيف». وسبق أن وصفت المفوضية الأوروبية، بـالتاريخي، قرار مجلس محافظي بنك الاستثمار الأوروبي، بضرورة أن تكون الشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي قادرة على الاستفادة من أموال الصندوق الأوروبي الجديد للاستثمارات الاستراتيجية، قبل حلول الصيف، وبالتالي يسمح القرار بتمويل المشروعات الصغرى والمتوسطة المرتبطة بخطة الاستثمار الأوروبية قبل حلول صيف العام الحالي.
وأضافت المفوضية أن هذه الخطوة وخطوات أخرى لاحقة تهدف إلى أن تكون خطة الاستثمار الأوروبية قائمة وفاعلة بحلول سبتمبر (أيلول) على أكثر تقدير، وسوف تستفيد شركات البنى التحتية أيضا من ترتيبات التمويل المسبق ولكن بعد إتمام ذلك للشركات الصغرى والمتوسطة.
وكانت بروكسل أعلنت عن خطة استثمارية جديدة بقيمة 315 مليار يورو. وعن الخطوات المقبلة قالت المفوضية، إن هناك عدة تدابير رئيسية في خطة الاستثمار، ومنها ما يتعلق بالإرادة السياسية القوية من جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي لاعتماد مشروع الخطة التمويلي قبل حلول يوليو (تموز) المقبل، بحيث يمكن أن تتدفق الأموال من الصندوق الجديد اعتبارا من سبتمبر للبدء في استثمارات كبيرة، ومنها على سبيل المثال في البنى التحتية، مثل النقل، والاتصالات، والمستشفيات، والمدارس، قبل حلول الخريف، وأيضا العمل على أجزاء أخرى من خطة الاستثمار، فيما يتعلق بإنشاء خط أنابيب للفرص الاستثمارية، وأيضا تنفيذ برنامج عمل طموح وضعته المفوضية لعام 2015 لإزالة الحواجز التنظيمية للاستثمار، وتعزيز السوق الموحدة، وسيتم طرح ورقة خضراء في هذا الصدد في المرحلة المقبلة، وبعد نقاش يشارك فيه أصحاب المصلحة. وتقول المفوضية إن مستوى الاستثمار في الاتحاد الأوروبي بسبب الأزمة المالية والاقتصادية تراجع بنسبة 15 في المائة منذ عام 2007. ورغم وجود سيولة نقدية في قطاع الشركات، ولكن حالة عدم اليقين فيما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية أدت إلى كبح الاستثمار في أجزاء من الاتحاد الأوروبي وخاصة بالنسبة للقطاع الخاص. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أطلقت المفوضية الأوروبية ببروكسل في إطار شراكة مع بنك الاستثمار الأوروبي، خدمة استشارية جديدة حول الأدوات المالية المتوفرة في الهياكل الأوروبية وصناديق الاستثمار، للمشاركة في الخطة الاستثمارية الجديدة في جميع دول الاتحاد الأوروبي.