Site icon IMLebanon

أسعار الفائدة البريطانية تعيش أطول انخفاض منذ 300 عام

UKBritishSalary1

إميلي كادمان وسارة أوكونور

أصبح ديفيد كاميرون أول رئيس وزراء للمملكة المتحدة منذ عهد كليمنت أتلي في الأربعينيات والخمسينيات، يخدم لدورة برلمانية كاملة دون حدوث تغيير في أسعار الفائدة. في حين أن عديدا من الزعماء الأحدث، بمن فيهم جيمز كالاهان ومارجريت تاتشر وجون ميجور، خسروا مناصبهم بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، تنعم كاميرون بنعمة الاقتراض الأرخص منذ أكثر من 300 عام.

صحيح اشتكى المدخرون، لكن نادرا ما كان على الأسر التي تتعامل مع الرهون العقارية المحبوبة جدا من قبل السياسيين، أن تقلق بشأن تكاليف تمويل منازلها.

ورغم أن المشهد الاقتصادي اليوم ـ بوجود نمو مطرد وتعزيز لسوق العمل، يختلف اختلافا جذريا عن بريطانيا التي كانت تعاني الركود في آذار (مارس) 2009 عندما تم تخفيض أسعار الفائدة لتصل إلى مستواها الحالي البالغ 0.5 في المائة ـ يتوقع قليلون حدوث تغيير في السياسات النقدية قريبا.

في قراره الأخير بالأمس، المتعلق بالسياسة النقدية قبل إجراء الانتخابات العامة، قال بنك إنجلترا إن الأسعار ومخزون الأصول الذي تم شراؤه في إطار برنامج التسهيل الكمي للبنك سيظلان دون تغيير.

والأسواق الآن لا تحتسب بشكل كامل ارتفاع الفائدة حتى الربع الثاني من العام المقبل.

وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في شركة البيانات، ماركيت، إن “السيناريو المعتدل للنمو الاقتصادي القوي والسياسات الفضفاضة جدا يظهران إشارات ضئيلة على الإنهاء”.

إن الوضع بعيد كل البعد عن الصيف الماضي، عندما دفعت كل من البطالة المتراجعة وأسعار المنازل المرتفعة بشكل سريع عديدا من الاقتصاديين للرهان على أول ارتفاع للفائدة في وقت مبكر من هذا العام.

وهناك عوامل ثلاثة منعت أعضاء لجنة السياسة النقدية من رفع أسعار الفائدة. أولا، في ضربة حظ للسياسيين، أدى الهبوط غير المتوقع لأسعار النفط إلى انخفاض التضخم في جميع البلدان المستوردة للنفط. وفي ظل حدوث تطور غير سار، استمر نمو الأجور في تخييب للآمال، وأخيرا ساعدت قوة الجنيه الاسترليني في الحد من تكلفة الواردات.

آندي هالدين، كبير الاقتصاديين لدى بنك إنجلترا، طرح في الأشهر الأخيرة إمكانية حدوث تخفيض للمعدلات من أجل توفير حوافز أكثر للاقتصاد في حال ترسخت التوقعات الانكماشية.

ولاحظ مارتن بيك، كبير الاقتصاديين لـ “نادي إي واي أيتم” EY Item Club، أنه مع التنبيه المقدم من لجنة السياسة النقدية بأن يصبح خطر التضخم عالقا دون مستوى هدف البنك البالغ 2 في المائة “فإن الحكومة لن تحتاج إلى القلق بشأن ارتفاع معدلات الفائدة لبعض الوقت في المستقبل – بغض النظر عن الحزب الذي يتولى السلطة بعد الانتخابات”.

ومن المتوقع أن يبقى التضخم حول مستواه الحالي المنخفض لمعظم الوقت من العام، لكن في فصل الخريف، عندما يبدأ تأثير الهبوط السريع لأسعار النفط بالخروج من الحسابات، من المرجح أن يبدأ في الارتفاع.

وتوقع فابريس مونتاني، وهو اقتصادي لدى بنك باركليز، أن يقترب التضخم من 1.5 في المائة مع نهاية العام، ما يضع “بنك إنجلترا في موقف أكثر ملاءمة لمناقشة ارتفاع المعدلات مرة أخرى”.

لكن مع أن الجنيه الاسترليني دون الذروة التي وصل إليها في آذار (مارس)، إلا أنه ارتفع خلال الشهر الماضي إلى مستويات لم يشهدها منذ صيف عام 2008 على أساس مرجح تجاريا.

وأعاق هذا طموحات إعادة التوازن للاقتصاد نحو التصدير، لكن تأثيره الانكماشي نفى الحاجة إلى حدوث ارتفاع في أسعار الفائدة.

