IMLebanon

عجز “الكهرباء” ملياري دولار..وموازنتها لم تلحظ انخفاض النفط

ElectricityLeb2

حنان حمدان

لا شك في أن لبنان يعتمد في تأمين مصادر الطاقة على المشتقات النفطية، التي تتأثر أسعارها بهبوط وصعود الأسعار العالمية للنفط، وبما أن لبنان بلد مستورد ومستهلك لشتى أنواع الطاقة، فإن هبوط الأسعار العالمية يمكن أن ينعكس إيجاباً على تقليص عجز الموازنة العامة ولاسيما موازنة مؤسسة كهرباء لبنان.
ففي وقت تُشكل كلفة الفاتورة النفطية نحو 75 في المئة من إجمالي نفقات مؤسسة كهرباء لبنان، ويقدر عجز المؤسسة بملياري دولار سنوياً، تشهد أسعار النفط العالمية إنخفاضاً، من شأنه أن ينعكس إيجاباً على كلفة عجز الكهرباء، بانخفاض هذا العجز بنحو 650 مليون دولار (1000 مليار ليرة) من أصل ملياري دولار.
لكن ما يثير الإستغراب، أن هذا الإنخفاض لم يُلحظ من قِبل الإدارة المالية في مؤسسة كهرباء لبنان عند إعداد موازنة العام 2015، ولم تلحظ اي تعديلات طارئة على أرقام الموازنة، وكأن أسعار النفط ما زالت على حالها. فقد تم احتساب سعر برميل النفط على أساس 80 دولاراً وليس على أساس سعره الحالي، ما يثير الشكوك في أن تستخدم الإعتمادات المرصودة في وجهات إنفاق أخرى ويتم هدر الوفر المتوقع.

في عملية حسابية بسيطة، نجد أن أسعار النفط العالمية شهدت إنخفاضاً بنسبة 50 في المئة في العام 2014، وبدأت أسعار البرميل بالهبوط من 112 إلى 55 دولاراً كمعدل وسطي، وبالتالي لا بد من تقليص عجز المؤسسة بنسبة مساوية لنسبة إنخفاض أسعار المحروقات. وعليه، تقدر نسبة إنخفاض العجز بمليار دولار، وفق ما قاله الخبير النفطي ربيع ياغي في حديث لـ “المدن”.

التأثير المباشر لإنخفاض أسعار النفط لم يقتصر فقط على كلفة الإنفاق في المؤسسة، وفق موظف وزارة المالية السابق، مروان القطب، وإنما تعدّاه إلى تقليص عجز الموازنة العامة وتراجع العجز في الميزان التجاري، “ففي حال حافظت أسعار النفط على إنخفاضها، سيتراجع عجز مؤسسة الكهرباء بمقدار 650 مليون دولار، ما يسهم في تحسين أوضاع المالية العامة، وبالتالي تقليص حجم الإنفاق الجاري بحدود 5 في المئة، والحد من زيادة العجز في الموازنة العامة”. من ناحية أخرى فإن “قيمة المحروقات المستوردة في العام 2013 بلغت نحو 5 مليارات دولار وفقاً لأرقام إدارة الجمارك، أي ما يعادل 24 في المئة من إجمالي السلع المستوردة، وذلك على أساس متوسط سعر 109 دولارات للبرميل، وبالتالي فإن إنخفاض الأسعار بمعدل 50 في المئة من شأنه تقليص كلفة المستوردات من النفط، وسيساهم في تراجع العجز في الميزان التجاري”. الأمر الذي يعتبره القطب “وسيلة مهمة لتخفيف الضغط عن الليرة والحفاظ على ثبات سعرها واستقرارها، على إعتبار أن المدفوعات لشراء المحروقات تتم بالعملة الأجنبية، لاسيما في حال أضفنا إليها مشتريات الكهرباء من المحروقات”.

من ناحيته يصف ياغي فترة إنخفاض النفط بالمرحلة المؤقتة على إعتبار أنها ستعاود الإرتفاع لاحقاً نظراً لأهمية النفط في الإقتصاد العالمي. وستتراوح الاسعار حتى نهاية هذا العام بين 55 و60 دولاراً للبرميل، كمعدل وسطي لخام برنت المرجع الرسمي لتسعير المشتقات النفطية المستوردة إلى لبنان، وفق ياغي. ولا بد لمؤسسة كهرباء لبنان من أن تستفيد من هذه المرحلة، كما يمكن للبنان أن يستفيد من هبوط الأسعار العالمية للعملات تجاه الدولار، على إعتبار أن لبنان هو دولة “مدولرة” وإستيراد مختلف المواد يتم بالدولار.

بالعودة إلى تفاصيل موازنة الكهرباء للعام 2015، فإن مجموع نفقات المؤسسة هي 4461 مليار ليرة أمّا الإيرادات المتوقعة خلال العام الحالي فتبلغ نحو 1438 ملياراً، أي أن العجز الحاصل بين النفقات والإيرادات هو 3000 مليار ليرة. ولا شك في أن قطاع الكهرباء يستنزف موارد الخزينة اللبنانية، وهذا الإستنزاف لا بد من وقفه، عبر البحث عن آليات جديدة لخفض العجز وتحسين أداء المؤسسة. وعلى أي حال، فإن موازنة كهرباء لبنان تحتاج الى دعم من الخزينة بمقدار نحو 3000 مليار ليرة (ملياري دولار) وصولاً الى تحقيق التوازن وسد عجز المحروقات، على إعتبار أن العجز يستخلص من الفارق الناتج من طرح الإيرادات من النفقات. ولم يقتصر أثر إنخفاض سعر النفط على الكهرباء فقط، وإنما إلى معظم السلع والخدمات التي تدخل ضمن كلفتها الإجمالية كلفة المحروقات. فهل سنلحظ أي إمكانية لخفض الدعم المخصص لمؤسسة كهرباء لبنان نتيجة لانخفاض فاتورة المحروقات، وكذلك الإنفاق العام لجميع الوزارات من خلال الموازنة العامة لهذا العام؟