اعتبر رئيس حزب الكتائب امين الجميل ان الكلام السلبي وغير اللائق بحق المملكة العربية السعودية وقياداتها غير مقبول. لا يمكن أن ينسى الشعب اللبناني فضل المملكة ومبادراتها حيال لبنان منذ عقود من الزمن. كما لا يمكن ألا يتضامن لبنان وكل العرب مع المملكة عندما يكون أمنها مهدداً.
واعلن الجميّل في حديث لصحيفة “النهار” انه استنتج بعد لقائه مسؤولين في البيت الابيض ووزارة الخارجية، انه لا يمكننا الاتكال إلا على نفسنا. وعلى رغم قلق الادارة الأميركية على الوضع في لبنان والمنطقة، ليس هنالك مبادرات او أفكار واضحة لمساعدة لبنان غير الدعم للجيش وبعض النشاطات المتواضعة الأخرى على صعيد الادارة والتنمية. هناك شعور في الخارج بمدى تأثير الصراعات الدائرة في العالم العربي على الوضع اللبناني، أمنياً وسياسياً واقتصادياً. إنما على اللبنانيين أن يبادروا وأن يقترحوا على أصدقائهم ما يمكن أن يفعلوه لمساعدتهم.
وأضاف: لا مظلة خارجية تحمي لبنان. المعاناة التي مررنا بها من قتال دموي لم يوفر حزبا ولا طائفة ولا فئة ولا بلدة، كانت درسا للبنانيين، بمن فيهم القيادات، ممّا جعل ان لا احد يريد ان يقاتل من جديد، ولمسوا ان الاقتتال الميداني نتائجه مدمرة للجميع. المطلوب هو الحوار حول خطة او مبادرة من شأنها ان تضع البلد على سكة الحل المنطقي والوطني الذي يشكل الحماية المستقبلية للوطن والناس.
ورأى رئيس الكتائب ان التاريخ سيشهد ان دورنا كان مهماً، على الاقل لناحية تهدئة الأجواء والدفع في اتجاه الحوار والتواصل الوطني. منذ بداية الحرب السورية، كنا قد نبّهنا الى انعكاساتها على لبنان، وأن هذه الحرب أكبر منّا، وانها ستطول، ويجب ألا نتورّط فيها، “ورح نروح دعس الخيل”. انتقدنا البعض، في حينه، على موقفنا المتحفّظ، ثم عاد واقتنع بوجهة نظرنا، وتمّ التوافق على مبدأ النأي بالنفس. حبذا لو يحترم الجميع هذا القرار الوطني.
ثم كنا دائماً نصرّ على ان يبقى الحوار قائما مع “حزب الله”، أيّاً كانت خلافاتنا معه، لأنه مكوّن اساسي من مكونات المجتمع اللبناني، لا يمكننا إلغاؤه ولا يمكنه إلغاؤنا، والحل لا يكون بالبندقية ولا بالقتال في الشارع، بل بالبحث الهادئ حول الطاولة. واليوم، على رغم الصراع العنيف في المنطقة، اقتنع الأفرقاء بهذا الأمر، ولا يزال “تيار المستقبل” والحزب يتحاوران. وهذا أمر جيّد، نأمل ألا يتعطّل.
وأكد ان الحوار مع حزي الله لم ينقطع، بل يجري بعيداً عن الأضواء ما دامت الأمور الأساسية غير ناضجة للحل. إنما هذا الحوار، كما الحوار بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، يحفظ المستقبل. وأضاف: من خلال متابعة لمسار “حزب الله” منذ عام 1982 نلاحظ تطوراً في سلوكه، تدرّج من رفض الدولة اللبنانية بالكامل حيث لا ترشيح الى النيابة ولا مشاركة في حكومات، الى المشاركة في الدولة وفي مجلس النواب والحكومة والادارة، وهو يتدخل الآن في القضايا الادارية اليومية. وكلما دخل في التركيبة اللبنانية، هو او غيره، اقتنع اكثر بضرورة الحفاظ عليها، وانخرط أكثر في مشروع الدولة الديموقراطية.
ورأى الجميل ان هناك معطيات اقليمية اكبر من الجميع، وليس لنا تأثير على الحروب والثورات الدائرة من حولنا… الأزمة أكبر منّا جميعاً، ولبنان يتأثر مما يحصل من حوله، وبعض الفئات المتطرفة تلجأ اليه وتستغل الحرية فيه لتحقيق أغراضها، على حساب أمننا.
واكد ان مشكلة الفراغ الرئاسي هي في أن نواب “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” يعطّلون النصاب في مجلس النواب. هكذا بكل بساطة. المهم التوقف عن تعطيل النصاب، لأن الدستور لحظ بعض المواد لحماية البلد ولحسن سير المؤسسات الدستورية، معتبرا ان الفريق المعطّل يتمتع بوسيلتين لتحقيق أهدافه: القوة الميدانية والعسكرية، وقدرة الامساك بالمؤسسات. تجربة القمصان السود و7 ايار 2008 لا تزال ماثلة امامنا. هناك فريق مدجج بسلاح بما يجعله قادراً على ان يضغط على طائفته ويوحّدها حوله أولاً، وأن يضغط على الطاقم السياسي كله ثانيا، من خلال المؤسسات مثلما حصل عندما أقيلت حكومة الرئيس سعد الحريري، بينما كان يقوم بزيارة رسمية لواشنطن. وهكذا يعطّل الآن النصاب في مجلس النواب.
وعن حوار “التيار” و”القوات”، علّق الرئيس السابق: المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية. ونقيس كل حوار بهذا المبدأ. اذا لم يؤدّ أي حوار الى تحقيق النصاب والذهاب الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جمهورية، فلا قيمة له. المفتاح هو انتخاب الرئيس، واذا لم ننتخب رئيساً فستبقى الحكومة ومجلس النواب والادارة عرجاء ولن يُعيّن قائد للجيش، ونبتدع كل يوم فتاوى دستورية جديدة. أكرّر أن تعطيل الرئاسة هو انتحار للمسيحيين وللمؤسسات، وأخطر ما في الأمر هو أن نتأقلم مع الفراغ.