ألقى وزير العدل اللواء أشرف ريفي محاضرة في قطر ضمن فعاليات “مؤتمر العدالة الجنائية ومنع الجريمة” مستعرضا كل أوجه الإرهاب وأشكاله في الفترة الأخيرة. وسلسل ريفي الأوضاع اللاقانونية التي تقترن بكل نوع من أنواع الإرهاب من الخطف الى الإتجار بالآثار وتهريبها، وصولا الى الوسائل القانونية والقضائية والأمنية الى يعتمدها لبنان في مكافحة الإرهاب وعلى رأسها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
تناول ريفي بداية “عقبة تنوع مصادر التمويل للمنظمات الإرهابية وإدراجه على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ عقود”، معددا التدابير الهادفة الى منع الإرهاب ومكافحته، ولفت الى أن “مكاسب التنظيمات الإرهابية، بحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، وصلت إلى نحو 120 مليون دولار جراء مدفوعات الفدية في عام 2012 فقط”. وتطرق ريفي الى “الجهود الإستثنائية التي بذلتها الدولة اللبنانية في حملتها ضد الإرهاب، والتي تجسدت بتعزيز وتطوير قدرات الأجهزة الأمنية بجعلها أجهزة متخصصة في هذا المجال”. ودعا الى “قضاء وأمن متخصصين في مجال الإرهاب، وندعو مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أن يلعب دوراً فاعلاً في تحقيق ذلك”، معلنا “إستعدادي التام للتعاون بغية البدء بتطبيق نظام التخصص المذكور في لبنان.”
وحذّر ريفي من أنه “يخطىء من يظن أن الإرهاب ظاهرة مستجدة في العالم، وأن الجهود الدولية لمكافحته حديثة التاريخ، فهو مدرج على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ عقود، وقد وضعت أربعة عشرة إتفاقية دولية في إطار نظام الأمم المتحدة المتعلق بأنشطة إرهابية محددة، ودأبت الدول الأعضاء من خلال الجمعية العامة على زيادة تنسيق جهودها في مجال مكافحة الإرهاب ومواصلة أعمالها المتعلقة بوضع قواعد قانونية تجرم هذه الأفعال.”
وأضاف “بدوره لعب مجلس الأمن الدولي دوراً أساسياً وفعالاً في مجال مكافحة الإرهاب من خلال إصدار قرارات وإنشاء هيئات فرعية عديدة أبرزها لجنة مكافحة الإرهاب التي تسعى إنفاذاً لقراري مجلس الأمن 1373/2001 و 1624/2005 الى تعزيز قدرة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على منع وقوع أعمال إرهابية داخل حدودها، والى إتخاذ ما يلزم من تدابير لتعزيز قدرة الدول الأعضاء القانونية والمؤسسية على التصدي للأنشطة الإرهابية، لأجل تجريم تمويل الإرهاب ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على أي شكل من أشكال الدعم المالي.” وتابع “كما شارك مجلس الامن عدد من برامج منظومة الأمم المتحدة ومكاتبها ووكالاتها في تدابير تطبيقية محددة مضادة للإرهاب توفر مساعدة للدول الأعضاء في جهودها الرامية الى مكافحة هذه الأفة الخطرة.”
وشرح ريفي أن “إتفاقية الامم المتحدة لعام 1999 شكلت خطوة مهمة في إطار التعاون الدولي المطلوب، وغني عن البيان أن الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998 شكلت نموذجاً يحتذى به في تكريس مبدأ التعاون الدولي نحو تحقيق الإستقرار الإجتماعي والأمني للدول.” وأشار الى أنه “لا يخفى على أحد أن تطور وتمدد العمل الإرهابي إتخذ منحى تصاعدياً خطيراً وغير مسبوق في العقدين الأخيرين، حيث شهد العالم فورة على مستوى طبيعة وحجم الإعتداءات الإرهابية عكست قدرات إستثنائية لدى التنظيمات الإرهابية، هذه القدرات تجلت ببسط سيطرت التنظيمات الإرهابية على مساحات جغرافية واسعة، وظهر بوضوح حجم الإمكانات المالية الضخمة الموضوعة في تصرف الفاعلين لتأمين كافة متطلبات إنجاح عملهم الإجرامي.”
