IMLebanon

لبنان: تحسّن النمو في 2015 مع انعدام التضخم جراء انخفاض النفط

EconGrowth

سلوى بعلبكي

رغم الأزمة السياسية القائمة حاليّاً في المنطقة، وخصوصاً الحرب في سوريا، ورغم أثرها السلبي على إستقرار لبنان السياسي والاقتصادي، كان لافتاً ما توقعه صندوق النقد الدولي، عن تحسّن النمو في لبنان وإن كانت بنسب بسيطة، مقارنة بالظروف التي تحوطه.

في التوقعات الاقتصادية العالمية للصندوق الذي صدر أمس، من المفترض أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان 2,5% في 2015، أي بتحسن طفيف عن نسبة النمو المسجلة في 2014 والبالغة 2,0%.
هذه التوقعات الاقتصادية العالمية هي مسح من صندوق النقد الدولي يصدر مرتين في السنة، ويقدّم تحليلات اقتصاديي صندوق النقد الدولي للتطورات الاقتصادية العالمية في المديين القريب والمتوسط، اضافة الى التطورات المتصلة بمناطق أو بلدان محددة.
وتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 54,7 مليار دولار في السنة الجارية، مقابل 49,9 ملياراً في العام 2014 و47,6 ملياراً في 2013. ومع عدد سكان يناهز 4,6 ملايين نسمة، يُقدر الناتج المحلي الإجمالي الفردي بحدود 12,006 دولارات في 2015، وذلك من 11,068 دولاراً في 2014 و10,655 دولاراً في 2013.
ويتزامن التحسن النسبي للنمو الاقتصادي في لبنان مع اعتدال إضافي في نسبة تضخم الأسعار. إذ يتوقع الصندوق نسبة تضخم متدنية بحدود 1,1% في 2015، وذلك من 1,9% في 2014 و4,8% في 2013، لا سيما في ظل تأثيرات انخفاض أسعار النفط. ومع تراجع الواردات النفطية هذه السنة، من المرجح أن تستمر نسبة عجز الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي بالتراجع من 26,7% في 2013 إلى 24,9% في 2014 وإلى 22,2% في 2015 وفق توقعات الصندوق.
ومع أن توقعات الصندوق للنمو ارتفعت نوعاً ما عما كانت عليه في العام الماضي، إلا أن كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات يعتبر أن النمو الاقتصادي في 2015 لا يزال دون القدرة الفعلية للاقتصاد على تسجيل المستوى المرجو منه وذلك في خضم استمرار التلبّد الإقليمي وتداعياته المباشرة على الساحة المحلية. فالاقتصاد اللبناني وفق ما يقول بركات يعمل أقل بكثير من الناتج الممكن تحقيقه والعمالة الكاملة. كما أن التحسن النسبي في النمو الاقتصادي المتوقع من صندوق النقد مقارنة بالعام 2014 يعدّ منطقياً، بناءً على نمو الاستهلاك المحلي، اذ أن انخفاض أسعار النفط يتأتى عنه استهلاك إضافي للأسر، ناهيك عن تأثيراته الإيجابية على كلفة الإنتاج للشركات اللبنانية. إلا أن بركات لا يرى تحسناً في الاستثمار الخاص لاسيما في سياق حال الترقب والتريث السائدة في أوساط المستثمرين المحليين وتأجيل القرارات الاستثمارية الكبرى.
وعلى صعيد المالية العامة، يتوقع الصندوق ارتفاعاً في نسبة العجز المالي العام إلى الناتج وإن بالترافق مع تراجع في نسب المديونية في العام 2015. إذ يتوقع الصندوق ارتفاعاً في نسبة العجز العام إلى 9,1% في 2015، وذلك عقب تحسن في نسبة العجز من 8,7% في 2013 إلى 7,1% في 2014. ومع ذلك، من المرجح أن تتحسن نسبة الدين إلى الناتج إلى 131,8% في 2015، وذلك من 134,4% في 2014. يشار الى أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي كانت قد بلغت مستوى قياسياً ناهز 185% في 2006.
وفي هذا السياق، ذكر بركات أن نسبة العجز العام إلى الناتج الإجمالي من شأنها أن ترتفع هذا العام في حال تم إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام. ولكن إذا بقي الوضع على ما هو عليه، من المرجح أن تستفيد المالية العامة من التحسن الملموس في التحصيل الضريبي من جهة والانخفاض المتوقع في التحويلات المالية إلى مؤسسة الكهرباء من جهة أخرى. أما نسبة المديونية، ورغم تراجعها، تبقى تشكل عنصر الهشاشة الأبرز في الاقتصاد اللبناني ما يدعو إلى إصلاحات هيكلية مهمة لتعزيز نسب الاقتطاع، وضمان ترشيد الإنفاق العام، وإقرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعزيز جهود إدارة الدين عموماً.
ورغم الانخفاض النسبي المتوقع في عجز الحساب الجاري في خضم تراجع أسعار النفط، إلا أنه يبقى من بين الأعلى في العالم. غير أن هذا العجز في الحساب الجاري وفق ما يقول بركات، لا يزال يغطيه فائض ملحوظ في حساب رأس المال، ما يحدّ تالياً من تقلبيّة ميزان المدفوعات عموما. علماً أن لبنان سجل على مدى العقود الماضية إما فوائض أو عجوزات محدودة في ميزان المدفوعات في ظل البُعد الملحوظ لغير المقيم والداعم للتدفقات المالية الوافدة إلى لبنان عموماً.