Site icon IMLebanon

ضعف النمو يعني أن «التسهيل الكمي» لا يستحق تكلفته

StockMarketsConfusion
هيني سيندر

واحد من الأمور الغريبة حول السياسات النقدية غير التقليدية هو عدم وجود حوار مكثف حول تكاليف هذه التجارب، سواء أكانت في الولايات المتحدة، أم في اليابان، أم الآن في أوروبا.

بدلا من ذلك، تدور كل الأحاديث تقريبا حول التوقيت والآثار المترتبة على السوق نتيجة عمليات الخروج المحتملة. في الواقع، يبدو الأمر وكأن تلك المبادرات تشتمل على بعض الجوانب السلبية، على الأقل حتى الآن. حتى عندما تتضح حدود هذه السياسات، يظهر الحل وكأنه المزيد من الشيء نفسه بدلا من اتباع نهج مختلف.

صدر تقرير جديد من “المجموعة السويسرية لإعادة التأمين” Swiss Re ليغير هذا. تشير الحسابات في التقرير إلى أن المدخرين الأمريكيين وحدهم خسروا 470 مليار دولار من دخل أسعار الفائدة – وهذا بخلاف تكاليف الديون المنخفضة. وتتضمن سياسات البنك المركزي “مجموعة كاملة من العواقب غير المقصودة، وفقاعات أسعار الأصول، التي تشمل عملية وساطة لائتمان ضعيف وعدم مساواة اقتصادية متزايدة، وهذه غيض من فيض”، بحسب ما يحذر التقرير.

وجاء تقرير المجموعة السويسرية في وقت تتزايد فيه المخاوف بين شركات التأمين ومديري صناديق المعاشات التقاعدية العامة من أن المنافع التي يتعهدون بها للمدخرين والمتقاعدين ستتعرض للتخفيض نتيجة لتلك السياسات، وهذا بسبب وضعهم جزءا مهما من أصولهم في أوراق مالية ذات دخل ثابت، من أجل أن تطابق التزاماتهم طويلة الأجل. ويضيف التقرير أن دخل الإيرادات الضائعة لشركات التأمين على كلا جانبي الأطلسي قد يصل إلى 400 مليار دولار. وما يعتبر مشكلة بصورة خاصة هو المنتجات المضمونة التي تقدمها شركات التأمين، إذ لا تزال المعدلات المعروضة أعلى بكثير من عائدات السندات الحكومية الأوروبية.

في الوقت نفسه، يضيف التقرير أن الزيادة البالغة تسعة تريليونات دولار في ثروة سوق الأوراق المالية الخاصة بالأسر منذ عام 2008 “استفاد منها بالدرجة الأولى الناس الأكثر ثراء في المجتمع. وما إذا كانت الزيادة في الثروة قد أدت إلى حدوث ما يسمى “تأثير الثروة” (بمعنى الأثر على الاستهلاك الفعلي) فهذا يعد أمرا مشكوكا فيه. ولا يوجد أي دليل واضح على أن المكاسب المتعلقة بالأسهم قد تم ترجمتها إلى استهلاك إضافي، وبالتالي عدم وجود نمو اقتصادي حقيقي”. بمعنى آخر، بما أن الزيادات في الأجور لا تزال أدنى بكثير من التوقعات، إلى جانب الانخفاض في دخل الاستثمار، هناك أمل ضئيل في أن يكون بإمكان الطلب المقدم من الأسرة المتوسطة التعافي في أي وقت قريب.

ويأتي التقرير أيضا في وقت لم يكن فيه كل من عجز هذه السياسات غير التقليدية عن مداواة الاقتصاد الحقيقي وصعوبة الخروج دون التسبب في عجز السوق أكثر وضوحا. على الرغم من معدلات الفائدة المتدنية القريبة من الصفر وعمليات الشراء الواسعة للأصول (وإن كان ذلك في الفترة القريبة في حالة الاحتياطي الفيدرالي)، يبقى نمو الاقتصاد – المتوقع أن يسير بوتيرة سنوية نسبتها 0.6 في المائة للولايات المتحدة و1.5 في المائة لليابان – ضعيفا. في الولايات المتحدة كانت هناك “موجة من الانقباضات في الأشهر الثلاثة المنتهية في شباط (فبراير) في نتاج الصناعة التحويلية وأحجام الصادرات الاستهلاكية للسلع الحقيقية والبناء”، بحسب ما لاحظ مختصو الاقتصاد لدى بنك جيه بي مورجان.

إن الأثر الرئيس لتلك السياسات – كما ذكر التقرير وكما ذكرتُ في مقال سابق – هو إعطاء الشركات على جانبي المحيط الهادئ أكثر من مجرد حافز من أجل الاستثمار في حصة عمليات إعادة الشراء بدلا من الاستثمار في المصانع والمعدات المرتبطة بأعمالها الأساسية، وهذا تم على الرغم من حقيقة أن الشركات التي تنخرط في نشاط من هذا القبيل لم تكن تظهر أداء متفوقا في السنوات الأخيرة، وفقا لأبحاث ميريل لينتش.

لكن أرباح الشركات لم تتحسن بشكل جوهري. في الولايات المتحدة تراجعت أرباح الشركات المعدلة بنسبة 5.5 في المائة سنويا في الربع الأخير من عام 2014. ويقول المختص الاقتصادي مايكل فيرولي، من جيه بي مورجان: “نحن نعتقد أن التطور الطبيعي لدورة الأعمال سيبدأ تدريجيا في ضغط هوامش الشركات و(الأرباح)”.

وكانت الأسهم الأمريكية ثابتة تقريبا خلال الربع الأول، وقد تفوقت على النقد والذهب، لكن لم تتفوق على شيء آخر بخلاف ذلك. واليوم يخفض المحللون تقديراتهم لأرباح الشركات في الولايات المتحدة، وقد تراجعت توقعاتهم لمؤشر ستاندر آند بورز 500 بنسبة 8 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الماضية – وهذا يعد انخفاضا أكبر من أي فصل آخر في الآونة الأخيرة، وفقا لأبحاث بانك أوف أمريكا ميريل لينتش. ولا يتم مكافأة الشركات مقابل الاستثمار طويل الأجل بتقديم مدفوعات بعيدة الأجل. من الأفضل شراء النمو من خلال عمليات الاندماج والتملك. لهذا السبب في الربع الأول، كانت التعاملات العالمية التي قاربت 900 مليار دولار هي الأعلى منذ عام 2007، وفقا لديلوجيك.

في اليابان، تقريبا كل التحسن الطارئ على أرباح الشركات يعكس المكاسب الانتقالية للين الضعيف.

لا شك أن شركات التأمين لديها مصالح مكتسبة في انتقاد السياسات التي تدفع إلى الأدنى بالعوائد التي تستطيع هذه الشركات تحصيلها من عملائها ومن آفاق أعمالها الخاصة. لكن سيكون من المحزن حقا لو أن النتيجة الرئيسة التي سيخلص إليها قراء هذا التقرير هي أن يبيعوا ما لديهم من أسهم شركات التأمين.