وتطرّق الى “تنوع مصادر التمويل للمنظمات الإرهابية الذي شكل أحد العقبات الرئيسية التي تواجه أي مسعى جدي لتجفيف هذه المصادر، مما إستدعى وضع إستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب إعتمدت في 8 أيلول من العام 2006 وأطلقت رسمياً في 19 أيلول من العام المذكور، وقد شكلت هذه الإستراتيجية مرحلة متقدمة في جهود الدول الرامية الى مكافحة الإرهاب، فهي المرة الأولى التي تتفق فيها البلدان من مختلف أنحاء العالم على نهج إستراتيجي موحد لمكافحة الإرهاب، وتستند هذه الإستراتيجية الى توافق قادة العالم في مؤتمر قمتهم الذي عقد في أيلول من العام 2005 على إدانة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره.”
وإذا لفت الى أن “الإستراتيجية شكلت أساساً لخطة عمل محددة تتمثل بالتصدي للأوضاع التي تفضي إلى انتشار الإرهاب؛ ومنع الإرهاب ومكافحته؛ واتخاذ تدابير لبناء قدرة الدول على مكافحة الإرهاب؛ وتعزيز دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب؛ وكفالة احترام حقوق الإنسان في سياق التصدي للإرهاب”، شدد على “التدابير الهادفة الى منع الإرهاب ومكافحته حيث أشارت الإستراتيجية المذكورة الى ضرورة الإمتناع عن تمويل الأنشطة الإرهابية ومكافحة الجرائم التي قد تكون ذات صلة بالإرهاب ومنها الإتجار بالمخدرات والإتجار غير المشروع بالأسلحة، وغسل الأموال وضرورة تطبيق المعايير الدولية الشاملة التي تجسدها التوصيات الأربعون المتعلقة بغسل الأموال والتوصيات الخاصة التسع المتعلقة بتمويل الإرهاب.”
ولفت ريفي في محاضرته الى أن “جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب تشكلان أخطر الجرائم المالية على الإطلاق فهي القاسم المشترك لمعظم الجرائم والأعمال غير المشروعة وعلى رأسها تجارة المخدرات والإتجار بالبشر الذي يبدو ان التنظيمات الإرهابية قد إعتمدته كوسيلة نافعة لدر المزيد من الاموال عليها خاصةً وأنها إستفادت من تداعيات الفوضى التي تشهدها المنطقة بسبب النزاعات المسلحة الحاصلة، حيث أضحى من السهل عليها إستغلال حالات التشرد والفقر الشديد لتفعيل حركة إتجار بالبشر تشكل مصدراً جديداً لتمويل العمليات الإرهابية.”
وأستشهد بـ “تقارير دولية حديثة التاريخ أفادت عن توسيع المنظمات الإرهابية لدائرة مصادر تمويلها إذ لم تعد تقتصر على الدعم المالي من منظمات أو جمعيات ترتدي الطابع الخيري ظاهرياً، ولا على تجارة المخدرات أو الأسلحة، بل توسعت لتشمل بيع الأثار المسروقة أو المنهوبة، وقد ساهم في ذلك سيطرة التنظيمات الإرهابية على مساحات جغرافية شاسعة فيها أماكن أثرية تاريخية، وتشير التقارير الى عمليات تهريب لهذه الأثار عبر أشخاص محترفين في هذا المجال الى دول قريبة من سوريا والعراق حيث يصار الى إصدار شهادات قانونية مزورة للمسروقات وتتولى بعض الشركات هذه المهمة ويتم نقل التحف المسروقة الى دول أوروبية حيث يتم عرضها وبيعها بالمزاد العلني دون الإشارة الى إسم البلد المنشأ حيث يكتفى بالإشارة الى منطقة الشرق الأوسط كمصدر للتحف المعروضة في محاولة مكشوفة لإخفاء المصدر الحقيقي لها.”
