قامت الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979مع آية الله الخميني ليس فقط على الانقلاب على نظام حكم الشاه وإرساء جمهورية إسلامية في إيران، بل أيضاً وأساساً على مبدأ تصدير الثورة الخمينية الى الدول العربية المجاورة.
وعمل النظام على خطين متوازيين: الأول على مستوى محاولة نشر التشيّع، وذلك باستخدام كل الإغراءات الممكنة. والثاني على مستوى نشر القلائل والبلبلة والمشاكل الأمنية في كل الدول العربية.
هذه المعادلة انطبقت على لبنان الذي شكّل الساحة الأولى لمنطق “تصدير الثورة” اعتباراً من العام 1982، بالمال والسلاح عبر الميليشيا التي أسّسها الحرس الثوري الإيراني وسمّاها “حزب الله”. وباتت هذه الميليشيا نواة وأداة لتنفيذ مخططات الحرس الثوري في لبنان أولاً، وانطلاقاً من لبنان الى مختلف الدول العربية.
في هذا السياق نفهم تنطّح السيد حسن نصرالله للقتال في سوريا دفاعاً عن نظام بشار الأسد بناء على تعليمات الولي الفقيه وليس لأي اعتبارات أخرى. وبالمنطق نفسه أرسل “حزب الله” خبراء ومقاتلين الى العراق. وأيضا وأيضا من هذا المنظار يمكن فهم اهتمام نصرالله بدعم أعمال الشغب في البحرين، واليوم يفقد كل منطق ويهبّ مستغيثاً لنجدة الحوثيين بإرسال المقاتلين وبالصراخ الإعلامي.
هي قاعدة عمل نصرالله بالوكالة عن الإيرانيين: دعم الشيعة من أتباع الولي الفقيه في كل الدول العربية في محاولة لقلب الأنظمة القائمة، لمصلحة منطق “تصدير الثورة الخمينية”، وصولاً الى تحقيق “الإمبراطورية الإيرانية” التي جاهر بها المسؤولون الإيرانيون!
هكذا بدا حسن نصرالله مساء الجمعة 17 نيسان فاقداً صوابه في الموضوع اليمني. للمرة الأولى يشعر أن الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية يوجهون ضربة قاضية للمشروع الإيراني في المنطقة، لا بل يتوجّس من أن تشكل “عاصفة الحزم” بداية للهجوم العربي المضاد لاستعادة العواصم العربية التي توهّم الولي الفقيه أنه سيطر عليها.
أن يصرخ نصرالله “كفى”، فهذا يعني بوضوح أن الحزم العربي يفعل فعله ويجهز على المشروع الإيراني المتخفي بالحوثيين في اليمن. ويقيناً لو أن ضربات “عاصفة الحزم” لا تفعل فعلها لما كان نصرالله يصرخ مستغيثاً كمن يبرّر نفسه أمام جمهوره أولاً لحاجته الى إرسال مقاتلين الى اليمن!
وأن يصل نصرالله الى هذا الدرك من الشتائم بحق السعودية وحكامها منذ الملك الراحل عبد العزيز آل سعود فهذا يعني أنه فقد صوابه وأحرق كل مراكب العودة. فالسعودية لم تشكل يوماً حالة انقلابية كما هي حال الثورة الخمينية في الخليج، ومملكة الخير ساهمت بشكل فاعل في دعم كل الدول العربية بشرعيتها ومؤسساتها وشعوبها من المغرب العربي الى الشرق الأوسط، ولبنان شاهد أول على سخاء المملكة في دعم بقاء لبنان بمؤسساته واقتصاده واستقراره.
وبالتالي فإن العرب اليوم يقفون أمام نموذجين من التعاطي: النموذج الإيراني الذي يصدّر السلاح والإرهاب والقتل والخطف والتدمير الى الدول العربية منذ العام 1979، وهذا ما يحصل في اليمن اليوم، والنموذج السعودي الذي يصدّر الدعم والمساندة والإعمار والازدهار الى كل الدول العربية.
حسن نصرالله وصل الى اعتبار أن الشيعة من أتباع مشروع الولي الفقيه هم حصراً المسلمون ولا يجوز التعرّض لهم أما الشيعة المعارضون والسنّة فهم ليسوا بمسلمين وبالتالي يجوز قتلهم في سوريا والعراق واليمن ولبنان وأينما وجدوا!
حسن نصرالله و”حزب الله” وإيران باتوا يشكلون عملياً عنوان الفتنة المذهبية في المنطقة العربية من دون منازع. قبل الثورة الخمينية في إيران كان الشيعة العرب يعيشون بتآخي مع إخوانهم في كل الدول العربية ويشكلون جزءًا لا يتجزّأ من المجتمعات العربية. أما اليوم فإن إيران- الولي الفقيه ونصرالله يريدون للشيعة العرب أن يشكلوا وقوداً للأحلام الإمبراطورية الفارسية عبر وضعهم في مواجهة مذهبية مميتة مع إخوانهم السنّة ما يؤدي الى تفجير المنطقة برمتها!
لذلك، وانطلاقاً من لبنان سنؤكد وقوفنا الى جانب السعودية وكل الدول العربية في وجه المشروع الفارسي. يستطيع حسن نصرالله أن يكمل في “زعيقه” قدر ما يشاء، فلن يخفّف من الحزم العربي ولن يبدّل في امتناننا للمملكة العربية السعودية وتقديرنا لكل ما فعلته وتفعله للبنان وكل الدول العربية.
حسن نصرالله لا يمثلنا كلبنانيين، وهو يقود مشروعاً انتحارياً للشيعة في لبنان. أما شتائمه بحق المملكة فلن تسيء إلا له ولبيئته!