Site icon IMLebanon

زيتون حاصبيا المعمّر يباع في المعارض بعد اقتلاعه !

OliveTrees2
زياد الشوفي
تهدد منطقة حاصبيا ظاهرة قد تغيّر خريطتها الزراعية، إذ يتّجه أصحاب كروم الزيتون المعمّرة الى اقتلاع زيتونهم وبيعه للمعارض وأصحاب القصور، وهذا الإتجاه جاء بعد إنتشار أزمة تصريف زيت الزيتون، ودخول أصحاب الكروم في ضائقة اقتصادية، دفعتهم الى التخلي عن أشجار يقارب عمر بعضها الـ500 سنة. وتلعب سياسات الحكومة التي تسمح للتجار بإستيراد الزيت من الخارج بأسعار أرخص من سعر الزيت اللبناني، دوراً اساسياً في خلق ازمة التصريف هذه.
الأسعار الخيالية التي يعرضها التجار على المزارعين، تشجعهم على إقتلاع أشجارهم، إذ يحصل المزارع على 1000 أو 2000 دولار لقاء كل شجرة، أي ما يعادل سعر 10 أو 20 صفيحة زيت. فإذا كان الكرم يضم 30 شجرة، يمكن للمزارع الحصول على مبلغ يتراوح بين 30 و60 ألف دولار إذا ما باع هذه الأشجار.

وبحسب عدد من المزارعين الذين يبيعون أشجارهم، فإن المبالغ هذه تؤمن لهم مدخولاً أسرع وأضمن من انتظار تصريف الزيت، كما تعطي المزارعين دفعة الى الأمام في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة. وفي جميع الأحوال، فإن الكرم سيعاد نصبه بالأشجار، ومكان كل شجرة كبيرة معمّرة، يمكن زراعة 3 شجرات، حتى وان انتظر المزارع الأشجار الجديدة لتكبر وتبدأ بالإنتاج.
إقتلاع تلك الأشجار أمر يرفضه رئيس تعاونية حاصبيا الزراعية العامة، رشيد زويهد، الذي يعتبر في حديث لـ “المدن” ان إقتلاع الزيتون الروماني (نسبة إلى الحقبة الرومانية التي زرعت فيها هذه الأشجار) يُعدّ جريمة بحق الطبيعة، خصوصاً أن التجار يختارون الأشجار السليمة والجيّدة لإقتلاعها. كما انها جريمة من حيث إغراء بعض المزارعين للتضحية بما ورثوه عن أجدادهم.
ولا يقتنع زويهد بتبرير إقتلاع الأشجار بزراعة ثلاث أشجار مكان الشجرة القديمة، لأن الأشجار الجديدة تحتاج برأيه الى ما بين 8 الى 10 سنوات لتبدأ بإنتاج محصول مقبول، وتحتاج الى 3 عقود لتعطي منتوجاً جيداً. ويلقي زويهد اللوم على وزارة الزراعة التي يجب أن تحمي هذه الشجرة أسوة بأشجار الصنوبر والسنديان التي يُمنع اقتلاعها أو قص أغصانها بحسب قانون الحماية الحرجية.
من جهة أخرى، فإن خطر إقتلاع أشجار الزيتون المعمرة، يزداد بفعل فتح طريق تصديرها الى الخارج، مما قد يساهم في رفع سعرها وإغراء المزارعين للتخلي عنها. مما يضع حاصبيا أمام إمكانية تغيير خريطتها الزراعية، وتغيير تراثها الذي اشتهرت به. لكن ما غاب عن بال هؤلاء المزارعين، هو صعوبة تغيير الخريطة الزراعية، لأن طبيعة المنطقة قد لا تلائم زراعات أخرى. وحتى إذا استبدلت أشجار الزيتون القديمة بأخرى جديدة، فذلك لا يعني بالضرورة الحصول على مواسم زيتون جيدة، لأن الأشجار الجديدة قد لا تعطي زيتاً بجودة زيت الأشجار المعمرة.
والى حين إيجاد حلّ لهذه الأزمة، عبر تدخل وزارتي الزراعة والبيئة، أو عبر إنتباه المزارعين أنفسهم إلى خطر اقتلاع اشجارهم، يبقى صوت الجرافات التي تقتلع الزيتون هو الأعلى.