من ناحية أخرى، رأى ريفي أن “سيطرة التنظيمات الإرهابية على أبار النفط والغاز في كل من سوريا والعراق شكلت تحولاً مفصلياً على صعيد مصادر التمويل العائدة لها، حيث بلغ إنتاج تنظيم ما يسمى بداعش ما يقارب عشرات ألاف براميل النفط يومياً يتم بيعها في السوق السوداء، ويعلم الجميع أن بعض أنظمة القمع التي تتدعي مكافحة الإرهاب تتعاون وتتعامل مع تنظيم داعش في تصريف منتوجه النفطي.” وأضاف “يعلم الإرهابيون علم اليقين ان تنوع مصادر تمويلهم مهما تنوعت لن تؤتي ثمارها بالنسبة ما لم تعزز بخرق للنظام المصرفي العالمي يؤمن عمليات نقل الأموال بصورة لا تثير الشبهات وتبعد شبح الإجراءات الدولية المكافحة بهذا المجال، ولهذا فان مرتكبي الجريمة المنظمة والأعمال غير المشروعة يسخرون كل طاقاتهم للتمكن من الولوج الى النظام المصرفي للدول بحيث أصبحت النظم المصرفية هدفاً إستراتيجياً للتنظيمات الإرهابية لانها تشكل المدخل الطبيعي لعمليات غسل الأموال، وهذا يستدعي جهوداً إستثنائية على صعيد تدعيم وتحصين النظم المصرفية بما يحول دون تمكين الإرهابيين من إخفاء مصادر تمويلهم وعدم السماح لهم بالإستفادة من السرية المصرفية لتغطية حقيقة الحركة المالية لحساباتهم.”
وفي هذا الإطار، تابع ريفي “تم تشكيل مجموعة العمل المالي المعروفة ب FATF التي عملت على إصدار مجموعة من التوصيات رسمت الخطوط العريضة للإجراءات الفاعلة والممارسات الأفضل الواجب تطبيقها في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وأوجبت على الدول تبني هذه الإجراءات تحت طائلة وضعها على لائحة الدول غير المتعاونة، وفي إطار التعاون الدائم بين المجموعة والدول المعنية يتم وضع تقارير دورية تبين مدى إلتزام الدول بالتوصيات المشار إليها.”
وفي الإطار عينه، قال “لا بد من التنويه بعمل مجموعة مكافحة تمويل ما يسمى بالدولة الإسلامية- داعش (CIFG) التي عقدت إجتماعها الأول في 19 و 20 من شهر أذار 2015 بهدف صياغة خطة عمل لتعزيز مستوى الفهم حيال الأنشطة المالية والإقتصادية لتنظيم “داعش” وتبادل المعلومات ذات الصلة بالإضافة الى تطوير وتنسيق الجهود المبذولة لمكافحة الأنشطة المالية للتنظيم.” وأضاف “يتمثل الهدف الأساسي للمجموعة التي أنشأت كجزء من جهود التحالف لمواجهة ما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش” تحسين مستوى التنسيق بين الشركاء الدوليين حول مسارات الجهود التي من شأنها القضاء على ما يسمى تنظيم “داعش”، وتعكس خطة العمل التي تم الاتفاق عليها من قبل المجموعة تحديات تمويل الإرهاب التي يشكلها تنظيم ما يسمى “داعش” ، كما تحدد خطة العمل وتضع الخطوات الأساسية التي ينبغي القيام بها من قبل أعضاء التحالف والمجتمع الدولي لتعطيل مصادر العائدات، ونقل ، واستخدام الأموال ، وجميع الموارد الاقتصادية لتمويل ما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش” ” .
وفصّل ريفي الهدف الأساسي لمجموعة (CIFG) قائلا:
1- منع استخدام تنظيم “داعش” للنظام المالي العالمي بما فيه جميع الوسائل غير النظامية لتحويل الأموال.
2- مكافحة الابتزاز واستغلال تنظيم “داعش” للأصول والموارد الاقتصادية على سبيل المثال : النقد ، النفط ، المنتجات الزراعية ، القيم والممتلكات الثقافية (الآثار) ، والسلع الاقتصادية الأخرى التي تعبر أو تدخل أو تلك التي يتم الحصول عليها من مناطق يسيطر عليها تنظيم “داعش” .
3- منع التمويل الخارجي لتنظيم “داعش” سواء من خلال المتبرعين في الخارج أو المقاتلين الإرهابيين الأجانب أو ما يتم الحصول عليه كفدية نتيجة الاختطاف.
4- منع تنظيم “داعش” من تقديم الدعم المالي أو المادي إلى المنتمين له خارج العراق وسوريا في سبيل توسيع طموحات التنظيم العالمية.
وشرح “لعل أبرز ما ورد في الاهداف المذكورة، ما يتعلق بإستخدام الوسائل غير النظامية لتحويل الأموال، وهذا يجعلنا نلفت الإنتباه الى ظاهرة العملات الإلكترونية الإفتراضية التي ظهرت منذ العام 2008 وإنتشرت على مستوى العالم كبديل عن النظام المالي العالمي التقليدي، حيث أتاحت إجراء عمليات تحويل أموال من خلال شراء وتصريف العملة الإفتراضية عبر شبكة الإنترنت دون مرور أو قيد هذه العمليات بأي إدارة مصرفية مركزية في العالم، وهو ما يفتح الباب أمام تحويلات مالية سرية لا تخضع لأي مراقبة أو تدقيق من أي مرجع رسمي أو مالي، ولا شك أن التنظيمات الإرهابية والناشطين في مجال الأعمال غير المشروعة يستغلون هذه الوسيلة في تحويل الأموال للتستر على حركة أموالهم الناتجة عن أفعال جرمية أو المغذية لها.”
