انخفضت السلع للمرة الأولى في أربعة أسابيع، بسبب الخسائر التي تكبدها قطاع الزراعة، وعلى رأسه الحبوب، أكثر من الأرباح المقابلة التي حققها قطاع الطاقة، بينما استعاد الدولار صعوده بأكثر من 3% بعدما ترك محضر اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة الأميركية المفاجئ، الباب مفتوحاً على مصراعيه لارتفاع الأسعار في شهر يونيو المقبل، ما أعاد التركيز مجدداً إلى اختلاف كبير في البنوك المركزية الذي نشهده عبر دول العالم.
وقال التقرير الأسبوعي للسلع الذي يصدره «ساكسو بنك»، إنه في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لرفع الأسعار في وقت لاحق من عام 2015، يسعى 28 بنكاً مركزياً حول العالم، لا سيما البنك الأوروبي، إلى تخفيف الظروف النقدية إلى هذا الوقت من السنة، ونتيجة لذلك عاود الدولار صعوده بعد التوقف الذي دام ثلاثة أسابيع، ما ساعد على خلق المزيد من الرياح العكسية بالنسبة للسلع، وكان ذلك جلياً في قطاع الحبوب على وجه الخصوص، بينما يجد المزارعون الأميركيون الذي يواجهون بالفعل المخزونات الضخمة، صعوبة متزايدة في المنافسة في طلبات الشراء في السوق العالمي.
الفائدة الأميركية
وقال أولي سلوث هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك: إن الذهب كان واحداً من أفضل السلع أداءً لا سيما عندما يحسب باليورو من جراء ارتفاعه، بسبب احتمال ارتفاع معدلات الفائدة الأميركية أبكر من المتوقع.
ارتفعت فائدة البيع على المكشوف في عقود الذهب الآجلة إلى رقم قياسي وبعد الفشل في الاختراق تحت 1180 دولاراً للأونصة، ساعدت بعض التغطية القصيرة في دفع الذهب مجدداً إلى 1200 دولار للأونصة، وهذا يمثل منتصف مجاله الجاري بين 1175 دولاراً للأونصة و1125 دولاراً للأونصة.
وانخفضت أرصدة المنتجات المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب الفعلي بصورة حادة خلال شهر مارس، لكنها شهدت خلال هذا الأسبوع أكبر زيادة يومية في أكثر من ستة أسابيع، وهذا ما قد يشير إلى بعض الفائدة المتجددة بالنسبة لانكشاف السبائك بعد اكتشاف الدعم عند 1180 دولاراً للأونصة.
الأصول الأوروبية
وارتفع الذهب المسعر باليورو إلى أعلى مستوياته منذ شهر يناير على خلفية استمرار المخزونات في بحثها الدؤوب عن بدائل الأصول الأوروبية، ومما لا شك فيه أن منطقة اليورو شهدت عائدات سندات حكومية آمنة لتلك المتداولة بأسعار سلبية، وارتفاع الأسهم بما يزيد على 20% إلى هذا الوقت من السنة.
إنتاج أوبك
وأضاف أولي هانسن: لا يزال الانتعاش المحتمل في أسعار النفط يفتقر إلى الدعم من أوبك، بعدما اخترق إجمالي الإنتاج في شهر مارس، حسب تقديرات بلومبيرغ، حاجز 31 مليون برميل لأول مرة منذ أغسطس 2013.
ورفعت كل من العراق وليبيا وإيران إنتاجها خلال شهر، بينما أنتجت السعودية حسب بياناتها، رقماً قياسياً قدره 10.3 ملايين برميل يومياً، وبالتالي اختراق معدل إنتاج الكارتل عند 30 مليون برميل في آخر عشرة أشهر على التوالي.
ووفَّرت الشكوك حول سرعة توقيع صفقة حول برنامج إيران النووي بعض الدعم للأسعار، بعدما أمر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، بضرورة رفع كل العقوبات عن إيران في نفس اليوم الذي يتم فيه التوصل إلى اتفاق نهائي، في حين تقف الولايات المتحدة موقف المعارض لذلك، معبرة عن ضرورة رفع العقوبات تدريجياً. وأضاف رئيس رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، أن مخزونات النفط الخام الأميركية قفزت خلال الأسبوع الماضي بأكبر زيادة لها منذ 2001 بعد إضافة 10.9 ملايين برميل إلى المخزون المتضخم الحالي الموجود في الولايات المتحدة، حيث تمت إضافة نحو 100 مليون برميل إلى إجمالي المخزونات منذ شهر يناير.
