إبراهيم عواضة
تتحضر المصارف اللبنانية، وبجهوزية كاملة لدخول السوق الإيراني، فور الإعلان الرسمي والنهائي عن رفع العقوبات المالية والمصرفية المفروضة على هذا البلد منذ حوالى الـ35 عاماً.
وتتطلع المصارف اللبنانية، التي تتمتع إضافة إلى السيولة المالية المرتفعة التي تملكها وإلى الثقة التي تحظى بها إلى تحقيق مكاسب أساسية من عملها في السوق الإيراني، لا سيما وأن عدداً من مصارف القطاع اكتسب على مدّ السنوات الأخيرة خبرة واسعة على مستوى التعامل مع الأسواق الإقليمية والدولية.
وبحسب مسؤول مصرفي كبير فإن أكثر من 5 إلى 8 مصارف على الأقل ستكون جاهزة لدخول السوق المصرفي الإيراني فور الإعلان رسمياً عن إلغاء العقوبات المفروضة من المجتمع الدولي على إيران.
وكانت المصارف اللبنانية طورت في السنوات الاخيرة شبكة انتشار خارجي واسعة جدا قياسا الى حجم نشاطها، وباشكال قانونية عديدة كمكاتب التمثيل والفروع الخارجية والمصارف الشقيقة او التابعة. وحاليا هناك 17 مصرفاً لبنانياً تمثل ما يقارب 86 في المئة من حجم القطاع في لبنان لديها وجود في 31 بلداً تغطي اسواقاً عربية هامة، كسوريا والاردن والعراق ومصر والسودان والجزائر، والسعودية والامارات العربية وقطر وسلطنة عُمان. كما تغطي اسواقاً اقليمية ذات وزن اقتصادي مهم كتركيا، اضافة الى الانتشار المصرفي اللبناني في القارة الاوروبية بدءاً من سويسرا وفرنسا والمملكة المتحدة والمانيا واللوكسبمورغ وموناكو، مروراً برومانيا وبيلاروسيا وارمينيا وصولاً الى بلجيكا وقبرص، كما توسعت المصارف اللبنانية باتجاه القارة الاميركية (كندا) وكذلك افريقيا (شاطئ العاج، نيجيريا، الكونغو والسنغال) واخيرا اوستراليا. وامتدت شبكة المصارف اللبنانية في الدول المذكورة اعلاه الى العديد من المدن الرئيسية، وباتت مصارفها التابعة او الشريكة او الشقيقة البالغ عددها 39 مصرفاً تمتلك عددا من الفروع تخطى 270 فرعاً كما في ايار 2014، ما يمثل 25 في المئة من فروع لبنان. أما حجم نشاط المصارف اللبنانية العاملة في الخارج فيشكل 17 في المئة من اجمالي الميزانيات المجمعة للمصارف العاملة في الاسواق الخارجية، ما يعني ان المخاطر ليست محصورة بل موزعة بشكل جيد ومتناسب مع حصص المصارف المعنية في السوق.
وتتركز توظيفات المصارف في الخارج في دول معظمها ذات درجات مخاطر سيادية اعلى مما يعرف بدرجة الاستثمار investment Grade، طبعاً هناك دول كسوريا والسودان والعراق غير مصنفة وذات مخاطر اعلى من مخاطر لبنان حالياً، لكن حصتها هامشية من مجمل النشاط الخارجي، وكذلك من اجمالي ميزانيات المصارف المجمعة، لذا تبقى المخاطر فيها محدودة جدا ومضبوطة جيداً، وتجدر الاشارة الى ان لجنة الرقابة على المصارف قامت منذ بداية الاضطرابات في المنطقة وبالتعاون مع المصارف اللبنانية المعنية، بتنفيذ عدد من اختبارات الضغط طاولت المصارف المتواجدة في مصر وسوريا والاردن وقبرص ومؤخراً تركيا. وقد شملت اختبارات الضغط محافظ القروض والتسليفات وتقلب اسعار القطع، وتدني قيمة الاصول المأخوذة كضمانة. كما طالبت اللجنة المصارف المعنية بتكوين مؤونات اجمالية نتيجة لهذه الاختبارات. ان هذه الاسواق واعدة للمستقبل ومن المفيد بالنسبة الى المصارف اللبنانية الحفاظ على مواقعها فيها.
وتتابع المصارف التنسيق مع السلطات المعنية النقدية والحكومية، بهدف وضع الأنظمة والتشريعات الكفيلة بتطوير المهنة المصرفية، وابداء الرأي في المشاريع والقوانين المتعلقة بالشؤون المالية والمصرفية، كونها منخرطة في العلومة، تلتزم المصارف تطبيق المعايير الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتميول الإرهاب. وهي تلتزم بالتعديلات التي تضعها هيئة التحقيق الخاصة المولجة بهذا الموضوع في لبنان. وهذه الهيئة بصدد إصدار تعاميم أو اقتراح مشاريع قوانين تتماشى مع النسخة الأخيرة من توصيات مجموعة العمل المالي التي تشكّل المرجعية الأساسية للمعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وهناك مشروع قانون خاص يتعلق بتبادل المعلومات الضريبية العائدة للتهرب الضريبي والاحتيال الضريبي غير المشمول بالقانون رقم 318 وافق عليه مجلس الوزراء، وهو حالياً قيد الدرس والمناقشة لدى اللجان البرلمانية المختصة. وتتعامل المصارف بالقدر اللازم مع الجدية وفقاً للقوانين النافذة والتأكيد على الالتزام بالمعايير الدولية وصيانة وتعزيز سمعة القطاع المصرفي. ومن التوجيهات الجديدة، نذكر اعتماد المقاربة المبنية على المخاطر وتحسين وزيادة الشفافية وتفعيل التعاون بين السلطات الدولية. وفي ما يخص قانون الامتثال الضريبي الأميركي (فاتكا FATCA) حول الحسابات التابعة لأشخاص يحملون الجنسية الأميركية، فقد تقرر قيام المصارف والمؤسسات المالية في لبنان بالتعاطي مباشرة مع إدارة الضرائب الأميركية لتبادل المعلومات، وقد بدأت المصارف بدراسة الإجراءات الضرورية تمهيداً لاعتمادها التزاماً بمتطلبات هذا القانون.