Site icon IMLebanon

“تعديل رسم العبور”… قد يفتح معبر “نصيب”

NassibBorder2
عزة الحاج حسن
لطالما حصد لبنان ثمار موقعه الجغرافي، ولطالما تمّ التّغني بهذا الـ”لبنان” الممدّد على شاطئ البحر المتوسط، لكن أن يتحوّل موقعه نفسه من نعمة إلى نقمة على اقتصاده واقتصادييه ومستهلكيه، فهذا ما لم يكن في الحسبان.
موقع لبنان في جوار سوريا كان سبباً كافياً أخيراً، لتراجع حركته التجارية، وربما لتدهورها، لاسيما الصادرات منها. فإذا استثنينا سوريا من خرائط الطرق التي تسلكها الصادرات اللبنانية إلى موطن مستورديها، يصبح البحث في أرقام صادرات لا قيمة لها، أما إذا أضفنا المنافذ والمعابر السورية التي تسلكها البضائع اللبنانية الى الدول المستورِدة، فيتحول البحث الى مليارات الدولارات، وهي أرقام تشكّل، بلا أدنى شك، سنداً قوياً وأساسياً للإقتصاد اللبناني.
ورغم أن لبنان يعدّ بلداً مستورداً لا مصدّراً، إلا أن الصادرات اللبنانية لا يُستهان بها، إذ تصل قيمتها الى حوالي 4 مليارات دولار سنوياً، ويتم تصديرها، في مجملها، براً عبر سوريا المنفذ البرّي الوحيد للصادرات اللبنانية، وهنا بيت القصيد.
إغلاق معبر “نصيب” عند الحدود السورية الأردنية، لم يكن فاتحة الإنتكاسات التي لحقت بالصادرات اللبنانية، وربما لن يكون آخرها. فالإنتكاسات بدأت منذ أعوام عديدة مع انخفاض الطلب على البضائع اللبنانية في بعض أسواق الإستيراد نتيجة سوء الأوضاع الأمنية، وارتفاع تكاليف التصدير عبر الأراضي السورية لما تواجهه من مخاطر، ثم شهدت تراجعاً عام 2014 بنسبة 18 في المئة، بسبب تأزم الأوضاع الأمنية إقليمياً، لاسيما بعد إغلاق الحدود السورية العراقية، واليوم أُغلق آخر المعابر البرية أمام الصادرات اللبنانية، وهو معبر “نصيب” الذي يمرّ من خلاله أكثر من 300 ألف طن من الصادرات اللبنانية سنوياً.
ومع إغلاق معبر نصيب الحدودي في وجه الصادرات اللبنانية، تُصبح خيارات التصدير محدودة وشبه محصورة في البحر، وهو ما يعتبره المصدّرون خياراً غير منطقي، إذ أن تكاليف التصدير في البحر مرتفعة جداً تقارب 2500 دولار للشُحنة الواحدة، ناهيك عن تأخر وصول البضائع من 10 أيام الى شهر تقريباً. وفي جولة سريعة على حجم ووُجهة الصادرات اللبنانية عبر الحدود السورية – الأردنية، فمعبر “نصيب” كان يشهد يومياً قبل إغلاقه قرابة 50 شاحنة لبنانية تتوزّع بين منتجات صناعية وزراعية، وتتّجه الى أسواق في العراق والسعودية والإمارات العربية المتحدة، وجنوب أفريقيا، وطبعاً الأردن.
وتحل المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى على جدول الصادرات اللبنانية، فهي تستورد 40 في المئة من الصادرات اللبنانية أي بنحو 377 مليون دولار سنوياً، تشمل المأكولات الجاهزة والمشروبات والمعدات والآلات الكهربائية. وتلي السعودية من حيث حجم الإستيراد من لبنان، الإمارات العربية المتحدة التي تستورد سنوياً بضائع من لبنان بقيمة 320 مليون دولار، تشمل المجوهرات والأحجار الكريمة، والمنتجات الكيميائية. ثم يأتي العراق من حيث ترتيب الأسواق العربية أمام الصادرات اللبنانية، وهو يستورد الخضار والفواكه اللبنانية، إضافة الى المنتجات الكيميائية، ثم تأتي دولة جنوب أفريقيا إذ تستورد نحو 297 مليون دولار من السلع اللبنانية سنوياً، غالبيتها أحجار كريمة ومعادن ثمينة ولؤلؤ، أما الأردن فيستورد من لبنان بنحو 130 مليون دولار سنوياً تشمل المنتجات الكيميائية والخضار والفواكه.

كل تلك الأرقام التي تجنيها الصادرات الصناعية معرّضة للتراجع الكبير وربما الى الإنهيار، ما لم يُستأنف التصدير عبر المعابر البرية لاسيما معبر “نصيب”، الذي تم إغلاقه تزامناً مع تصدير الموسم الجديد من بعض أصناف الفواكه، وتزامناً أيضاً مع حاجة لبنان الى استيراد البطاطا والبندورة والخضار، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول أثر استمرار إغلاق المعبر، على السوق اللبنانية الداخلية.
غير ان فاجعة إغلاق آخر المعابر البرية أمام الصادرات اللبنانية، لم تمحِ بعض التفاؤل والأمل اللذين يدوران في كواليس الصناعيين والتجار، إذ كشف أحد أعضاء غرفة تجارة بيروت في حديث لـ “المدن” احتمال استئناف فتح معبر “نصيب” أمام البضائع اللبنانية بالتنسيق مع الجهات المعنية بالأردن مقابل رفع تعرفة العبور وتنظيمها، وهو ما يُعتبر بحسب “المصدر” “أهون المصائب” أي أنه الحل الأقل سوءاً.