Site icon IMLebanon

روسيا تخفف في شكل غير مباشر عقوباتها الأوروبية مع اليونان

موسكو – رويترز، أ ف ب – أثارت زيارة رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس روسيا خلال اليومين الماضيين انتقادات من أكثر من طرف أوروبي. ولوحظ وجود مخاوف أوروبية من تقارب يوناني – روسي يفسد على أوروبا سياستها العقابية ضد روسيا في الملف الأوكراني. ويتخوف الأوروبيون من أن تصبح اليونان بقيادة «سيريزا» اليساري أداة روسيا في إفشال القرارات الأوروبية في مقابل تسهيلات اقتصادية روسية. وأعربت مصادر في البيت الأبيض الأميركي عن عدم رضاها عن توقيت زيارة تسيبراس لموسكو، مضيفة أن أهمية التوحد مع الشركاء الأوروبيين لمواصلة الضغوط على روسيا لتتوقف الأخيرة عن تأجيج الصدامات في شرق أوكرانيا.

لكن النتيجة لم تكن مخيبة لشركاء أثينا الأوروبيين، خصوصاً مع تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أن تسيبراس لم يطلب مساعدة مالية من روسيا، الأمر الذي لقي استحسان رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إذ اعتبر أن تسيبراس لم يخرج عن الخطوط الأوروبية، مرضياً بذلك الرأي العام الأوروبي والرأي العام اليوناني في الوقت ذاته.

بدوره شدد تسيبراس على أن اليونان «ليست متسولاً يجول عبر الدول طالباً حلاً لمشاكله الاقتصادية»، معتبراً أن المعضلة التي تعانيها أثينا اليوم ليست يونانية بل أوروبية، وسيكون حلها أوروبياً كذلك. وأوضح قواعد التعاون المأمول بين البلدين، حيث تشمل مجالات الطاقة والتجارة والمجالين العلمي والثقافي والسياحة. وعبر تسيبراس عن آمال عريضة في الحصول على استثناء روسي يسمح لليونان بإعادة تصدير منتجاتها الزراعية إلى روسيا. وكانت موسكو منعت استيراد تلك البضائع في رد منها على العقوبات الغربية بسبب الملف الأوكراني. واضطر المنتجون اليونانيون بعد الإجراءات الروسية المضادة إلى البحث عن أسواق بديلة، خصوصاً في الخليج العربي. ويبدو أن بوتين لم يتراجع في هذا الموضوع، الأمر الذي استدعى «شماتة» واسعة من طرف صحف أوروبية مناهضة لسياسة الحكومة اليسارية في أثينا.

وأعرب بوتين عن تفهمه لموقف اليونان من العقوبات ضد روسيا إذ «اضطرت» وفق تعبيره للموافقة عليها وعانت بسببها، لكن روسيا لا ذنب لها في ذلك، وفق قوله. وأضاف أن 90 في المئة من صادرات اليونان إلى روسيا هي منتجات زراعية، ولا نستطيع التصرف في شكل مختلف واستثناء بلد أوروبي بعينه.

لكن مصادر حكومية يونانية قالت أن الفترة المقبلة ستشهد إنشاء شركات روسية – يونانية مركزها روسيا بهدف نقل البضائع اليونانية إلى روسيا من دون أن تعتبر تلك العملية تصديراً للمنتجات اليونانية، إذ ستروج لها شركات روسية يساهم فيها منتجون يونانيون. وأضافت أن المنتجات اليونانية ستصل روسيا من دون أي إعداد، ما يعني أن المنتجين اليونانيين سيتخطون عائقاً مهماً جداً وضع خلال الصيف الماضي كان يقلل صادراتهم إلى روسيا في شكل كبير.

ولفتت مصادر صحفية يونانية إلى أن خبراء روس سيزورون وحدات إنتاج حيوانية وزراعية ووحدات لإنتاج الأسماك في اليونان وبلدان أخرى نهاية الشهر الجاري، للاطلاع على ظروف الإنتاج وشروط سلامته في تلك الوحدات، قبل إدخال المنتجات إلى السوق الروسية.

الملف الأهم الذي تصدر المفاوضات الروسية اليونانية كان مرور الخط الذي أصبح معروفاً أخيراً باسم «تركيش ستريم» عبر الأراضي اليونانية. وتطمح أثينا من خلال هذا المشروع إلى تعزيز دورها الجيوستراتيجي كبلد موزع للطاقة، وفي الحصول على تخفيضات في سعر الغاز الطبيعي الروسي للسوق اليونانية.

وكانت المصادر الحكومية اليونانية متفائلة بهذا الموضوع فنقلت عن الرئيس الروسي استعداده للتمويل المسبق للخط والدفع في مقابل بعض العائدات المفترض أن يجنيها الخط خلال عمله مستقبلاً، إذ ينتظر أن يبدأ عمله عام 2019.

واعتبر ديميتري بيشكوف، الناطق الإعلامي باسم الرئيس الروسي، أن نتيجة المحادثات إيجابية جداً، موضحاً أن الهدف الأساسي للطرفين هو زيادة حجم التبادلات التجارية بينهما بعدما انخفض بنسبة 40 في المئة خلال 2014.

وتجمع اليونان وروسيا ملفات عديدة منها التاريخ والديانة المشتركة. لكن هذا التاريخ لا يخلو من منغصات، إذ كانت روسيا تفضل الحلف السلافي على الأرثوذكسي، كما أن المذهب الأرثوذكسي لم يكن عامل وحدة دوماً بين البلدين إذ تنافس موسكو أثينا على السيطرة على أجزاء من الجبل المقدس في شمال اليونان، إضافة إلى خلافات دينية بين البلدين في مناطق أخرى.