Site icon IMLebanon

لبنان وقطاعه المصرفي في دائرة الخطر: لاقرار القوانين قبل ت1 وإلا سندرج على لائحة الدول المقصرة


إبراهيم عواضة

تشكّل هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان (وحدة الاخبار المالي اللبنانية) مظلة حماية للقطاع المالي والمصرفي اللبناني منذ تاريخ إنشائها في العام 2001، بموجب القانون رقم 318 المتعلق بمكافحة عمليات تبييض الأموال.
وتستمر الهيئة في عملها منذ هذا التاريخ بزخم وقوة، إن على الصعيد المحلي، أو في المحافل الإقليمية والدولية حيث يحظى حضورها بقسط واف من التقدير، والتنويه بالدور الذي قامت وتقوم به في حماية القطاع المصرفي اللبناني من خلال التزام لبنان بكل المعايير الصادرة عن مجموعة «اغمورنت» أو «فاتف» أو «فيافتف».
إلا ان مسؤوليات اللجنة كبرت في السنوات القليلة الماضية، لا سيما مع تزايد الاهتمام العالمي بمسألة مكافحة عمليات تمويل الإرهاب حيث تنخرط المصارف اللبنانية في مكافحة الإرهاب من خلال مكافحة تبييض الأموال، وهي مدعوة في الفترة الزمنية القصيرة المقبلة إلى الالتزام بمعايير جديدة وتوجيهات واطار عام جديد لتقييم مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بحسب ما صدر عن مجموعة «فاتف».
والمسألة المهمة في هذا السياق، أي مسألة مكافحة جرائم تمويل الإرهاب ان لبنان سيكون على موعد هام ومركزي في شهر تشرين الأوّل المقبل، حيث عليه ان يتقدّم من مجموعة العمل المالي (غافي) بتقرير مفصل يذكر فيه ما اتخذه من إجراءات تشريعية وقانونية في مجال تطبيقه للتوصيات الـ40 التي صدرت عن مجموعة العمل المالي، الخاصة بالمعايير الدولية الجديدة التي على الدول الالتزام بها، والا اعتبرت الدولة المقصرة في التطبيق من الدول غير الملتزمة بمكافحة عمليات تمويل الإرهاب.
«اللواء» حملت ملف هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان (الإنجازات والاخفاقات والاستحقاقات) إلى أمين سر الهيئة عبدالحفيظ منصور وكان لها معه الحوار الآتي:
عن مسيرة الهيئة منذ تاريخ وجودها في العام 2001، وإن كان ما أنجزته كافياً لتحصين لبنان وقطاعه المصرفي ضد عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟ يقول منصور: لبنان كان من الدول المبادرة في المنطقة العربية على مستوى وضع التشريعات الخاصة بمكافحة عمليات تبييض الأموال من خلال القانون رقم 318 الذي نصّ على إنشاء هيئة التحقيق الخاصة. وبموجب القانون المذكور أصبح لبنان خارج لائحة الدول غير المتعاونة، كما ان القانون المذكور حافظ على السرية المصرفية في الوقت الذي كانت هذه السرية مستهدفة، وهي فعلاً سقطت في العديد من الدول.
منذ العام 2001، ولتاريخه سمح للهيئة ان تقوم بكل المهام المطلوبة منها على الصعيد الداخلي، فمارست رقابة صارمة على عمليات تبييض الأموال، والتزمت بمتابعة الملفات التي تردها من الهيئات المحلية المعنية (بالابلاغ)، أي المؤسسات المالية والمصرفية بشكل أساسي، ملتزمة في عملها نصوص القانون الذي سمح لمصرف لبنان ان يصدر تعاميم للمصارف يوضح من خلالها آليات العمل التي تمكن المصارف من مواجهة عمليات تبييض الأموال وإجراءات المكافحة. وعلى هذا الأساس تتعاون هيئة التحقيق الخاصة مع المصارف والمؤسسات المالية.
يتابع منصور: ان عملنا هو عمل مستمر مثال أي قانون، ويمكن القول ان عملنا يتطور، نحن بدأنا في العام 2001 على أساس مكافحة عمليات تبييض الأموال، لكن بعد عملية 11 أيلول في الولايات المتحدة الأميركية دخل على خط عملنا موضوع مكافحة تمويل الإرهاب، وعلى هذا الأساس حصل طيلة الفترة الماضية تعديل يتيم ومحدود على القانون 318 وذلك في العام 2003 قضى بإدخال جريمة مكافحة تمويل عمليات الإرهاب في صلب مهامنا.
