جون أوثرز
موسم الأرباح يحل علينا. وربما نرى الولايات المتحدة وهي تنزلق إلى حالة من ركود الأرباح. في الوقت الذي تعلن فيه الشركات الأمريكية أرباح الربع الأول من هذا العام، هناك أمور كثيرة على المحك.
سلكت توقعات الأرباح لعام 2015 مسار هبوط مذهل حتى الآن هذا العام. فوفقا لفاكتست، تراجعت الأرباح المتوقعة للشركات على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الربع الأول بنسبة 8.2 في المائة منذ الأول من كانون الثاني (يناير)، ومثل هذا الهبوط يمكن أن يحدث عادة في أوقات التراجع الاقتصادي الحاد فقط. إذا كانت تقديرات الأرباح الصادرة من مجموعات مثل طومسون رويترز وستاندرد آند بورز كابيتال أي كيو صحيحة، ستعاني الولايات المتحدة هبوطا على أساس سنوي في الأرباح لكلا الربعين الأولين من هذا العام. وهذا “ركود في الأرباح”.
وبتجريد آثار الضرائب والديون الرخيصة، كي يتسنى النظر فقط إلى الأرباح التشغيلية، يتبين كما أظهر بحث أجراه نيد ديفيز، تراجع الأرباح بشكل حاد في الربع الرابع من العام الماضي، ومن المنتظر أن تتراجع في الربعين الأولين من هذا العام، مسجلة بذلك أكبر وأطول فترة انخفاض منذ أسوأ انخفاض لها في فترة الركود العظيم عام 2009.
هناك كثير من الأسباب التي تدعو إلى التشاؤم بشأن موسم الأرباح. التقارير الفصلية الأمريكية توجه المستثمرين والإدارات نحو آجال قصيرة غير صحية. والشركات تتحدث عن توقعات بتعثر أسعار أسهمها حين تتجاوز العقبة المنخفضة التي حددتها لنفسها.
أحدث التنبؤات المتعلقة بستاندرد آند بورز تشير إلى أن أرباح الربع الأول من العام ستنخفض بنسبة 3 في المائة تقريبا على أساس سنوي، وهذا سبب للشك في أن “ركود” الأرباح يمكن أن يتبين أنه ناتج ممل، يظل على حاله.
لكن الأسباب التي أدت إلى التخفيض المفاجئ تبعث على قلق حقيقي. تحولان كبيران حدثا في الشهور الـ 12 الماضية يجعلان عملية التنبؤ بالأرباح صعبة، وبالنسبة للشركات، أسهل في إحداث التشويش. كما أنهما يؤججان بشكل طبيعي التقلبات.
أولا، الانهيار في أسعار النفط في عام 2014 عكر المياه. فهذا له تأثير سلبي مباشر في الشركات التي تبيع النفط، وله تأثير إيجابي أبطأ في الشركات التي تستفيد من النفط الأرخص.
ثانيا، هناك ارتفاع الدولار مقابل جميع العملات الأخرى، خاصة اليورو. وهذا يجعل أرباح الشركات الأمريكية في الخارج تبدو ضعيفة بالدولار، في حين يحسن أرباح الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة.
هناك عامل ثالث هو تباطؤ أوروبا، متبوعا بعلامات الانتعاش المبكر في اقتصادها، الذي يضيف تشويها بصريا آخر. في أوروبا التوقعات تتجه نحو السماء، مشيرة إلى نمو الأرباح هذا العام بنسبة 13.5 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وذلك وفقا لستاندرد آند بورز كابيتال أي كيو.
لكن الكثير من هذا له علاقة بالرياضيات. فالأرباح لعام 2014، التي لا تزال البيانات الخاصة بها تصدر عن الشركات الأوروبية، يبدو أنها تعرض نسبة مخيبة للآمال تقدر بارتفاع سنوي يبلغ 2.4 المائة ـ الانتعاش الذي لم يحدث في العام الماضي من المتوقع الآن أن يحدث هذا العام. حتى نسبة الزيادة هذا العام (المتوقع أن تكون 13.5 في المائة من قبل ستاندرد آند بورز كابيتال أي كيو) ستكون صحية أكثر لأنها بدأت من قاعدة منخفضة. وهناك مجال واسع لخيبة الأمل.
كيف سينعكس ذلك في الأسواق؟ من الواضح أن الأسهم الأوروبية تجاهلت خيبة عام 2014 وتم تحميسها للنمو. وكان للأسهم الأمريكية زخم قليل هذا العام، لكنها تمكنت من تسجيل أرقام قياسية منذ أسابيع قليلة فقط وتعتبر في مستوى مرتفع لهذا العام.
هذا يعتبر مذهلا، ويقوده أمل في أن الأرباح سوف تنتعش بشكل كبير بحلول نهاية السنة. سوف يرتفع سعر النفط إلى حد ما، في حين أن الفوائد من النفط الأرخص سوف تساعد الشركات الاستهلاكية.
إذا كان ركود الأرباح سيحدث، فإن ذلك قد لا يكون خبرا سيئا تماما كما يظهر في البداية. يشير بحث نيد ديفيز إلى أن الأسهم ترتفع خلال فترات نمو الأرباح البطيئة هذه أكثر من ارتفاعها عندما يكون ارتفاع الأرباح سريعا. الهبوط الحاد في الأرباح – كما يمكن أن يحدث هذا العام – يعتبر استثناء. لكن ذلك يكون مدفوعا بالركود الاقتصادي (وهو غير موجود في الأفق الأمريكي) وانخفاض الإيرادات. ونمو المبيعات يعد بطيئا، لكن ليس سلبيا (خارج قطاع الطاقة).
إذا كان هذا يبدو غير متوقع، ضعه في سياق دورة أسعار الفائدة. عندما يزدهر القطاع الخاص، فإن أسعار الفائدة تميل إلى أن تكون في ارتفاع، وهذا يعيق المضاعِفات التي من المنطقي أن تُدفع للأسهم. وإذا كانت الأرباح هذا العام سيئة مثلما يُخشى، هناك فرصة كبيرة لأن يؤجل بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة حتى العام المقبل، الأمر الذي ربما يكون جيدا للأسهم.
هناك أمر منغص. النمو البطيء في الأرباح لا يحدث سوى أضرار طفيفة في أسعار الأسهم، لأن المستثمرين يتوقعون ذلك ويُدرجونه في مضاعِفات الأرباح. ومع مضاعِفات منخفضة مقدما، يمكن للأسهم أن تستمر في المضي قدما مع تباطؤ نمو الأرباح، أو حتى هبوطها.
لكن مضاعِفات السعر إلى الأرباح ليست رخيصة الآن. هناك بعض الحجج بأنها ليست مكلفة بشكل كبير، لكن تلك الحجج تتبدد إذا كانت الأرباح في الواقع آخذة في الانخفاض.
ضع الارتباك حول الاقتصاد الكلي جنبا إلى جنب مع المضاعِفات التي تسعر الأسهم لتحقيق الكمال، وبالتأكيد ليس ركود الأرباح، وسيغلُب على المخاطر بشكل كبير أن تميل نحو مزيد من التذبذب والإصلاح، حتى لو كانت البنوك المركزية المتساهلة تحد من مخاطر عمليات البيع المكثف الخطيرة.