IMLebanon

صناعة النفط .. أنموذج السوق يواجه اختبارا وجوديا

StockMarkets
إد كروكس

يمكن أن ننظر إلى المعركة من أجل التفوّق في أسواق النفط العالمية على أنها مسابقة بين نماذج اقتصادية مختلفة: بين الحكومات والأسواق. حتى الآن، النظام القائم على السوق تماسك بشكل أفضل مما توقعه كثير من المراقبين عندما بدأت أسعار النفط الخام في الانخفاض. لكن الاختبار لم ينته بعد.

في البلدان الأعضاء في منظمة أوبك، يتم تحديد إنتاج النفط من قِبل الحكومات. لكن في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدّمة، سيطرة الحكومة على إنتاج النفط أقل ـ تقتصر على النفوذ غير المباشر من خلال الضرائب، والتنظيم، وحقوق الحفر.

ما يُنظّم إنتاج النفط في الاقتصادات المتقدّمة هو في الأساس الوصول إلى رأس المال. شركات التنقيب والإنتاج في الولايات المتحدة التي قادت ثورة الزيت الصخري هي الآن في الأغلب تعاني عجزا نقديا. وحتى قبل انخفاض أسعار النفط، كانت بحاجة إلى تدفقات داخلة مستمرة من رأس المال، واحتياجاتها الآن أكبر.

وعلى الرغم من انخفاض سعر النفط الخام المرجعي في الولايات المتحدة من أكثر من 107 دولارات للبرميل في حزيران (يوليو) الماضي إلى نحو 49 دولارا اليوم، لا تزال أسواق رأس المال تدعم صناعة الزيت الصخري.

لكن عددا قليلا من الشركات الأصغر أصبحت غير قادرة على تحمّل عبء ديونها. شركة الغاز القائمة في تكساس، كويكسيلفر ريسورسيز، دخلت الفصل 11 للحماية من الإفلاس الشهر الماضي.

سامسون ريسورسييز، شركة إنتاج النفط والغاز المدعومة من مجموعة الأسهم الخاصة KKR، قالت في تقريرها السنوي الأسبوع الماضي إنها تعمل على تقييم خياراتها من أجل إعادة هيكلة ديونها، وحذّرت من أنها ربما تتبع كويكسيلفر إلى الإفلاس.

لكن حتى الآن، هذه القصص لا تزال الاستثناء وليس القاعدة. الدعم المستمر من المستثمرين مكّن 22 شركة تنقيب وإنتاج من تعزيز ميزانياتها العمومية من خلال إصدار أسهم في الربع الأول. وتمكنت بهذه الطريقة من جمع 10.8 مليار دولار – وهو رقم قياسي، وفقاً لوكالة ديلوجيك. وكان إصدار السندات أقل إثارة، لكنه لا يزال قوياً بمقدار 9.08 مليار دولار، وهو أعلى مبلغ يتم جمعه في الربع الأول من أي عام منذ عام 2012.

كذلك عادةً ما يتم تأمين الإقراض المصرفي لشركات التنقيب والإنتاج الأمريكية مقابل احتياطياتها من النفط والغاز. ويتم إعادة حساب قيمة تلك الأصول على فترات منتظمة – عادةً مرتين في العام في الربيع والخريف، لذلك كثير من الشركات تجد قواعد الاقتراض لديها تتقلّص.

حتى مع ذلك، اقترضت شركات التنقيب والإنتاج الأمريكية 18.2 مليار دولار على شكل قروض مشتركة في الأشهر الثلاثة المنتهية في آذار (مارس): الأكبر بالنسبة للربع الأول مقارنة بأي عام آخر منذ عام 2008.

وتوجد أيضاً مجموعات الأسهم الخاصة التي جمعت عشرات المليارات من الدولارات للاستثمار في النفط والغاز، ما يمثّل مصدرا إضافيا كبيرا من رأس المال.

لكن تامار إيسنر، محللة الطاقة في الهيئة الاستشارية لعلاقات المساهمين في ناسداك، تقول إنها لاحظت اختلافاً في المواقف بين المستثمرين في عدة مجالات والمستثمرين المتخصصين في مجال الطاقة في مؤتمر “سكوتيا هاورد ويل” لمستثمري الطاقة في نيو أورليانز الشهر الماضي. وقالت إيسنر إن المستثمرين في عدة مجالات كانوا أكثر تفاؤلاً بشأن آفاق النفط، وذلك جزئياً لأنهم كانوا يقارنون القطاع بالسوق الأوسع.

مؤشر ستاندر آند بوزر لقطاع التنقيب والإنتاج، الذي يتضمن كثيرا من شركات إنتاج الزيت الصخري الرئيسية في الولايات المتحدة، مثل كونوكو فيليبس، وإي أو جي للموارد، وأناداركو بتروليوم، وديفون للطاقة، انخفض بنسبة 36 في المائة عن ذروته في حزيران (يونيو) الماضي، مقارنة بارتفاع يبلغ نحو 5 في المائة في مؤشر ستاندر آند بورز 500 الشامل خلال الفترة نفسها، ما يجعل أسهم شركات النفط تبدو جذّابة.

مع ذلك، أضافت إيسنر، أن المستثمرين المتخصصين كانو أكثر حذراً من التوقعات، لأنهم كانوا أقل ثقة بحدوث أي انتعاش في أسعار النفط.

ويبدو أن أسعار أسهم شركات النفط تتأثر أكثر بوجهات النظر التي تميل إلى الإيجابية. ووفقاً لمصرف آر بي سي، تقييمات الأسهم لشركات النفط المستقلة الكبيرة تعني سعرا على الأمد الطويل يبلغ 87 دولارا للبرميل للنفط الخام الأمريكي المرجعي، ونحو 85 دولارا للبرميل، وفقاً لباركليز. ويزيد هذا نحو 75 في المائة من السعر قصير الأجل في سوق العقود الآجلة، وأكثر من 30 في المائة أعلى من السعر لشهر كانون الأول (ديسمبر) 2020 البالغ نحو 65 دولارا للبرميل.

ويرى محللون في باركليز أن الفجوة بين أسعار سوق العقود الآجلة وتوقعات مستثمري الأسهم لا بد أن تضيق مع مرور الوقت، ويقولون إنهم يرون “انخفاضاً كبيراً” في أسعار أسهم شركات التنقيب والإنتاج.

في الوقت نفسه، أسعار الفائدة المنخفضة تؤدي إلى تخفيض تكاليف الاقتراض بالنسبة للشركات وفي الوقت نفسه تُساعد المستثمرين المحتملين، مثل الأسهم الخاصة. لكن لا يبدو أن هذه الظروف المالية المواتية يمكن أن تتعرض لأي خطر وشيك بأن تصل إلى نهايتها. فالعلامات الدالة يوم الجمعة الماضي على انخفاض نمو التوظيف في الولايات المتحدة تُشير إلى أن أسعار الفائدة يمكن أن تبقى منخفضة لمدة أطول مما كان يُعتقد في الآونة الأخيرة.