وتابع “وفي هذا الإطار ينبغي إتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لإنتشار هذه الظاهرة خاصةً وانه ثبت بان بعض المواقع الإلكترونية العالمية التي تروج لبيع الممنوعات من مخدرات وخلافه، وتؤمن خدمات غير مشروعة كالقتل والخطف كموقع silkroad تحصل على المدفوعات من زبائنها بواسطة العملة الإفتراضية الأشهر في العالم والمعروفة ب “bitcoin”.”
وعن عمليات الخطف، قال “لقد نشطت التنظيمات الإرهابية على خط الخطف للحصول على فدية مالية تشكل مصدراً جديداً لتمويل نشاطاتها الإرهابية، ولم يعد يمر يوماً دون أن نسمع عن عملية خطف لأشخاص مع مطالبة الخاطفين بمبالغ مالية ضخمة كفدية مالية للإفراج عن المخطوف، وقد أشارت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن مكاسب التنظيمات الإرهابية قد وصلت إلى نحو 120 مليون دولار جراء مدفوعات الفدية في عام 2012 فقط، وقد حصل تنظيمُ “الدولة الإسلامية” منفردًا على حوالي 45 مليون دولار خلال عام 2014 من خلال أعمال الاختطاف، وفي هذا الإطار نرى من الضروري تعزيز الأمن ودعم الاجهزة الأمنية بكافة الإمكانيات اللازمة لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة.”
وعن جهود الدول العربية قال بأنها “تسعى جاهدةً الى تفعيل العمل العربي المشترك وتطوير أنظمتها القانونية والمالية بما بحقق مكافحة فاعلة لظاهرة الإرهاب، ويعلم الجميع حجم الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي في هذا الإطار، هذه الجهود التي لم تقتصر على المستوى التشريعي من خلال سن التعديلات التشريعية اللازمة، بل وصلت الى حد الإجراءات العملية التي وضعت الخليج العربي في مواجهة مباشرة مع الإرهاب وجعلته رأس الحربة في معركة القضاء على مظاهره كافة.” وفي إطار الجهود العربية أيضاً، تابع “تعتزم الجزائر اقتراح بروتوكول تكميلي لاتفاقيتها المتعلقة بمكافحة الإرهاب على منظمة الأمم المتحدة، خلال الندوة الإفريقية التي ستحتضنها في الخريف المقبل حول تمويل الإرهاب، حيث يرمي البروتوكول إلى تجفيف موارد تمويل هذه الآفة.”
وتطرق الى لبنان قائلا “لبنان عانى كثيراً من تفجيرات إرهابية إستهدفت نخبةً من سياسييه ومفكريه ومواطنيه، فقد خاض ولا يزال حرباً ضروس ضد الإرهاب بكل أشكاله، وأنا من موقعي كمدير عام سابق لقوى الأمن الداخلي وكوزير عدل حالي أؤكد أن الشعب اللبناني شعب رافض للعنف ومحب للسلام والحياة وقد أثبتت التجربة اللبنانية أن الفكر المعتدل الذي ينتمي إليه معظم الشعب اللبناني لهو المنتصر في النهاية على الفكر الظلامي القائم على الترهيب والقتل وقمع الحريات.”
وتابع “لقد بذلت الدولة اللبنانية جهوداً إستثنائياً في حملتها ضد الإرهاب، تجسدت بتعزيز وتطوير قدرات الأجهزة الأمنية بجعلها أجهزة متخصصة في هذا المجال، كما أنشأت الحكومة اللبنانية في العام 2002 لجنة تنسيق وطنية لمكافحة تبييض الأموال وفي العام 2007 لجنة تنسيق وطنية لمكافحة الإرهاب وأحالت عدة مشاريع قوانين الى مجلس النواب منها مشروع تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومشروع قانون نقل الأموال عبر الحدود ومشروع قانون تبادل المعلومات المتعلق بالتهرب الضريبي، وإن إقرار هذه المشاريع سيشكل خطوة الى الأمام في مسيرة الجهود الرامية الى مكافحة تمويل الإرهاب.”
