IMLebanon

رئيس اتحاد الصناعة الألماني: معارضة اتفاقية التجارة الحرة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي «انفصام في الشخصية»

usa-europe

تشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الألمان يعارضون مشروع اتفاقية تحرير التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المعروفة باسم «اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر المحيط الأطلسي».
ومنذ انطلاق مفاوضات هذه الاتفاقية العام 2013 ووضع مسودة لها، تعرضت لانتقادات واعتراضات حادة يوجد أقواها في ألمانيا. وأدت المخاوف العديدة من هذه الاتفاقية إلى خفض العديد من المعايير والقول إن آلية تسوية منازعات المستثمرين المقترحة ستتيح للشركات تغيير القواعد التي تحد من نشاطها.
لكن أورليخ جريللو رئيس اتحاد الصناعة الألماني أن معارضي اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر المحيط الأطلسي يتجاهلون حقيقة أن الصادرات تمثل أساس النجاح الاقتصادي لألمانيا. وجاء تصريحه هذا في لقاء صحفي معه وهنا مقتطفات منه:
■ لماذا لا تنحسر هذه الانتقادات الموجهة إلى الاتفاقية؟
■ الكثيرون من الأشخاص هنا (في ألمانيا) ينسون أساس ازدهارهم الاقتصادي. ولكن باعتبار بلادهم أكبر دولة مصدرة في أوروبا، فهي تستفيد بشدة من التجارة الحرة. فهناك وظيفة من بين كل 4 وظائف في ألمانيا تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على الصادرات. لذلك فإن وجود أكبر الحركات المناهضة للتجارة الحرة في ألمانيا يشير بوضوح إلى حالة انفصام في الشخصية (شيزوفرينيا) لدى الألمان.
■ الأمر يبدو كما لو كان هناك خطأ في طريقة الترويج إعلاميا للاتفاقية؟
■ كان الخطأ من طرفي التفاوض على جانبي المحيط الأطلسي اذ فرضا سياجا من السرية على التفويض الخاص بالمفاوضات لفترة طويلة، فأعطى ذلك انطباعا بعدم الشفافية. يجب أن يتمكن المواطنون من تكوين فكرة عن أهداف ومحتوى اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر المحيط الأطلسي. وبالفعل فقد أعلنت سيسيليا مالستروم المفوضة التجارية الأوروبية الجديدة أنه سيتم الكشف عن التفويض قريبا جدا وذلك بعد توليها المنصب. وأي مناقشة حقيقية ستكون ممكنة فقط مع وجود مزيد من الشفافية، وإلا فستنتشر الشكوك ةالإشاعات والمبالغات التي يصبح التخلص منها مرة أخرى أمرا مستحيلا.
■ إذن معنى هذا أن كل الأمور تتحسن في ظل مالستروم؟
■ أعتقد أن المفوضة التجارية الجديدة مفيدة… فهي تعلن تفاصيل المفاوضات بصورة أكبر.
■ هل تم التوصل إلى أعلى مستويات الشفافية الآن؟
■ اعتقد أننا الآن على الطريق الصحيح. بعض الناس تقول إنهم يريدون معرفة كل شيء. لكن بالطبع فإن الأوروبيين لا يمكنهم خوض كل المفاوضات علنا ولا يمكنهم الإعلان عن النتائج المرحلية للمفاوضات لأن هذا يضعف موقفهم التفاوضي.
■ هل يمكن رفض كل الانتقادات الموجهة إلى مسودة الاتفاقية؟
■ بالطبع هناك أسئلة ومخاوف مشروعة وحجج جادة يجب احترامها في المفاوضات. لكن هناك أيضا انتقادات تستند على معلومات خطأ ودعاية موجهة رخيصة سواء كان ذلك بشكل واع أو بدون وعي. لكنني اعتقد أن أغلب المشككين في اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي مستعدين لتقبل الحجج. ولذلك يجب التواصل مع كل من مؤيدي ومعارضي الاتفاقية مناقشتهم وإقناعهم. اعتقد ان الكثير من المخاوف القائمة لا أساس لها.
■ من منظور الصناعة الألمانية، ما هي الموضوعات المهمة التي يجب الاتفاق بشأنها في المفاوضات؟
■ تخفيض الرسوم الجمركية والتعاون في القواعد المنظمة للنشاط الاقتصادي وللمناقصات العامة وحماية المستثمرين من الموضوعات المهمة. وبالنسبة للصناعة الألمانية، فإن حماية المستثمرين أمر لا غنى عنه وخاصة عندما يتعلق الامر بالاستثمارات الأجنبية في مواجهة المخاطر السياسية. وبالطبع لا يمكن أن تحد أي اتفاقية من حرية الحكومات الأوروبية في التصرف.
■ يقول المنتقدون إن الشركات الكبيرة فقط هي التي ستستفيد من بند آلية تسوية المنازعات بين الدولة والمستثمرين في الاتفاقية المنتظرة؟
■ بنود حماية المستثمرين هي ابتكار ألماني موجود منذ عقود. وستستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة إذا تمت حماية استثماراتها ضد المخاطر السياسية.
■ لماذا إذن الانتقادات؟
■ هناك ثغرات في اتفاقية حماية المستثمرين وعمليات التحكيم القائمة مثل غياب الشفافية وكذلك غياب آلية الاستئناف على القرارات. وإذا كانت النتيجة التي سيصلون إليها، هي أنه لا يجب حتى التفاوض بشأنها في إطار اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية، فلن يتغير شيء. علينا نحن الأوروبيين سد الثغرات بشكل مشترك مع الأمريكيين. لذلك علينا إيجاد بند حديث لحماية المستثمرين وهو ما يمكن أن يمثل نموذجا لاتفاقيات مع دول أخرى.
■ هناك مناقشات عديدة حول الأرقام بشأن الاتفاقية. ما الذي يمكن أن تقدمه الاتفاقية بالفعل لكل من اقتصاد ألمانيا وأوروبا؟
■ الأمر المهم هو أن اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر المحيط الأطلسي ستوفر النمو الاقتصادي ولذلك ستوفر الوظائف والازدهار. وإذا لم نعزز العلاقات التجارية عبر المحيط الأطلسي، فإن الأمريكيين سيتجهون بشكل متزايد نحو آسيا وغيرها من المناطق الصاعدة في العالم على حساب أوروبا. القوة الاقتصادية لأوروبا ستتراجع في المستقبل. لكن الكثيرين من الناس لم يدركوا ذلك حتى الآن. ومع اتفاقيات التجارة الحرة مثل اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر المحيط الأطلسي يمكننا تعزيز موقفنا في الاقتصاد العالمي ونساعد في توفير الظروف المنظمة لحركة السلع ورؤوس الأموال في القرن الحادي والعشرين.
■ هل تتقدم مفاوضات تحرير التجارة بالسرعة الكافية؟
■ يجب الاتفاق على الإطار السياسي لهذه الاتفاقية بنهاية العام الحالي. أتمنى أن تكون المستشارة الألمانية (أنجيلا ميركل) عند كلمتها. لكن لا يمكن أن يعني هذا القفز على الموضوعات المهمة المطروحة على مائدة التفاوض.
■ لماذا يجب التوصل إلى هذا بنهاية 2015؟
■ الانتخابات الأمريكية ستتم في 2016 وهذا أحد الموضوعات المهمة. الموضوع الثاني هو اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تتفاوض الولايات المتحدة بشأنها مع 12 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ويسعى أطرافها على عقدها خلال الصيف المقبل، وهذا جدول زمني يمثل نوعا من الضغط على الأوروبيين.