ساد التوتّر داخل المبنى (د) في سجن رومية، إثر انتفاضة السجناء مرّةً جديدة على الواقع الذي فُرِض عليهم، سُرعان ما تحوّل تمرّداً واسعاً تطوّرَ إلى احتجاز 10 عناصر من قوى الأمن الداخلي، بعدما استولى السجناء على مفاتيح الغرَف، وذلك بذريعةِ المطالبة بتحسين ظروفِ سجنِهم وتخفيف الإكتظاظ والتضييق عليهم داخل السجن، إلى جانب مطالبتِهم بعدد من التسهيلات، واحتجاجهم على الإجراءات الأمنية المشدّدة التي تتّخِذها القوى الأمنية خلال زيارات الأهالي، بحسب ما أوضحَت مصادر أهالي الموقوفين لصحيفة ”الجمهورية”.
لم يكن الطريق المؤدّي إلى سجن رومية هادئاً كبقيّة أيام الأسبوع الروتينية، بل شهدَ حركة غيرَ اعتيادية نتيجة توَجُّه الآليات العسكرية وسيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر إلى السجن، فيما تجمَّع الإعلاميون أمام الحاجز الأمني بانتظار أيّ حدث أو خبَر عمّا يدور خلف الجدران.
بعد ساعات على اندلاع الشغَب واستمرار المساجين في تصعيدِهم، أمهَلتهم القوى الأمنية مدّةً قصيرة للإفراج عن العسكريين المخطوفين متوعّدةً إيّاهم بعقوبات مشدّدة، إلّا أنّ الإسلاميّين لم يأبَهوا للتهديدات، فاستمرّت أعمال العصيان، عمَدوا خلالها إلى تخريب وتكسير التجهيزات وأبواب الزنزانات وتحطيم الكاميرات المجهّزة، فضلاً عن حرقِ الفرش والأمتعة، ما أدّى إلى اندلاع حريق في الطابق الثاني حيث يَحتجزون العسكريين، قبل أن يتم إخماد الحريق.
غير أنّ مجموعة من القوّة الضاربة في شعبة المعلومات ووحدة مكافحة الشغَب تمكّنَت، بعد انتهاء المهلة المحدّدة، من دخول البهو الداخليّ واقتحام المبنى وتطويقه، بعدما نشرَت أبوابَه الخلفية، في وقتٍ عملَت القوى الأمنية على إضاءة المبنى من خارجه لتمكين القوّة التي دخلت من متابعة مهمّتها.
وفي هذا الإطار، لم تنفِ مصادر أمنية ما أشيعَ من معلومات عن “ارتباط التحرّك الذي قاده السجَناء، بمقتل المطلوب أسامة منصور”، وأكّدَت لـ”الجمهورية”، أنّ “الأمور لن تفلتَ من السيطرة، منعاً للتراخي والإهمال ما يُحَوّل المبنى الجديد الموَقّت غرفةَ عمليات جديدة لإدارة الإرهاب”، معتبرةً أنّ “الأمر لا يتعدّى كونَه مجرّدَ أعمال شغَب يقوم بها سجَناء عاديّون”. وهذا الأمر أكّده وزير الداخلية نهاد المشنوق، بالقول إنّ “الوضع في سجن رومية تحت السيطرة، ولن يعود إلى سابق عهده من الفوضى، مهما كان الثمن”.
وفي السياق، قال رئيس جمعية “عدل ورحمة” الأب هادي العيا لـ”الجمهورية”، إنّ “المسألة تتعدّى قضية الإسلاميين بعد نقلِهم من المبنى (ب)، لتصبحَ معضلةً إنسانية وإدارية، خصوصاً أنّهم باتوا في مبنى يضمّ سجَناء ذوي أحكام عدلية، فيما تُهمتُهم مرتبطة بـ”الإرهاب”، مشيراً إلى أنّ “المبنى (د) يضمّ 1200 سجين، لكنّه لا يستوعب أكثر من 600 فرد، عِلماً أنّ هذا المبنى غيرُ جاهز لاستقبال السجَناء أساساً”، معتبِراً “أنّ المبنى معرَّض للانفجار في أيّ لحظة، أيّاً كانت هوية السجَناء الذين يضمّهم”.
وإذ انتقدَ قرارَ دمج الإسلاميين مع السجناء العدليّين، دعا العيا إلى “الامتثال بالدوَل الغربية التي تخصّص سجوناً للمتّهمين بالإرهاب تتمتع بـ”خصوصية أمنية”، بحيث يكون التعامل مع هذه الفئة من الناس مختلفاً عن سائر السجناء”، مشدّداً على “ضرورة فصل الموقوفين الإسلاميين عن سجن رومية”.
الى ذلك ابلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق صحيفة “السفير” بعيد منتصف ليل الجمعة-السبت إن التمرد في سجن روميه قد انتهى، وأن الأمور قد عادت إلى طبيعتها، وتم الإفراج عن العسكريين الذين كانوا محتجزين، بالإضافة إلى الضابطين الطبيبين، وان آمري السجن قاموا بتعداد السجناء، ومن ثم أعادوا توزيعهم وفق الترتيبات التي سبقت التمرد.
وقالت مصادر أمنية لـ “السفير” إن عدداً من الموقوفين الإسلاميين تمكنوا من سرقة مفاتيح السجن من أحد العسكريين، ومن ثم قاموا باحتجازه و11 عسكرياً بالإضافة إلى ضابطين طبيبين، وفتحوا كل أبواب السجن بعضها على بعض اثر خلعها وكسرها، فضلا عن حرق فرش أسفنجية وأغطية.
وقد وضعت خمس سرايا من الفهود في قوى الأمن الداخلي في حالة تأهب داخل السجن، وخصوصا في المبنى “دال” بالتنسيق مع الجيش اللبناني الذي عزز قواته في محيط روميه، فيما كان وزير الداخلية يتابع حتى ساعة متأخرة الموقف من مكتبه في وزارة الداخلية.
وكانت الـLBC قد أفادت ليلاً عن معلومات عن التوصل إلى اتفاق يقضي بتسليم العسكريين والطبيبين المحتجزين من قبل السجناء في المبنى دال إلى أحد ضباط قوى الأمن الداخلي.