وأضاف “على الصعيد الإجراءات الخاصة بالقطاع المصرفي وفور صدور القانون رقم 318/2001 الخاص بمكافحة تبييض الأموال تم إنشاء هيئة تحقيق خاصة ومستقلة مهمتها التحقيق في عمليات تبييض الاموال والسهر على التقيد بالاصول وبالاجراءات المنصوص عليها في قانون مكافحة تبييض الأموال، وقد أصبغ على هذه الهيئة الطابع القضائي، كما إتخذ المجلس المركزي لمصرف لبنان منذ العام 2002 وحتى تاريخه سلسلة من القرارات التي عدلت نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بما يحقق فعالية أكثر وذلك تماشياً مع التوصيات الدولية في هذا المجال.”
وشدد ريفي على أن “إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان المتعلقة بقضية إغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري شكلت بداية لمرحلة جديدة قائمة على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، وشكل النظام الخاص بالمحكمة لا سيما لجهة ما تضمنه من نظام حماية للشهود نموذجاً يحتذى به في إطار المحاكمات الخاصة بالجرائم الإرهابية، وأن ما يؤمنه هذا النوع من المحاكمات من ضمانة لحق الدفاع وشفافية وعلنية في المحاكمة، من ناحية، وحماية للشهود وحرفية عالية في التحقيق وجمع الأدلة على أسسس علمية ومتطورة كالإعتماد على نظام داتا الإتصالات وتحليلها، من ناحية ثانية، دفع بنا الى المطالبة بإلغاء المحاكم الإستثنائية والخاصة، وإنشاء المحاكم المتخصصة في قضايا الإرهاب، من هنا فإننا ندعو الى قضاء وأمن متخصصين في مجال الإرهاب، وندعو مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أن يلعب دوراً فاعلاً في تحقيق ذلك”، معلنا “إستعدادي التام للتعاون بغية البدء بتطبيق نظام التخصص المذكور في لبنان.”
ونبّه ريفي الى “وصف الإرهاب لا يقف عند صفة الفاعل بل على طبيعة الفعل وعلى الغرض منه، وعليه فعلى المجتمع الدولي أن ينزل صفة الإرهاب على أنظمة القمع والإستبداد التي لم توفر مناسبة إلا ومارست فيها أبشع وأشنع صورة الإرهاب بحق شعوب ذنبها الوحيد أنها طالبت بالحرية والسيادة والإستقلال، وحق تقرير المصير المكفول بموجب الشرائع الدولية.”
وأكّد على أن “ما نصت عليه كافة الشرائع الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، وهو إن صفة الإرهاب تقع على الفعل تبعاً لطبيعته والغاية منه لا لهوية فاعله أو جنسيته، وهذا يحتم علينا جميعاً ان ننظر بعين واحدة وأن نكيل بمكيال واحد عند توصيفنا لما يشهده العالم اليوم من أفعال جرمية قل نظيرها، فقتل الأبرياء من المدنيين يشكل إرهاباً بمفهوم الشرائع الدولية المكافحة للإرهاب سواء حصل بأدوات بدائية وحشية أم بأسلحة كيميائية فتاكة، وأساليب القمع والتعذيب التي تنتهجها أنظمة الظلام التي تعيش على وقع أفعال أقبية الإستخبارات التي جعلت من حياة الناس وقوداً يومياً لإستمرار حكمها الظالم، لا تقل خطورة ولا وحشية عن ما تقوم به المنظمات الإرهابية من أفعال مدانة، بل تكاد تنافسها وتلاقيها في أكثر من مكان أو موقع، وربما تجد فيها في كثير من الأحيان ضالتها لتحقيق مآربها.”
وختم “إن تصميم المجتمع الدولي على تطبيق معايير الإرهاب كما حددتها الإتفاقيات الدولية على الجميع دون إستثناء ودون التوقف عند حسابات سياسية أو خلافه، يشكل الطريق الأساس لإطلاق حملة حقيقية تضع حداً لنمو الإرهاب على مستوى العالم، وإن أي تساهل على هذا الصعيد سيفقد أي جهد جدي بهذا الإتجاه مصداقيته وسينعكس سلباً على صورة المجتمع الدولي وهيئاته الرسمية أمام الرأي العام العالمي الذي لم يعد يقبل بإزدواجية المعايير تحت أي حجة أو ظرف.”