Site icon IMLebanon

شكاوى المستهلك اللبناني.. تَصِل ام لا تصِل؟

EconomyConsumer
حنان حمدان
تعددت الوسائل المتاحة لتقديم شكاوى المستهلك في لبنان، لتشمل الوسائل الحديثة كالإنترنت والتطبيقات الإلكتروني، إضافة إلى الوسائل التقليدية كالإتصال على الخط الساخن 1739، أو تقديم شكوى لدى مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد.
ولكن تعدد وسائل تقديم الشكاوى، يبقى فعلاً ناقصاً إن لم ترافقه تدابير وإجراءات، تجعل من تلك الشكاوى، أداة لتحصيل الحقوق وتحصينها من أي غش وتلاعب واحتكار. فما هي الآلية التي تتبعها وزارة الإقتصاد لمعالجة تلك الشكاوى؟ وهل تتيح تحصيل الحقوق ومعاقبة المتلاعبين بأسعار المواد وجودتها؟ أم أنها تبقى مجرد وسيلة لا قيمة لها؟ ومن ثم هل هناك أصلاً إقبال جدي من قبل المواطن اللبناني على تقديم الشكاوى في هذا الشأن؟
يبلغ عدد الشكاوى المقدمة لوزارة الإقتصاد 20 شكوى يومياً، وعليه، يبدو أن نسبة الفساد الموجودة في مختلف القطاعات والمجالات في لبنان، تفوق بكثير أعداد الشكاوى المقدمة، بالرغم من أن العدد قابل للإرتفاع بفضل الدعاية التي قامت بها الوزارة في الآونة الاخيرة، وفق ما قاله مستشار وزير الإقتصاد، جاسم عجاقة، في حديث لـ”المدن”.
والسؤال هنا، لماذا ينخفض الإقبال على تقديم الدعاوى والشكاوى، في وقت يكثر فيه الفساد والمفسدين؟ يُرجع البعض، تردد المستهلك اللبناني في الإخبار عن موضوع شكوى ما، إلى مماطلة المسؤولين في هذا الشأن، أو لعدم معرفة الجهة المخولة تحصيل حقوق المستهلك في حال تعرض لانتهاك أو أصيب بأذى. ويبرر آخرون، بأن الشكوى لا تلقى آذاناً صاغية، وفي غالب الأحيان لا تنتج تدابير وقرارات. فيما يتساءل آخرون، عن نفع الشكوى في وقت لا تتم معاقبة المسيئين؟ فهل من رقيب أو حسيب على مختلف أشكال الفساد التي أصبحت تهدد أمننا واقتصادنا وحياتنا؟
تلك الأسئلة، ليست سوى دليل على غياب الثقة بين المواطن ومسؤوليه، لاسيما أنّ المواطن اللبناني لم يعتد محاربة الفساد عبر مؤسسات الدولة التي يعشعش في أروقتها الفساد. وهو أمر لم يخفه عجاقة، قائلاً إنّ الوزارة إتخذت بعض التدابير التي من شأنها إخضاع موظفي الوزارة للرقابة، خصوصاً في موضوع الرشى التي يتلقاها الموظفون في مراكز “بالغة الحساسية”.
من ناحيتها تجد إيمان (مواطنة لبنانية) أنّ أسلوب طرح الأسئلة عليها من قِبل موظف الوزارة الذي يستقبل شكاوى المواطنين عند إتصالها بالخط الساخن في مديرية حماية المستهلك، جعلها تشعر بأنها هي المتّهمة. “منروح بدنا نشتكي منحس حالنا متهمين”، هذا ما قالته إيمان، أما عجاقة فيعتبر أن “هذا الأسلوب ناتج عن حرص الموظف على معرفة أدق التفاصيل، كي يتم إثبات المخالفة، وكي يقطع الشك باليقين”.
وبالرغم من وجود القانون الذي يحدد الآلية التي يجب إتباعها في عرض الشكاوى، إلا أن شكاوى المستهلكين تبقى مجهولة المصير. ولا يخفي عجاقة، غياب عدد الشكاوى المقدمة عن الإحصاءات المنشورة على صفحة الوزارة، ولكنّه يعد بتفعيلها من ضمن الخطوات المستحدثة من قبل الوزارة، لإطلاع الرأي العام والمعنيين على عدد الشكاوى المقدمة، وعدد تلك التي إستطاعت الوزارة تحويلها الى القضاء. ذلك لأن مديرية حماية المستهلك تنظر في نوع الشكوى المقدمة، وفي حال تبين أن الشكوى من اختصاص وزارة الإقتصاد، تقوم المديرية بإثبات المخالفة وإصدار التوصيات، ليتخذ الوزير قرار إحالة الشكوى إلى القضاء المختص، للبت في موضوع الخلاف، وهنا ينتهي دور الوزارة، وفق عجاقة.
وماذا عن مصير تلك الشكاوى؟ وهل يقتصر دور الوزارة على تقييمها؟ أو أن المطلوب هو معالجتها وصولاً إلى تحصيل الحقوق، وإلا بقيت خطوات وزارة الاقتصاد ناقصة؟ وهذا أمر بدأ يحظى باهتمام وزير الإقتصاد، آلان حكيم، الذي طلب من وزير العدل أشرف ريفي، تزويد الوزارة بلوائح تتضمن الأحكام الصادرة في تلك الشكاوي، وفق عجاقة.
وقد تم أخيراً تفعيل لجنة حل النزاعات التي نص عليها قانون حماية المستهلك في عام 2005، وهي تُعرف بمحكمة المستهلك. اللجنة لم تُختبر بعد، إلا أن وجودها بالطبع سيكشف مدى الخلل الموجود في التعاطي مع الشكاوي من قِبل وزارة الإقتصاد، وفق ما قاله رئيس جمعية حماية المستهلك، زهير برو لـ “المدن”، الذي دعا بدوره المواطنين للإبلاغ عن شكاويهم لدى مديرية المستهلك مهما كان نوع الفساد.
تبقى الوسيلة وإن اختلفت أشكالها أداة غير فاعلة، إن لم يرتبط إستخدامها بتحقيق أهداف إستراتيجية كدليل على فعالية تلك الوسائل، وهذا ما يبدو أنه غاب عن بال المعنيين في وزارة الإقتصاد كما في الإدارات العامة كافة في لبنان.