في الأول من آذار الماضي هبطت طائرة إيرانية في مطار صنعاء الدولي، وكانت أول طائرة إيرانية تصل اليمن منذ ما يقارب 25 عاماً، وأتى وصولها بناء على اتفاق وقعه الحوثيون باسم الهيئة اليمنية للطيران المدني مع سلطات الطيران المدني الإيراني، لتسيير رحلات مباشرة بين البلدين بـ14 رحلة أسبوعياً، أي رحلتين يومياً.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رفض هذا الاتفاق، عادّاً إيّاه أنه باطل وغير قانوني، وتوعّد بمحاسبة من وقعه.
وأثار هذا الاتفاق كثيرا من الشبهات والشكوك، إذ تساءل كثيرون عن المنفعة التي سيجلبها اتفاق كهذا لليمن؟ وكم هم اليمنيون الذين يغادرون إلى طهران أو العكس، حتى تُخصص لهذه الشركة رحلتان يوميا؟
كانت هذه التساؤلات في محلها، فإيران التي موّنت الميليشيات في اليمن كانت تسعى فقط إلى إعطاء نفسها المشروعية لدعم هذه الجماعات المسلحة، كما أنها كانت تود إرسال رسالة إقليمية ودولية، مفادها بأن اليمن أصبحت تحت تصرفها، بعد انقلاب جماعة الحوثيين المسلحة على الحكم في البلاد.
وفي فترة قاربت الشهر، أي منذ هبوط أول طائرة إيرانية في مطار صنعاء الدولي نهاية شباط الماضي، وحتى بدء عملية “عاصفة الحزم” التي سيطرت على الأجواء اليمنية نهاية الشهر الماضي، وصل إلى صنعاء خبراء ومدربون إيرانيون كدعم لوجستي لجماعة الحوثيين.
وقال مصدر خاص لصحيفة “الوطن” السعودية إن حوالي 216 خبيراً وصلوا إلى صنعاء خلال هذه الفترة، قبل أن يتم نقلهم إلى محافظة صعدة شمال اليمن معقل جماعة الحوثيين المسلحة، بهدف ترتيب مهماتهم والبدء في تنفيذها.
وأفاد المصدر بأن الخبراء الإيرانيين وصلوا على ثلاث دفعات بهدف عدم لفت نظر الآخرين في حال أنهم جاءوا دفعة واحدة. وكان الحوثيون يزعمون حينها أن تلك الطائرات تحمل مساعدات طبية لليمنيين، في وقت كان وزير الصحة اليمني السابق رياض ياسين ينفي في تصريحات صحفية تسلم الوزارة أي مساعدات طبية من إيران.
ورجح المصدر لـ”الوطن” قيام الخبراء الإيرانيين بتدريب ميليشيات الحوثي وقيادتهم للجبهات التي تهدف إلى إسقاط الحكم والانقلاب على الشرعية، إضافة إلى عملهم في ورش تصنيع وتطوير الألغام والمتفجرات، التي يملكها الحوثيون وتوجد في أماكن سرية بمحافظة صعدة، مؤكداً ما ذكرته المقاومة الشعبية بمحافظة عدن عن إلقائها القبض مساء الجمعة الفائت على ضابطين من “الحرس الثوري الإيراني” كانا يعملان مستشارين لميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح اللتين تحاولان السيطرة على مدينة عدن بقوة السلاح.
ومضى المصدر بالقول إن التحقيقات الأولية كشفت أنهما يتبعان “فيلق القدس” ويعملان مستشارين للحوثيين. وأضاف أنه تم التحفظ على الموقوفين في مكان آمن وسيسلمان إلى قادة “عاصفة الحزم” للتعامل معهما”.
ولم يكن توقيع هذا الاتفاق هو المخالفة الوحيدة التي ارتكبها الانقلابيون الحوثيون الذين يساندهم الرئيس المخلوع صالح. فعقب توقيعه بأقل من أسبوع، غادر وفد حوثي برئاسة القيادي في الميليشيا صالح الصماد إلى العاصمة طهران، لتنفيذ توجيهات عبد الملك الحوثي بتوثيق العلاقات مع النظام الإيراني.