ومع ارتفاع الإنتاج مرة أخرى بعد هبوطه الأسبوع الماضي، لا يزال المعنيون بالسوق في طور التوقع حول بدء الانخفاض بنسبة 50% في منصات النفط (منذ أكتوبر الماضي) في التأثير سلبياً في الإنتاج.
وتتوقع إدارة الطاقة الأميركية وغيرها من المراقبين، حدوث هذه العودة على بعد أسابيع فقط من الآن، وسنرى حينئذٍ بدء الإنتاج الأميركي في التباطؤ من المستوى الحالي عند 9.4 ملايين برميل يومياً إلى 9 ملايين برميل مع نهاية العام.
ووصل خام غرب تكساس الوسيط إلى أعلى مستوياته في شهر فوق 54 دولاراً للبرميل، (وبالتالي استكمال الانتعاش بنسبة 22% منذ 18 مارس) قبل الرياح العكسية سالفة الذكر التي أثارت بعض عمليات البيع المتجدد. ويترك هذا في الوقت الحالي خام غرب تكساس الوسيط حبيس مجال تداول رئيسي على كلا الطرفين عند 50 دولاراً للبرميل.
وبقي الضغط على الخام العاجل من جراء ارتفاع العرض، خصوصاً في خام غرب تكساس الوسيط مرتفعاً مع الفجوة الفورية بين عقود شهر مايو الآجلة والتوسع القادم إلى 1.7 دولار للبرميل وهو ما يمثل كلفة بقيمة 3.55 عند إدراج المواقف الطويلة.
ضغط هبوطي
وأضاف التقرير الأسبوعي للسلع: على أساس بقاء المخزونات الأميركية مرتفعة خلال المستقبل المنظور، قد يفرض هذا ضغطاً هبوطياً متجدداً على خام غرب تكساس الوسيط مقارنة بخام برنت. انخفضت الفجوة المتعاقد عليها لشهرين بمعدل 5 دولارات للبرميل خلال هذا الأسبوع، ويمكنها أن تتوسع بسهولة من هذه المستويات مرة أخرى.
وتبدو مناقصة البدء في تصدير النفط الطبيعي الأميركي المسال في نهاية هذه السنة بعيدة المنال بالنسبة للمنتجين الأميركيين الذين شهدوا أسبوعاً مزعجاً آخر في ما يتعلق بأداء السعر.
وهبطت كلفة عقود الغاز الطبيعي الفورية في هذا الشهر إلى 2.25 دولار للثرم، وهو المعدل الذي شهدناه آخر مرة في صيف عام 2012، بينما أدى الجو المعتدل في شرق الولايات المتحدة إلى أسبوع آخر من الاستهلاك دون المتوقع، وهو ما أدى في المقابل إلى قفزة تفوق التوقعات في المخزونات الأسبوعية.
الحقول الصخرية
مع استمرار المنتجين من مختلف الحقول الصخرية، لا سيما في مارسيلوس وهانيسفيلي، في إنتاج كميات قياسية من الغاز، هبط السعر في هذه الآونة بمعدل النصف منذ يونيو الماضي، ومن المتوقع أن يهبط أكثر خلال الأشهر المقبلة من جراء انطلاق موسم الضخ دون هوادة. وستقوم مرافق الغاز الطبيعي المسال في ساباين باس في لويزيانا بتكثيف إنتاج الغاز الطبيعي المسال الخاص بالتصدير في وقت متأخر من هذه السنة، حسبما يبينه الرسم البياني أدناه، والصادر من ستراتفور، في الوقت الذي تقبع فيه العديد من المرافق الأخرى قيد الإنشاء وستكون جاهزة لبدء الإنتاج منذ العام 2017. ومن ناحية أخرى، لن تساعد الصادرات على موازنة التسارع الجاري في الإنتاج في وقت قريب، ما يترك السعر تحت خطر الهبوط في الوقت الراهن.