IMLebanon

بري: الوساطة القطرية هي “الفاعلة”

nabih-beri

بات معلوماً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أرجأ الاجتماع الذي كان مقرراً لهيئة مكتب مجلس النواب الى الاثنين المقبل لغياب أحد أعضائه النائب مروان حمادة، وهو أمر كان كاشف به النواب في اطار “لقاء الاربعاء” في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة امس. وحرص، في السياق نفسه، على أن يظهر للنواب “عزمه” على الدعوة الى جلسة اشتراعية “في وقت لاحق”، على ما قال بعض النواب لـصحيفة “المستقبل”.

وأبلغهم أن النواب الاعضاء في هيئة المكتب لا يزالون يتأبطون جدول الاعمال من 33 بنداً، وأنهم سيجولون على الكتل النيابية المختلفة للحصول على موقفها بالنسبة الى حجم هذا الجدول، هل يكون فضفاضاً أو ضيقاً في نطاق الضرورة، على أن يجوجلوا محصلة لقاءاتهم الماراتونية في جلسة الاثنين المقبل.

لم يتناول لقاء بري والنواب المعضلات السياسية الداخلية، بقدر ما تمحور حديثهم حول مجموعة أفكار تناولت أمرين أساسيين:

– الاول هو قانون السير. فاستفاد رئيس المجلس من الجلسة المفتوحة التي عقدتها لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه الثلاثاء الماضي للاعلان عن بدء تنفيذ هذا القانون من 22 نيسان الجاري ليضع النقاط الآيلة الى التطبيق على حروف مواده الـ421. وقال انه يؤيد التشدد في ملاحقة المخالفات التي تؤدي الى الموت والقتل مثل السرعة المتهورة، وعدم وضع حزام الامان والتلهي عن الطريق بـ”اللعب” على الهاتف الخلوي. فبرأيه أن هذه مخالفات “لا مجال لتبريرها”، وهناك حاجة تالياً الى التشدد في تطبيق العقوبات المفروضة قانوناً، على أن تبقى الغرامات الناشئة عنها هي نفسها. الا أن رئيس المجلس، في المقابل، لم ير عجالة في قمع مخالفات لا تؤدي، في حال تطبيقها، الى إزهاق الارواح مثل الوقوف صفاً ثانياً. فهذه من الامور التي يمكن تعديلها، لدى تطبيق القانون لجهة الملاحقة أو الغرامة، أو يمكن أن تؤدي الى طلب اعادة النظر في هذه المواد، اذا لزم الامر. فهو كرر على مسامع النواب أنه “يجب أن نأخذ في الاعتبار واقع البلد. فالغرامات مرتفعة جداً ولا يمكن أن تقارن بتلك التي تدفع في أوروبا لأن المداخيل تتفاوت بيننا”. لذا، فان بري يعتبر أن المرحلة المقبلة في تطبيق قانون السير الجديد ستكون “انتقالية”.

– الثاني هو قانون الايجارات. فبعدما نهل بري من أجواء النواب في الجلسات المتتابعة للجنة الادارة والعدل، وجد أن “الخلاف” مستحكم بها، وأن تلك الجلسات “لن توصل الى مكان انما لا تعدو كونها ترقيعاً بترقيع”. لذا، ساق الى النواب “مجموعة أفكار لمعالجة الاشكالات حول تطبيق القانون والتي لا تزال محل تنازع بين المستأجرين والمالكين”، على ما ورد في بيان عن اللقاء. وتبين، بحسب ما قال نواب لـ”المستقبل”، أن الصيغة المقترحة للحل تقوم على فرض زيادة على الايجارات بنسبة معينة، لم يكشف عنها رئيس المجلس، تمتد الى السنوات التسع المقبلة، على أن تحل الاشكالية بين الفريقين، بانقضاء تلك المدة، من خلال آلية “بع أو اشتر وبنسب مالية تراوح بين الثلث والثلثين من سعر المأجور”.

الى هذين الملفين، عرض بري للنواب نتيجة الجولة التي قام بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لاستكمال مقاربة حل ملف العسكريين المخطوفين. ورأى بري، بعدما اجتمع بابراهيم الثلاثاء، أن “الوساطة القطرية هي الفاعلة”. لذا، رأى أن هناك “ايجابيات” تحوط هذا الملف، وأن هناك “تقدماً قد يكون ملموساً في فترة لا تتجاوز الايام العشرة المقبلة”.

ولأن الملف السياسي الداخلي كان الغائب الاكبر عن “لقاء الاربعاء”، فان ما حل محله هو الملف السياسي الاقليمي الذي دخله بري من باب اليمن. ففي البيان الرسمي الصادر عن “اللقاء”، أكد رئيس المجلس للنواب أن “الحوار بات حاجة ماسّة أكثر من أي وقت مضى، على المستوى الاقليمي والعربي، حتى لا تذهب الأمور الى التصعيد والمزيد من الحروب، وخصوصاً في ما يتعلق باليمن ولا سيما أن كل الاطراف المعنية بهذه الازمة دعت الى الحوار. فاذا كانت المشكلة تكمن في مكان انعقاد هذا الحوار فان الخيارات المتاحة عديدة بين سلطنة عمان والجزائر، لا بل نحن مستعدون في لبنان لتسهيل هذا الامر واستضافة الحوار”.

وعن هذه الدعوة تحدث نواب لـ”المستقبل”، فقالوا ان رئيس المجلس بنى هذا الاقتراح نتيجة اجتماعات عقدها مع عدد من السفراء المعتمدين في لبنان، وأبرزهم سفيرا السعودية علي عواض عسيري وايران محمد فتحعلي. وأوضحوا أن “أياً منهما لم يقل كلا لهذه المبادرة”. وأشاروا الى أن بري انطلق من مبادرته من الواقع اللبناني الذي مر بحروب كثيرة ولا سيما تلك التي اندلعت عام 1975: “أثبتت التجربة أننا تحاربنا، وأن السلم لم ينتجه لنا الا الحوار”، أصر رئيس المجلس على القول، مؤكداً أن “أزمة اليمن لا تحل الا بالحوار، والحل سيكون سياسياً، وبالحوار”.

وبعدما تفاءل بري خيراً بالموقف السعودي والايراني المرحب بالحوار، اقترح أن تكون عمان أو الجزائر العاصمتين المحتملتين لاستضافة مثل هذا المؤتمر على اعتبار أنهما وسطيتان، “والا فبيروت المعروفة بدورها المعتدل”. ولا ينسى بري أن يذكر النواب وعبرهم الرأي العام بأن “لبنان المستقر اليوم هو الذي أسس للاتحاد البرلماني العربي وواكب أعماله ردحاً، ولا يزال”.