واشنطن – يبدو من المرجح أن الكثير من الولايات الأميركية ستبقي عقوباتها الخاصة التي تفرضها على طهران، حتى في حال التوصل لاتفاق نووي نهائي، الأمر الذي يعقد موقف واشنطن التي تقترب من التوصل إلى اتفاق نووي تاريخي مع إيران.
طفت على السطح في الأيام الماضية تفاصيل العقوبات خاصة التي تفرضها نحو 24 ولاية أميركية على إيران، وتتضمن معاقبة بعض الشركات وسحب صناديق التقاعد العامة استثماراتها من شركات أخرى، ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى حرمان شركات من إبرام العقود العامة بسبب علاقتها بإيران.
ولن تلغى القيود في أكثر من نصف تلك الولايات الا إذا رفعت كل العقوبات الأميركية الاتحادية المفروضة على إيران وهي نتيجة لن تحدث على الأرجح حتى في حالة التوصل لاتفاق نووي نهائي. وعلاوة على ذلك تدرس ولايتا كانساس ومسيسبي فرض عقوبات جديدة على طهران.
واحتمال استمرار العقوبات على مستوى الولايات أو حتى فرض عقوبات جديدة في الوقت الذي توصلت فيه الحكومة الاتحادية لاتفاق مبدئي مع إيران يهدد باتساع الفجوة بين الولايات والحكومة الاتحادية في قضية مهمة تتعلق بالسياسة الخارجية.
ورغم أن الولايات تنسق في كثير من الأحيان إجراءاتها مع العقوبات الاتحادية إلا أنها تتخذ أحيانا موقفا أكثر صرامة مع الشركات الأجنبية المرتبطة بإيران مما هو الحال في إطار السياسة الاتحادية.
وقال دون جايتز العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا إن “عقوباتنا لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بمفاوضات الرئيس أوباما مع الإيرانيين.”
وأضاف “عليهم تغيير سلوكهم بشكل كبير ونحن لن نسترشد بالضرورة برأي الرئيس أوباما أو أي رئيس آخر بشأن الإيرانيين.”
من المرجح أن يؤدي الاتفاق النهائي، المنتظر إبرامه قبل نهاية يونيو، إلى رفع العقوبات الأميركية على مبيعات النفط الإيراني إلى دول أخرى وتخفيف القيود على النظام المالي الإيراني. وستبقى العقوبات الاتحادية المرتبطة بقضايا مثل حقوق الإنسان والإرهاب مفروضة على إيران.
ومن بين نحو 12 ولاية اتصلت بها رويترز مباشرة قال مشرعون في جورجيا وفلوريدا وميشيغان إنهم ليس لديهم أي نية لتغيير سياساتهم إزاء إيران حتى في ضوء اتفاق الحكومة الاتحادية.
وقال مسؤولون في نيويورك وأوريغون إنهم سيفكرون في امكانية اجراء تغييرات في القانون على المستوى الاتحادي في حالة الاتفاق النووي لتحديد كيف يمكن أن يؤثر ذلك على سياساتهم.
ولم يرد على الفور مسؤولون في بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب التعقيب على سياسات الولايات. ولم ترد بشكل مباشر المتحدثة باسم البيت الأبيض برناديت ميهان على سؤال حول سياسات العقوبات في الولايات لكنها شددت على أن العقوبات المتعلقة ببرنامج إيران النووي فقط هي التي ستتأثر بالاتفاق.
وحققت الحملات الأولى لسحب الاستثمارات نجاحا في عامي 2008 و2009 وحصلت على موافقة اتحادية في 2010 مع إقرار قانون شامل للعقوبات والمساءلة وسحب الاستثمارات المتعلقة بإيران وهو ما شجع الولايات على إقرار مثل هذه الإجراءات.
ويرى منتقدون لقوانين الولايات أنها تدخل غير ضروري في السياسة الاتحادية من قبل ولايات لا تملك عادة خبرة تذكر في مجال الشؤون الخارجية.
وقال وليام رينش رئيس المجلس القومي للتجارة الخارجية، الذي يمثل الشركات الأميركية الرئيسية، التي تعارض العقوبات الأحادية إن “السياسة الخارجية حالة خاصة ويتعين أن تتصرف الحكومة فيها بصوت واحد.”
والشركات الأجنبية هي الهدف الرئيسي للإجراءات لأن الشركات الأميركية تمنع إلى حد كبير من العمل في إيران بموجب القانون الاتحادي.
ودفع القانون في فلوريدا مجلس إدارة الولاية إلى سحب ما يربو على 1.3 مليار دولار من شركات مثل بتروتشاينا وغازبروم الروسية بسبب العمل في السودان أو إيران.
ومثل فلوريدا تبنت ميشيغان مبكرا سياسات سحب الاستثمارات التي تستهدف إيران.
وسحبت استثمارات قيمتها 185 مليون دولار من صناديق تقاعد من شركات مثل رويال داتش شل وفودافون واتش.أس.بي.سي ونوكيا بسبب أنشطتها في إيران.
وسبق لولاية ميشيغان سحب استثمارات بقيمة 45 مليون دولار من بيكتون ديكنسون وهي شركة مستلزمات طبية أميركية تبيع لإيران بصورة قانونية بموجب لوائح اتحادية.
وقالت الشركة في بيان إن تجارتها مع إيران تجري بإذن من مكتب وزارة الخزانة الأميركية لمراقبة الأصول الأجنبية الذي يتابع العقوبات الاتحادية.
وقال مارتي نولنبرج وهو سناتور جمهوري عن ولاية ميشيغان وتبنى مشروع قانون سحب الاستثمارات في 2008 إن القانون استند جزئيا على مقترح لتشريع قدمته لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) وهي جماعة ضغط تتبنى فرض عقوبات إضافية على إيران.
وقال ريتشارد نفيو نائب المنسق السابق لسياسة العقوبات بوزارة الخارجية الأميركية إن الخاسرين الرئيسيين من إجراءات سحب الاستثمارات هي الشركات والحكومات المحلية بدلا من إيران أو دول مستهدفة أخرى.
وأضاف نفيو الذي يعمل الآن بمركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية في نيويورك أن “الدرجة التي تتخذ بها مثل هذه القرارات على مستويات حكومية أقل من الحكومة الاتحادية تجعل الولايات المتحدة مكانا أكثر تعقيدا وغير جذاب للقيام بأعمال تجارية.”
وتابع “هذا اجراء يبدو جيدا لكن من المحتمل الا يكون كذلك في نهاية المطاف بسبب التكلفة التي يفرضها محليا.”