IMLebanon

ماذا بين الدولرة والسيادة الوطنية؟

money----
طوني رزق
تحوّلت الدول على المستوى الاقتصادي والنقدي الى البراغماتية للحاق بنظام العولمة على حساب ما يمكن وصفه بالسيادة الوطنية، خصوصاً انّ العملة الوطنية تُعتبر احد رموز السيادة. فاعتماد الدولرة خصوصاً الكاملة منها يقدم الاستقرار الاقتصادي والنقدي على الاعتبارات الوطنية الاخرى.
الامر لا يتعلق بلبنان بل بعدد كبير من الدول في مختلف انحاء الكرة الارضية فلجوء هذه الدول شأنها شأن لبنان الى نسبة دولرة مرتفعة تفوق الـ 65 في المئة لبنانياً يعكس تقلّص القدرة المحلية على استخدام الكثير من السياسات النقدية المستقلة، والافادة من التحكّم الكامل بالعملة الوطنية كأداة تبادل أساسية ورئيسة ووحيدة في البلاد.

وتحت عنوان استقرار اسعار الصرف يتم ربط سعر العملة الوطنية بعملة عالمية غالباً ما تكون الدولار الاميركي، بينما تلجأ دول اخرى الى الدولرة الكاملة أيْ مئة في المئة. أما الهدف الاول فيكون في تخفيض درجة المخاطر لبلد ما وبلوغ نوع من الاستقرار الاقتصادي الملائم لجذب الاستثمارات الخارجية.

وفي حين ما زال لبنان يتحكّم بنحو 35 في المئة من الاقتصاد اللبناني، اتجهت دول اخرى الى اعتماد الدولرة الكاملة خصوصاً تلك الدول الناشئة التي تريد أن تتخلّص من نسبة تضخم عالية. وتستفيد هذه الدول التي تعتمد الدولرة الكاملة من استبعاد عامل المضاربة على العملة الوطنية وعلى اسواق المال والاسهم المحلية فتصبح اقتصادياتها اكثر شفافية ومصداقية.

ومع تراجُع نسبة المخاطر يشجع المستثمرون المحليون والاجانب على توظيف اموالهم في هذه الدول ما يساعد في تخفيض الاقتراض من البنوك الخارجية.

أما سيّئات اعتماد الدولرة خصوصاً الكاملة منها فأوّلها فقدان الدولة خيار طبع عملتها الوطنية والتأثير المباشر في المسار الاقتصادي الداخلي خصوصاً على مستوى السياسة النقدية وسياسات اسواق صرف العملات. ويخسر البنك المركزي القدرة على تحقيق الارباح الناتجة عن الفارق بين كلفة النقود المطبوعة وقيمتها السوقية.

وتُفقد الدولرة الكاملة البنك المركزي قدرته على أن يكون كالملجأ الاخير للبنوك في نظامه المصرفي وسوف يكون عاجزاً عن تمويل او إمداد البنوك بالسيولة في ظروف هروب الاموال.

وبما أنّ النقد الوطني يبقى رمزاً اساساً للسيادة الوطنية فإنّ اعتماد الدولرة المرتفعة او الكاملة من شأنه الحاق الضرر بما يمكن توصيفه بنوع من العزة والكرامة الوطنية.

غير أنّ الدولرة تبقى علاجاً فعالاً ضدّ خروج الاموال من البلاد ومن شأنه تسهيل عملية الاندماج في الاسواق العالمية خصوصاً في زمن العولمة. علماً أنّ العودة عن اعتماد الدولرة تبقى عملية شبه مستحيلة ونادرة. أما لبنان فقد ربط الليرة اللبنانية بالدولار الاميركي بأسعار رسمية ثابتة تراوح بين 1501 ليرة شراء و1514 ليرة مبيعاً للدولار الواحد وتعتمد الشركات اللبنانية كما المؤسسات العامة ومنها وزارة المالية العملتين اليورو والدولار الاميركي في مختلف انواع العمليات والرسوم والضرائب.

كما يعتمد لبنان سياسة الحرية الكاملة في تحويل العملات والثروات من دون أيّ قيود مباشرة ويظهر مصرف لبنان ارتفاعاً كبيراً في حجم الاحتياطي الاجنبي من العملات الاجنبية والذي ناهز الـ 38 مليار دولار اميركي أخيراً.

حركة الاسواق المالية

استعاد الدولار الاميركي قوته في اسواق الصرف أخيراً فتراجع اليورو أمس بنسبة 0,74 في المئة الى 1,0526 دولار وانخفض الدولار الاوسترالي 1,51 في المئة الى 0,7565 دولار وارتفع الدولار 0,62 في المئة الى 1,2644 دولار كندي وبنسبة 0,71 في المئة الى 0,9861 فرنك سويسري 0,40 في المئة الى 120,7 يناً.

وبلغت نسبة ارتفاع مؤشر أداء الدولار مقابل سلة من ستة عملات رئيسة 5 في المئة منذ ايار العام 2014 وذلك بدعم من النموّ الاقتصادي الاميركي واحتمالات رفع اسعار الفائدة بفرز ارتفاع الدولار الاميركي العام الى دول رابحة ودول خاسرة.

والرابح الاكبر يبقى كل من منطقة اليورو واليابان مع تحسّن كبير في صادراتهما في حين أنّ دولاً أخرى مثقَلة بالديون بالدولار الاميركي باتت القروض عليها اكثر عبئاً رغم افادة البعض منها من تراجع اسعار النفط وسوف يخفض ارتفاع الدولار نسبة النموّ الاقتصادي في الدول الناشئة مثل ماليزيا وتشيلي وتركيا وروسيا وفنزويلا وتتقدّمها كلّ من البرازيل وجنوب افريقيا وهنغاريا. أما الهند والصين فوضعهما افضل كونهما مستوردين كبيرين للنفط وتبقى ديونهما الخارجية معتدلة جداً.

في اسواق الاسهم، ارتفع مؤشر داو جونز في بورصة وول ستريت في نيويورك 0,55 في المئة امس الى 18057,50 نقطة بدعم من أداء الشركات في الفصل الاول من العام. وفي اوروبا، ترددت اسواق الاسهم بعد الارتفاعات الكبيرة الاخيرة فزاد مؤشر داكس الالماني 0,01 في المئة الى 12376,1 نقطة وزاد مؤشر كاك الفرنسي 0,01 في المئة الى 5241,18 نقطة.

في حين تراجع مؤشر فوتسي البريطاني 0,42 في المئة الى 7060,20 نقطة ومع ارتفاع بورصة شانغهاي 1,16 في المئة الى 4121,27 نقطة اعلى مستوى لها في سبعة اعوام، أقفل مؤشر نيكي في بورصة طوكيو منخفضاً 0,101 في المئة الى 199045,49 نقطة وزاد مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ 2,73 في المئة الى 28016,34 نقطة.

أما الذهب فتراجع امس 0.43 في المئة تحت تأثير قوة الدولار واحتمالات رفع الفائدة الى 1199,70 دولاراً للاونصة كما تراجعت الفضة 0,78 في المئة الى 16,25 دولاراً للاونصة.

ومع تقلص استخراج النفط الاميركي ارتفع سعر برميل النفط في نيويورك امس 1,41 في المئة الى 52,37 دولاراً، كما زاد سعر برميل نفط برنت الخام في لندن 1,07 في المئة الى 58,49 دولاراً.