Site icon IMLebanon

الثقة والوظائف تعودان مجددا إلى الحي المالي في لندن

LondonBanks

كيت بورجيس وهارييت أجنيو ولورا نونان

كل ما احتاج إليه الحي المالي في لندن لدعم عودة الثقة بالأسواق المالية كان عرضا بعدة مليارات من الجنيهات للاستحواذ على إحدى الشركات البريطانية. في الأسبوع الماضي تلقّى الحي هذا بالضبط على شكل عرض من “رويال داتش شل” للاستحواذ على مجموعة بي جي (شركة الغاز البريطانية).

عملية الاستحواذ التي تمنح سندات وأسهم مجموعة بي جي قيمة تبلغ 55 مليار جنيه، تعتبر الأكبر بالنسبة لشركة بريطانية، وذلك وفقاً لوكالة ديلوجيك التي تعود سجلاتها إلى عام 1995. كما أنها الأخيرة ضمن سلسلة من الصفقات التي عملت على رفع الروح المعنوية وعززت سوق العمل في “سكوير مايل” في الأشهر الأخيرة.

خبر عرض “شل” تزامن مع تقرير حديث من شركة الوظائف الإدارية في الحي المالي، روبرت والترز، التي يعتبرها كثيرون مؤشرا رياديا لاقتصاد المملكة المتحدة، مثلها مثل الحي المالي. فقد أعلنت الشركة زيادة حادة في الرسوم التي تتلقاها مقابل توظيف الموظفين – ولا سيما موظفي دعم المخاطر والامتثال – في قطاع الخدمات المالية.

وتقول شركات التوظيف إن تعيين كبار الأشخاص البارعين في توليد الدخل بدأ ببطء هذا العام، لكنه، أخذ يرتفع بسرعة بعد التصعيد الأخير لنشاط عمليات الدمج والاستحواذ.

وتقول إحدى الباحثات عن موظفين في مجال الخدمات المالية: “كانت هناك زيادة في الثقة في القطاع المصرفي. فقد بدأت الصفقات كنوع من الأحداث النشطة بين رؤساء فِرق عمليات الدمج والاستحواذ في عدد من المصارف الكبيرة”. وسلطت أيضا الضوء على تغييرات في مصرف أوف أميركا ميريل لينش، الذي أصدر الأسبوع الماضي قرارا بترقية دييجو دي جيورجي وكريم آصف إلى منصب الرئيس المشارك في الخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية، للمساعدة في توجيه المرحلة التالية من النمو. وجلب المصرف الأمريكي المنافس، جيه بي مورجان، أخيرا رؤساء جُددا لعمليات الدمج والاستحواذ.

وأضافت الباحثة عن موظفين: “لقد تم التخلّي عن كثير من المواهب والآن يتم إعادة تعيينهم إما لأن المصارف لديها صفقات في الانتظار، وإما لأنها تتوقع زيادة كبيرة في النشاط”.

ومنذ بداية العام حتى الآن، بلغ إجمالي قيمة الصفقات المُعلنة في المملكة المتحدة 143.3 مليار دولار، أي خمسة أضعاف القيمة المُسجّلة في الفترة نفسها من العام الماضي، وأعلى مستوى الفترة نفسها منذ عام 2000، وذلك وفقاً لشركة تومسون رويترز.

كذلك عادت أسواق رأس المال إلى الحياة، مع تحقيق مؤشرات فاينانشيال تايمز مستويات مرتفعة وأرقاما قياسية للشركات التي انضمت إلى البورصة في المملكة المتحدة. وكان هناك 120 عرضا لعمليات الاكتتاب العام الأولي بقيمة بلغت في المجموع 27 مليون جنيه، بحسب ديلوجيك – ويشكل هذا المبلغ أكثر ما تم جمعه من الداخلين الجُدد إلى أسواق لندن منذ عام 2007.

وهذا زاد الرسوم التي يتقاضها المصرفيون والوسطاء الماليون في المملكة المتحدة، الكبار والصغار. المستشارون الثلاثة الذين يعملون على صفقة “شل” ومجموعة بي جي قد يتشاركون رسوماً تُقدّر بـ 182.6 مليون دولار، بحسب تومسون رويترز وشركة فريمان للاستشارات.