يضيف أمين سر هيئة التحقيق الخاصة: خلال السنوات الماضية وضع فريق مجموعة العمل الدولي معايير دولية جديدة في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، يفترض بجميع الدول ان تتقيد بها كي تعتبر دول ملتزمة، وعلى هذه الدول ان تترجم التوصيات التي وضعتها مجموعة الـ40 وفريق مجموعة العمل المالي من خلال تشريعات محلية وإلا تعرّضت إلى المساءلة.وعن التزام لبنان التوصيات الجديدة يقول منصور: لدينا حتى الساعة بعض «النواقص». آخر عملية تقييم خضع لها لبنان من قبل فريق مجموعة العمل المالي كانت في العام 2009 الماضي، حيث اطلع أعضاء الفريق المكوّن من خبراء في المال والقانون والقضاء، وحتى الشرطة على مدى شمولية القوانين اللبنانية للمعايير (المراجعة التقنية)، حيث يطلع الفريق على التطبيق والفعالية على أرض الواقع، وهذه العملية لها متابعة حثيثة كل 4 سنوات (متابعة دولية) حيث نسأل عن «النواقص» بموجب تقرير محدد.
ويقول منصور: ان التقييم الذي تمّ أظهر وجود ثغرات عديدة حتى الساعة، لذا قمنا بتحضير مشاريع قوانين ذات صلة لسد هذه الثغرات منها:
اولاً: إقرار تعديلات على القانون 318، لناحية توسيع نطاق مكافحة تبييض الأموال ليشمل معظم الجرائم المالية، بما فيها حماية الملكية الفكرية ولناحية توسيع موجب التصريح ليشمل قطاعات مهنية جديدة (كتاب العدول، المحامين وخبراء المحاسبة القانونيين)، وذلك انسجاماً مع معايير لجنة «غافي»، إضافة إلى زيادة قيمة الغرامات المالية.
ثانياً: إقرار مشاريع القوانين الموجودة لدى المجلس النيابي ذات الصلة بمكافحة تمويل الإرهاب، وهذه المشاريع هي:
1- مشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 8002 تاريخ 23 نيسان 2012 والمتعلق بتبادل المعلومات الضريبية.
2- مشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 7983 تاريخ 14 نيسان 2012 المتعلق بنقل الأموال عبر الحدود.
3- مشروع القانون المتعلق بانضمام لبنان إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب لعام 1999.
ويقول منصور ان من شأن إقرار هذه القوانين ان ينجح لبنان في شهر تشرين الأوّل المقبل في تفادي مساءلة من قبل «غافي» أو «المينافاتف» أو من قبل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCOE) أو غيرها من المحافل الدولية.
وتالياً ان يتلافى إدراج اسمه على لائحة الدول «المقصرة» أو غير الممتثلة، وهذا الأمر بحد ذاته إذا حصل لا سمح الله، من شأنه ان يسيء إلى سمعة القطاع المصرفي اللبناني.
ويضيف: ان شاء الله ننجح في تخطي «دائرة الخطر» فرئيس الهيئة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتابع هذا الموضوع عن قرب وبدقة، وهو أجرى العديد من الاتصالات مع كبار المسؤولين وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، ورئيس الحكومة تمام سلام والقيادات السياسية بهدف حثهم على سرعة إقرار مشاريع القوانين الآنفة الذكر، لذا نأمل بالوصول إلى «منظومة» كاملة متكاملة من التشريعات القانونية التي تحمي لبنان وقطاعه المصرفي، وذلك قبل شهر تشرين الأوّل المقبل.
ويتابع منصور بالقول: ربما نكون قد تأخرنا في إنجاز ما هو مطلوب منا في مسألة مكافحة تمويل الإرهاب، لا سيما وأن هذه المسألة استجدت هذه السنة، الا اننا على ثقة ويقين بأن المجلس النيابي سيقوم بمسؤولياته وينجز المطلوب في أقرب وقت ممكن.
ويكشف أمين سر هيئة التحقيق الخاصة أخيراً عن مستجد طارئ امام الهيئة، وهو مسألة القرصنة الالكترونية، ويشير إلى تفشي هذه الجريمة التي لم تعد تقتصر على العمليات المصرفية، إنما تعدت ذلك لتصل إلى العمليات التجارية.
ويقول منصور ان الهيئة بصدد إصدار إعلام إلى المصارف والجمهور للتحذير من مخاطر هذه الجريمة، وتالياً تحديد إجراءات الوقاية منها.