أن يكون قسم الضمان الإختياري في “الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي” فرعاً عاجزاً فهذا أمر “طبيعي”، وأن يُحرم المضمون الإختياري من حقه بالإستشفاء على حساب الضمان فهو أيضاً أمر “طبيعي”، ولكن أن تستمر الإستفادة من الضمان الإختياري بطريقة “استنسابية” و”من تحت الطاولة” فهذا أمر “غير طبيعي” ولا يمت الى المنطق بصلة.
الضمان الإختياري، وهو القسم المتفرّع من فرع ضمان المرض والأمومة، بدأت أزمته من لحظة وضعه موضع التنفيذ مطلع شهر شباط من العام 2003، إذ شابته العديد من الشوائب لعل أبرزها عدم توافر التمويل اللازم لتغطية كلفة استشفاء المضمونين الإختياريين، ولا سيما أن الإشتراكات المحصّلة من المنتسبين لم تكن كافية للتغطية اللازمة، ما أوقع القسم في عجز لم يخرج منه حتى اللحظة.
عدم التوازن المالي أجبر الضمان الإختياري على التوقّف القسري مرات عديدة، كان اولها عام 2005 بقرار من إدارة صندوق الضمان، وثانيها بقرار من المستشفيات التي رفضت استقبال المضمونين الإختياريين بسبب تراكم الديون على الضمان. واستمر الشلل في القسم حتى عام 2011 حين أصدر المدير العام للضمان مذكرة تقضي بإعادة فتح باب الإنتساب لمن يترك عمله أو من يتجاوز عمره 64 عاماً وذلك خلال مدة أقصاها 3 أشهر فقط.
هذا الواقع دفع بأعداد المنتسبين الى الضمان الإختياري (وغالبيتهم ممن يتجاوزون الـ64 عاماً)، الى الإنخفاض، فتراجع عددهم من 33679 منتسباً عام 2005 (وهو أكثر الأعوام الذي ضم منتسبين) الى 23697 منتسباً في منتصف العام 2008 واستمر التراجع ليبلغ عدد المنتسبين نحو 7000 فقط عام 2013.
وعلى الرغم من عدم استقبال المستشفيات لمرضى الضمان الإختياري، استمر صندوق الضمان بجباية الإشتراكات من المنتسبين الباقين، الى حين اتخاذ قرار بحل أزمة الضمان الإختياري بشكل نهائي.
هذا باختصار وضع الضمان الإختياري اليوم، ولكن ما دفعنا الى التذكير بوضعه الميؤوس، أنه ورغم تريّث إدارة الضمان بقبول أي انتساب جديد بسبب استمرار تراكم الديون، يشهد الصندوق اليوم انتسابات من هنا وهناك بشكل سرّي وبتوصيات من مدراء نافذين بالصندوق، وبحسب ما ذكر مصدر في الضمان لـ “المدن” فإن ملفات عديدة جرى تمريرها العام الماضي في مقابل رفض العديد من الطلبات المشابهة، في إشارة منه الى التعاطي بطريقة استنسابية مع ملفات الضمان الإختياري.
ويؤكد المصدر أن آخر الملفات مرّ منذ قرابة الشهر، وهو طلب انتساب لرجل متقاعد الى الضمان الإختياري، وقد تقدّم الرجل بالطلب في أحد المكاتب في مقر الإدارة العامة غير أن الطلب لم يواجه بالرفض بل أحيل إلى أحد الفروع حيث تم رفض الطلب بسبب عدم مراعاة الشروط الرسمية، الى حين تدخّل أحد النافذين في صندوق الضمان، فتم قبول طلب الرجل للإستفادة من الضمان الإختياري “العاجز” أصلاً.
ويلفت المصدر النظر الى تمرير العديد من الطلبات منذ 2011 وحتى اليوم، وبالطريقة نفسها، أي بتدخل من قبل إداريين، ما رتّب عجزاً إضافياً على الضمان الإختياري.
وبالعودة الى آخر الأرقام فقد بلغ مجموع واردات قسم المضمونين الإختياريين خلال العام 2011 نحو 16.066.018.801 ليرة أما مجموع التقديمات فبلغ نحو 26.315.271.565 ليرة، أي أن العجز فاق في العام الأخير، قبل وقف الضمان الإختياري، 10 مليارات ليرة، إذا ما أضفنا اليه تكلفة عشرات المنتسبين، الذين جرى قبول انتسابهم بشكل مخالف منذ العام 2011 وحتى اليوم.