IMLebanon

إعتماد التصدير البحري “متأخر”.. بانتظار “الإتصالات”

TradePort

خضر حسان

التصدير براً مستمر. لطالما كرّر المعنيون هذه العبارة، تحدياً للموت وللجماعات المسلحة. ليس الأمر بطولة “دونكيشوتية”، بل لأن لقمة العيش تستحق المخاطرة.
المخاطرة تلك ظهرت من خلال احتجاز سائقين لبنانيين عند الحدود السورية الأردنية، مرتين، بفاصل زمني لا يتعدى 6 أشهر. ففي المرة الأولى احتجز السائقون بشكل غير مباشر، عند نقطة معبر “نصيب”، نتيجة وقوعهم وسط اشتباكات بين الجيش السوري وجماعات مسلحة، أما المرة الثانية فشهدت إحتجازاً مباشراً للسائقين انتهى اليوم بإطلاق سراحهم.
الخطف لم يُختصر بإحتجاز سائقين وشاحنات، بل هو علامة سوداء جديدة على سجل الإقتصاد اللبناني، تُرفق مع التقارير المتراكمة حول أزمة اختطاف السائقين. وتراكم العلامات السوداء لا يحرّك المسؤولين السياسيين من سباتهم، إلا عند إنعدام الرؤية، ووصول الأمور الى جملة تعقيدات قد يستحيل التوصل معها الى خواتيم سعيدة. فالأزمة الحالية استبقت بتحذيرات من قبل سائقي الشاحنات وجمعية المزارعين، ومن جانب صناعيين، وأطراف ذات صلة بالموضوع، غير ان الأذن الرسمية صمّاء. وعلى مدى أكثر من عامين، كانت الأصوات ترتفع مطالبة بإيجاد حلّ بديل لتصدير البضائع اللبنانية الى الدول العربية عبر سوريا والأردن، لأن الخطر يزداد مع مرور الوقت، وكان البحر هو الحل الأنسب. فإقترحت “جمعية المزارعين” “التصدير بواسطة عبّارات تشتريها الدولة وتكلّف شركات لإدارتها، بإشراف “إيدال” (المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان)، لكن لم يسمع إقتراحنا أحد”، وفق ما يشير إليه رئيس الجمعية انطوان حويك، الذي يضيف خلال حديث لـ “المدن”، ان “وزير الزراعة السابق حسين الحاج حسن عرقل سير هذا الإقتراح، لكن الوزراء اليوم عادوا لتبنّيه، لأنهم “فاتوا بالحيط” ولم يعد أمامهم سوى هذا الحل. علماً انهم لم يذكروا جمعية المزارعين ولم يدعونا الى أي اجتماع لمعرفة رأينا”. وبالرغم من ذلك، يؤكد حويك أن تبنّي هذا الخيار يجب ان يترافق مع دعم كامل من الدولة، فالدولة “يمكنها على سبيل المثال دفع كلفة نقل البضائع من لبنان الى مصر، والتاجر اللبناني يتكفّل بمصير البضائع بعد ذلك، وكأنه يبيعها من لبنان، فالكلفة لن تتغيّر”. ويأسف حويك لتأخّر الحديث عن هذا الحل، “ولو كنا قد اعتمدناه قبل ذلك، لكنّا وفّرنا الكثير، ولما كان الإقتصاد تأثر، والمستثمرون كانوا سيبقون في لبنان، على عكس ما يحصل اليوم نتيجة المخاطر”، لكن “الحل وُضع على السكة الصحيحة”.
السكة الصحيحة تمثّلت بإعلان وزير الزراعة أكرم شهيّب الإتفاق على “دعم النقل البحري لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد من قبل الحكومة عبر “إيدال” التي تهتم بالموضوع، لناحية الشق الزراعي، وسوف نرى ماذا يمكننا أن نفعل بالنسبة لشق المنتج الصناعي أيضا”. والنقل البحري بحسب شهيّب هو “الخيار الوحيد المتاح اليوم لنقل الإنتاج اللبناني إلى الخليج عبر البحر، إما عبر قناة السويس أو عبر أحد الموانئ المصرية ومنها إلى الخليج، بأقل كلفة وبأسرع وقت، حتى يستطيع الإنتاج اللبناني أن يستمر بالمنافسة مع إنتاج يغرق الأسواق في شمال أفريقيا أو في الخليج العربي من أوروبا في هذا الظرف السياسي أيضاً، وموضوع اليورو وتأثيره”.
الا ان الحل الذي أعلنه شهيّب خلال إجتماع عقد اليوم بينه وبين وزراء الصناعة حسين الحاج حسن، والإقتصاد والتجارة آلان حكيم والأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، ومع الجمارك والنقل البحري ونقابات زراعية وصناعية، لم يدخل حيّز التنفيذ بعد، وينتظر موافقة الأطراف المعنية به، وهي من الجانب اللبناني، مجلس الوزراء، الذي يجب ان “يتخذ قراراً في هذا الشأن” بعد معرفة “السعر الحقيقي في موضوع النقل البحري والفرق عن السعر الزائد على النقل البري”، ولضمان حسن سير العمل، “سوف يحصل إجتماع تنسيقي بين الجهات المعنية، حتى نصل إلى كلام واضح في الموضوع المالي وإلى تنسيق عملية التصدير، الزراعي والصناعي، في تنظيم كامل كي لا يحصل خلل في النقل كما حصل سابقاً في 2012، حيث توقفت عملية النقل في العبارات من الموانئ اللبنانية إلى مصر”. ومن جهة أخرى، فإن موافقة مجلس الوزراء على هذا الحل، لا تعني التنفيذ، لأن ذلك متوقف على الرد الرسمي لكلّ من مصر والعراق والسعودية، في ما يخص تسهيلات العبور وتخفيف الإجراءات الجمركية، وهو ما سيعمل على تذليل عقباته بإتصالات مع الجهات المذكورة، يجريها الوزيران زعيتر وحكيم.
الى حين المباشرة بتنفيذ الحلول، ينتظر اللبنانيون حل أزمة “حوالي 300 شاحنة عالقة بين الأردن والسعودية والكويت”، ومن المتوقع بحسب ما يقوله نقيب أصحاب الشاحنات شفيق القسيس، “إعادة السائقين عبر الجو، وإبقاء الشاحنات في مكانها، ريثما نجد الحل الأنسب”. وحول ارتفاع أسعار البضائع اللبنانية نتيجة زيادة كلفة النقل، يشير القسيس لـ “المدن” الى ان “الكلفة لن ترتفع إذا دعمت الدولة هذا الحل، وحتى وإن ارتفعت قليلاً، فلن تؤثر على التصدير”.
وإنتظار الحل بوقت قريب، يعيد التذكير بمشكلة تعاطي المسؤولين مع الأزمات بطريقة إرتجالية، بعيدة عن التخطيط المسبق… وهذا ربما يكون أمراً غير بريء.