ركود في الأسواق وارتفاع سعر التبادل وتأخر صرف الرواتب
بغداد- وكالات: قال البنك المركزي العراقي امس إنه قرر اتخاذ إجراءات بهدف وقف تراجع العملة المحلية (الدينار) أمام الدولار في سوق الصرف المحلية، من خلال مضاعفة حصة شركات الصرافة في مزادات بيع النقد الأجنبي. وفتح منافذ لبيع الدولار في عدد من المصارف الحكومية.
وتراجع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي في سوق الصرف المحلى ليصل إلى أدنى مستوياته خلال عامين تقريبا. وبلغ سعر الدولار اول أمس 1350 دينارا وذلك مقابل 1280 دينارا في الأسبوع الماضي بارتفاع 5.5 في المئة. وأضاف البنك أنه قرر السماح لمصارف الرافدين، والرشيد، والعراقي للتجارة (حكومية) بفتح منافذ لبيع الدولار لشركات وصغار المستوردين.
وفي تقرير صادر فى 19 مارس / آذار الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العراقي إلى 1% خلال العام الجاري، من توقعات سابقة في يناير / كانون الثاني الماضي، بنمو نسبته 2.5%، لتتماشي توقعاته الحالية مع التقديرات الحكومية الأخيرة للبنك المركزي العراقي.
وقدر تقرير الصندوق تحقيق الاقتصاد العراقي انكماشا قدره 2% في 2014، وهو يعد أول انكماش للاقتصاد منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003.
وقال خبراء اقتصاد وتجار عراقيون إن الأسواق العراقية باتت تشهد ركودا واضحا متأثرة بالأزمة المالية التي تعانى منها البلاد. وانعكست هذه بشكل ملاحظ على الحركة التجارية – خاصة مع ارتفاع سعر صرف الدولار – وايضا تأخر الحكومة في صرف رواتب الموظفين.
وأدت حالة الركود إلى دفع التجار لبيع بضائعهم بالآجل (السداد اللاحق). كما شهدت بعض البضائع زيادة في أسعارها مقارنة بنهاية العام الماضي وسط ارتفاع لسعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي إلى أعلى مستوى له خلال عامين تقريبا.
وفي سوق الشورجة، أكبر الأسواق التجارية في العاصمة بغداد، ينشغل سعد فلاح بترتيب صفوف متجره الذي يبيع المواد الغذائية بعدما وجد نفسه يقضى الساعات بدون زبائن وهو الأمر الذى لم يكن معتادا من قبل. وقال فلاح في حديثه إن مبيعات متجره تراجعت بنسبة 25 في المئة على الأقل في الوقت الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأضاف قوله:» الأزمة الاقتصادية بالعراق أثرت كثيرا علينا كعراقيين وخاصة التجار. فالكثير من تجار التجزئة باتوا يقلصون حجم مشترياتهم لأنهم تأثروا للغاية بالأزمة التي تعانى منها البلاد».
ويواجه العراق أزمة اقتصادية اضطرته إلى تقليل حجم الموازنة المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط بأكثر من 50 في المئة منذ منتصف العام الماضي والبدء بسياسة التقشف. وأعلنت وزارة المالية العراقية في وقت سابق أنها ستزيد الضرائب على بعض الخدمات المقدمة.
وقال فلاح إن الكثير من الزبائن بدأوا في تقليص مشترياتهم خاصة من السلع الكمالية. فهم يقتصرون على شراء السلع الأساسية والمهمة لأن بعضهم يعانى من تأخر تسليم الراتب والبعض الآخر يتخوف من شراء المزيد بسبب الظروف التي تعيشها البلاد.
وقال مجيد الكتاني، الذي يملك محلا لبيع المواد الغذائية في سوق الشرطة الرابعة جنوب غربي العاصمة بغداد، إن السوق يعانى من نتائج الأزمة التي يعيشها العراق. وأضاف قوله: «الدليل على ذلك أن بعض كبار التجار بدأوا بإرسال مندوبيهم للترويج لبضائعهم وإعطاء حوافز لتجار التجزئة كالبيع بالآجل أو تحمل أجور النقل من أجل تنشيط حركة المبيعات».
وقال الكناني إن الازمة التي يعيشها العراق «طالت جميع فئات المجتمع. فالكثير من المواطنين لا يملكون مالا كافيا لشراء كل احتياجاتهم وبعضهم يشتري بالآجل إلى حين استلام راتبه». وقال إن بعض السلع زادت أسعارها خاصة الأساسية منها بسبب عدة عوامل من بينها ارتفاع سعر الدولار في سوق الصرف».
وقالت الخبيرة الاقتصادية والاستاذة في قسم الاقتصاد بجامعة بغداد سلام سميسم إن تأخر الحكومة في دفع الرواتب الحكومية وراء حالة الركود الاقتصادي التي تعانى منها الأسواق التجارية. وأضافت أن هناك بعض الجهات الحكومية تأخرت في صرف الرواتب لمدة شهر أو شهرين بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانى منها البلاد بسبب انخفاض أسعار النفط .
ويذكر ان العراق يعتمدعلى واردات النفط لتمويل 95 في المئة من الموازنة، وينتج نحو 2.5 مليون برميل يوميا مع توقعات بزيادة الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يوميا. وقالت سميسم: «بطبيعة الحال حركة التجارة في الأسواق تأثرت بسبب ذلك لأن أصحاب القوة الشرائية الأكبر في الأسواق هم أصحاب الدخول المتوسطة وأغلبهم من الموظفين».
وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن استمرار الأزمة يتوقف على سياسات الحكومة لمعالجة هذا الأمر والتصدي له. ودعت الحكومة إلى صرف رواتب أصحاب الدخول المتوسطة بشكل فورى وفرض ضرائب على ذوى الدخول العالية».
وقال محافظ البنك المركزي العراقي، على العلاق، إن ارتفاع سعر صرف الدولار «مازال في حدود مقبولة». وأرجع السبب في ذلك إلى النظام الجديد الذى اتبعه البنك المركزي في بيع العملات بهدف الحد من غسيل الأموال.
واتبع البنك المركزي سياسة جديدة في بيع الدولار للمستوردين وذلك من خلال إلزام التجار بتقديم مستندات تثبت حجم وقيمة المواد المستوردة مع استقطاع الضرائب والرسوم الجمركية مقدما. وقلل ايضا مبيعاته من الدولار إلى البنوك ومكاتب الصرافة إلى الربع.
ويعقد البنك المركزي العراقي ستة مزادات أسبوعيا ابتداء من يوم السبت إلى يوم الخميس لبيع العملات الأجنبية، وذلك لتوفير السيولة الدولارية للسوق المحلية. وبلغ السعر الرسمي لبيع البنك للدولار للمصارف الأهلية ومكاتب الصرافة 1166 دينارا.
وخفض البنك المركزي مبيعاته من الدولار إلى 75 مليون دولار يوميا بعد أن كانت 250 مليونا. وجاءت هذا الخطوة بطلب من مجلس النواب العراقي الذي ألزم البنك المركزي بعدم بيع أكثر من 75 مليون دولار ووضعه ضمن بنود الموازنة التي أقرت في فبراير / شباط من العام الحالي.
ويهدف البنك من وراء تنظيم مزادات العملة إلى تحقيق الاستقرار لسعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الاجنبية. وهو يحرص على طرح الدولار بأسعار تقل عن سعر الصرف الحقيقي له في السوق المحلية.