تظهر دراسة لاوضاع السير وحوادث السيارات في لبنان أن قيمة خسائر حوادث السير تبلغ سنويا ما يراوح بين 1,2 مليار دولار وملياري دولار. فيما يفيد رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزيف مسلم أن القيمة هي بين 1,4 مليار دولار .
وتبين أن عدد السيارات في لبنان يزداد بشكل مخيف ، إذ يبلغ معدّلها سيارة لكل شخصين فيما يصل الى سبعة اشخاص لكل سيارة في تركيا. وهو ما يوافق عليه مسلم.
وفي الوقت الذي تكلف أزمة السير المواطن الكثير من الوقت الضائع الذي يخفف الانتاجية وحرق الطاقة وصـيانة السيارات والكثير من التلوث البيئي. يبدو أن لبنان قد دخل في مشكلة كبيرة، وهنا يوضح مسلم «80% من شعبنا يستخدم النقل الخاص أي السيارات، فيما يتوجب على هذه النسبة أو 60 % منه على الأقل إعتماد النقل العام وهذا ينعكس ايجابا على البيئة والصحة والدورة الاقتصادية وسرعتها، وتوفيرا في الوقت والجهد والاعصاب».
ويتابع بأن الموضوع هو من إختصاص وزارة الاشغال العامة والنقل، وهو يشكل الحل الاساسي لمشكلة السير المزمنة في لبنان. وبعد أن يحظى هذا النقل بثقة المواطنين، ويكون بإدارة أشخاص من ذوي الخبرة والثقة. «يجب أن يكون هناك خطة ثانية للتخفيف من عدد السيارات في لبنان وعندها يتجه المواطن إلى إعتماد النقل العام .وإعتماده بالتأكيد سيخفف من عدد السيارات وبالتالي من أزمة السير وأيضا إلى إنخفاض نسبة حوادث السير».
فالتخفيف من هذه الحوادث على طرقاتنا- وفق مسلم- هو في تطبيق قانون السير الجديد والتطبيق سيكون بداية طريق الحل لأن المسار أمامنا طويل وسيستمر، لأنه دائما هناك تطور وتقييم للعمل وهناك رسم إستراتيجيات وخطط لها.
وفي هذا السياق يرى رئيس جمعية «كن هادي» فادي جبران أن «الطريقة المعتمدة في تطبيق القانون الجديد ستخفض عدد الحوادث مرحلياً كون القانون الآن محور اهتمام الناس، ولكن الإستدامة بالحد من الحوادث لا يمكن تحقيقه دون خطة شاملة وخصوصاً أن الدولة المتمثلة بالحكومات المتعاقبة في الثلاث سنوات الماضية لم تحضر البنية التحتية للسير بالإصلاحات الواردة»، لافتا إلى أن المجلس الوطني للسلامة المرورية الذي يرأسه رئيس الحكومة ويضم وزراء الأشغال والتربية والداخلية والعدل وغيرهم بالإضافة الى امانة السر المولجة متابعة التخطيط والتوجيه، لم يجتمع لوضع خطة متكاملة للسير بحيث تتحدد المسؤوليات ولا يبقى لأي وزارة أي إمكان لتقاذف المسؤوليات مع غيرها، كما أن اللجنة الوطنية للسلامة المرورية والتي تضم جميع النقابات وممثلي المجتمع المدني وغيرهم لم تجتمع بعد ولو مرة واحدة لمناقشة سبل تطبيق القانون الجديد وفق تعبيره .
وإنتقالا إلى بند السرعة يشدد مسلم على أنه « سيكون من أنجع المعالجات المعتمدة في قانون السير الجديد، لأنه لدينا رادارات متطورة موزعة على كامل الاراضي اللبنانية، ومعدل ضبط السرعة حاليا هو 700- 800 ضبط يوميا وسنــستمر» . آملا أن تكون هذه العملية رادعة جدا في المستقبل للمخالفين عند البدء بتطبيق هذا القانون لا سيما الخسائر الناتجة عن حوادث السير.
ومن هنا يقول مسلم : «بتنا بحاجة إلى قطاع نقل مشترك متطور جدا على كامل الاراضي اللبنانية، ووفق معايير عالمية كي يبدأ المواطنون بالتخلي عن سياراتهم لأنه من غير المقبول أن يكون لكل شخصين سيارة في لبنان، هذا بالتأكيد ينعكس سلبا على الاقتصاد اللبناني».
بدوره يشير جبران بأن أعلى غرامات في قانون السير الجديد موضوعة على أهم أسباب تصادم الطرقات الست والتي هي أهداف الجمعية وهي :
1 -عدم تجاوز السرعة القصوى
2- عدم القيادة تحت تأثير الكحول
3- وضع الخوذة لسائقي الدراجات النارية
4-عدم القيادة عند التعب
5- وضع حزام الأمان
6- عدم استعمال الخلوي عند القيادة
ويبدي ثقته بأن تطبيق قانون السير الجديد سيساهم في مشاركة لبنان في الخطّة التي وضعتها الأمم المتحدة في عقد العمل للسلامة على الطرقات من العام 2011 حتّى عام 2020 ويُلزِم الدول بتخفيض عدد ضحايا تصادم الطرقات بنسبة 50 بالمئة.
– لا عوائق ولا تأجيل –
وتعليقا على الحديث عن تأخير في تطبيقه يجيب مسلم : «لا عوائق ولا تأجيل لتطبيق هذا القانون الذي صدر في الجريدة الرسمية في 22 نيسان 2014 والمنصوص على المباشرة بتطببيقه بعد سنة من نشره، أي في 22 نيسان 2015». معلنا أنه سيساهم في تخفيض الحوادث البشرية (قتلى وجرحى) وآليات، وهذه بالتأكيد مأساة نعانيها وأحزان نعيشها جميعا معتبرا أنها «تكلفة بشرية وإقتصادية باهظة تؤثر على النمو في حال إستمرارها وتخفيضها يؤدي إلى رفع نسبة النمو في لبنان».
ويسأل جبران : «هل تعلم أن كل ثانية من الكتابة عبر الواتس أب وأنت تسير ببسرعة 50 كم / س تكون قد قطعت 14 مترا فهل أنت مضطرا لقيادة السيارة مغمض العينين لمسافة 14 متراً وبسرعة 50 كم / س ؟ ويعلق : «هذا عامل من عوامل عديدة يجب أن نوضحها للمواطن كي يقتنع بتطبيق القانون وعندئذ نستطيع أن نخفض حوادث السير بنسبة 40 %».
ويقدم جبران مقارنة لعدد تصادم الطرقات السنوية وفقا لإحصاءات القوى الأمن الداخلي والتي تظهر بأن عدد الوفيات على الطرقات انخفض بنسبة 8% ما بين عامي 2013 و2014من 649 إلى 595 (وذلك بسبب التوعية من قبل القوى الأمنية والجمعيات الأهلية) بالتالي يكون عدد الضحايا على الطرقات في لبنان 14 ضحية لكل 100 ألف نسمة مقارنة مع 6 أو5 ضحايا لكل 100,000 نسمة في الدول النامية. بالإضافة إلى ذلك،تشهد طرقات لبنان ما يزيد عن 14 ألف جريح سنوياً.