وتظهر الخطابات الأخيرة لمسؤولي بنك إنجلترا أن هذا وارد إلى حد كبير في أذهانهم. وقال مارك كارني، محافظ البنك، الشهر الماضي إنه بينما ينبغي على لجنة السياسة النقدية تجاهل الصدمات غير المتكررة، مثل هبوط النفط “قد يكون من المناسب الأخذ في الحسبان القوى الانكماشية الخارجية المستمرة الناشئة من مزيج استمرار انخفاض التضخم الأجنبي والآثار المطولة لقوة الجنيه الاسترليني على الأسعار التي تواجه المستهلكين في المملكة المتحدة في حال اشتدت تلك القوى”.

ويعيش بنك إنجلترا الآن في مرحلة صمت تسبق الانتخابات العامة، لذلك التحديث المقبل في تفكيره سيكون في تقريره الفصلي عن التضخم في 13 أيار (مايو).

وبعد مرور ست سنوات شهدت هبوطا حقيقيا للأجور، تشير بيانات التي نشرت أمس إلى أن الأجور المعلن عنها ترتفع بسرعة في المملكة المتحدة للعمال ذوي المهارات النادرة، لكن المدفوعات الشاملة تبقى ثابتة.

ويعد نمو الأجور الضعيف نقطة ساخنة في المناقشات التي جرت خلال الانتخابات حول ما إذا كانت هناك فائدة من الانتعاش الاقتصادي للعمال. ويعتبر المسار المستقبلي لارتفاع الأجور أمرا حاسما أيضا بالنسبة لبنك إنجلترا الذي يحاول وزن الأمور ليحدد الوقت المناسب لرفع أسعار الفائدة عن مستوياتها القياسية المنخفضة.

وتشير دراسة استقصائية شملت 400 شركة توظيف، أجراها اتحاد العمالة والتوظيف، إلى أن الرواتب المعلن عنها ترتفع بسرعة، خاصة للعمال ذوي المهارات غير المعروضة، مثل محترفي تكنولوجيا المعلومات والرعاية الصحية والبناء.

ووفقا للدراسة، في آذار (مارس) ارتفعت الرواتب الأولية للأشخاص الذين يحتلون وظائف دائمة بأسرع وتيرة منذ أيلول (سبتمبر)، بينما أفاد أصحاب العمل بأنهم وجدوا صعوبة متزايدة في ملء الشواغر.

في الوقت نفسه، تظهر البيانات الرسمية أن مزيدا من الأشخاص يتركون وظائفهم وينتقلون إلى وظائف جديدة، ما يعد مؤشرا مهما لنمو الأجور ودليلا مهما على أن سوق العمل تعود إلى وضعها الطبيعي.

وعلى أية حال، تظهر البيانات المتعلقة بتسويات الأجور الشاملة صورة أكثر كآبة. ففي الأشهر الثلاثة حتى نهاية شباط (فبراير)، كان متوسط مكافأة الأجر يساوي فقط 2 في المائة، وفقا لمزود البيانات إكسبيرتر. وهذا يعني نصف نقطة مئوية دون مستوى متوسط مكافأة الأجر للعام الماضي.

وقال بيرنارد براون، رئيس خدمات الأعمال في شركة المحاسبة “كيه بي إم جي”، إن تلك الاتجاهات قد تتسبب في حدوث سوق أجور مزدوجة، مع “فجوة كبيرة بين موظفين مبتدئين ذوي أجور عالية وموظفين حاليين يتقاضون زيادات ضئيلة في الأجور”.

وأضاف: “هذه الدينامية ستسبب مشكلات للشركات على المدى الطويل، لأنها تكافح للحفاظ على الموظفين الموهوبين الذين لديهم استياء متزايد من أجورهم”.

ارتفع متوسط المكاسب الأسبوعية بشكل أسرع من التضخم في الأشهر الأربعة الماضية، وفقا لإحصائيات رسمية، لكن هذا بسبب انخفاض التضخم إلى صفر في المائة، وليس بسبب الارتفاع القوي في نمو الأجور الاسمي. وفي الربع المنتهي في كانون الثاني (يناير)، كان الأجر العادي أعلى 1.6 في المائة فقط عما كان عليه قبل عام. قبل أزمة عام 2008، ارتفع متوسط الأجور بشكل طبيعي ليصل إلى نحو 4 في المائة في السنة. دويتوقع بنك إنجلترا أن يتسارع نمو الأجور إلى 3.5 في المائة مع نهاية العام، لكن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن ذلك رأي متفائل فوق الحد.