بالنسبة لشركة سينكوس للأوراق المالية، الرسوم البالغة 30 مليون جنيه التي تلقّتها باعتبارها المستشار الوحيد في عملية تعويم أسهم AA، خدمة المساعدة على جانب الطريق في المملكة المتحدة، أدت إلى زيادة في الإيرادات بنسبة 72 في المائة لتصبح 88.5 مليون جنيه في عام 2014، وارتفعت الأرباح قبل الضرائب بنسبة 152 في المائة إلى 27 مليون جنيه.

ويُحذّر وسطاء ماليون من أنه قد يكون هناك هدوء مؤقت في النشاط في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة المقررة في السابع من أيار (مايو). ويقول “مركز الأبحاث الاقتصادية والتجارية” إن توظيف الخدمات المالية في لندن لا يزال بعيداً جداً عن الذروة. فقد انخفضت الوظائف بنسبة 6 في المائة في عام 2013. والعام الماضي، بدأ عدد الوظائف يستقر، حيث انخفض بنسبة 1 في المائة فقط ليصبح نحو 360 ألف وظيفة خلال عام 2014. ويتوقع المركز زيادة في الوظائف ربما تبلغ 1 في المائة هذا العام، إلا أنه يقول إن الانتخابات العامة والتساؤلات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستعمل على إعاقة سوق العمل.لكن شركات التوظيف أكثر تفاؤلاً، إذ أبلغت عن إشارات واضحة على العودة الدائمة للثقة. وقالت شركة روبرت والترز إن صافي دخل المجموعة من الرسوم ارتفع بنسبة 15 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام ليُصبح 53 مليون جنيه، كما زاد الدخل من الرسوم في المملكة المتحدة بنسبة 22 في المائة في الربع الأول ليُصبح 18.6 مليون جنيه. وإلى حد كبير، هذا كان مدفوعاً بزيادة في نشاط التوظيف الدائم في كل من لندن والمناطق. كما أن زيادة الدخل من توظيف الموظفين الدائمين تشير إلى تحسُّن الثقة بقطاع الأعمال بشكل عام – يميل أصحاب العمل إلى تفضيل التعيينات المؤقتة عندما يعتقدون أن الآفاق الاقتصادية غير مؤكدة.

وقال آلان باناتاين، كبير الإداريين الماليين في شركة روبرت ووالترز: “من حيث عامل التفاؤل، تجاوزنا نقطة التحوّل (…) تثبيت مستويات الثقة بين كل من المرشحين والعملاء يجري في اتجاه متصاعد”. وأضاف أن الرواتب ارتفعت نحو 3 في المائة أعلى من معدل التضخم في وظائف الخدمات المهنية.

وهذا خبر سار بالنسبة للمصرفيين، الذين عانوا أكثر من بعض نظرائهم في أوروبا.

وأظهرت بيانات جمعها المصرف المركزي الأوروبي أن الوظائف في المصارف البريطانية انخفضت بشكل أسرع مما هي في معظم بلدان الاتحاد الأوروبي في أعوام ما بعد الأزمة. فبين نهاية عام 2008 ونهاية عام 2013 سرّحت المصارف البريطانية نحو 14 في المائة من القوى العاملة لديها، مقارنة بانخفاض بمتوسط يبلغ 9 في المائة في بلدان الاتحاد الـ 27.

وفي العام الماضي، تغيّرت المشاعر وبدأت المصارف بإعادة تعيين أفضل المواهب، وكثير منهم يعمل الآن في شركات استشارية مستقلة. روبي وارشو، وهي شركة صغيرة يُديرها المخضرمان في إجراء الصفقات في الحي المالي، سايمون روبي وسايمون وارشو، كانت واحدة من الشركات الاستشارية الثلاث في صفقة “شل” ومجموعة بي جي.

دي جيورجي، من مصرف أميركا ميريل لينش، يوافق على أن سوق التوظيف أصبحت أكثر تنافسية. ويقول: “هناك كثير من الأماكن الأخرى التي تبحث عن المواهب التي لدينا”، مُضيفاً أن الطلب من الشركات وقطاع مصارف الظل “وصل إلى جميع مستويات الأقدمية لدينا”.