ربى منذر
افرحوا أيها اللبنانيون وافتخروا، فبلدكم احتل المرتبة 175 عالمياً بين 192 بلداً من حيث سرعة الإنترنت، أما من حيث سرعة التحميل عن الإنترنت فاحتل المرتبة ما قبل الأخيرة بسرعة بلغت 0.10 MB في الثانية فيما احتلت جمهورية فانواتو، وهي جزيرة تقع في جنوب المحيط الهادئ، المرتبة الأخيرة بسرعة بلغت 0.09 MB في الثانية. أولا يستدعي هذا الحدث فخركم؟ لا تقارنوا وضعكم مع وضع ابو ظبي ودبي وغيرها من البلدان، بل قارنوه مع هذه الجمهورية وافرحوا و«اشكروا ربكم»!
هذه الخدمة التي وصلت الى لبنان منذ 20 عاماً، لم تتغير سرعتها كثيراً منذ ذلك الحين، ولم يُعلم حتى اليوم سبب تعلق دولتنا بنمط الحياة الذي كان معتمداً في حقبة «ما قبل التاريخ»، وكأن التطور ليس من شيمها.
حُكي عن مشاريع عدة لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بدءاً من «الحزمة العريضة» (Broadband) والجيل الثالث (3G)، والجيل الرابع (4G)، وإدخال الكابل البحري IMEWE ، وتحديث وتطوير الكابل البحري CADMOS والكابل البحري ALETAR ، وتمديد كابل بري بالألياف الضوئية عبر تقنية الـ DWDM يربط النقطة البحرية الانتهائية في طرابلس بالنقطتين البحريتين الانتهائيتين في مدينة الجديدة ومدينة بيروت، والتي ساعدت مجتمعةً في رفع مستوى سرعة الإنترنت، ولكن الوضع ما زال سيئاً إذ أن ما يستغرق تحميله 51 ثانية في البلدان المتطورة، يحتاج لـ8 دقائق في لبنان مثلاً.
يقول أحد مهندسي الاتصالات في هذا الإطار، «تحسنت خدمة الإنترنت ولو ببطء نسبةً لما كانت عليه في السابق، ولكن ما زلنا بعيدين عن السرعة المطلوبة نظراً لعدم وجود البنى التحتية اللازمة، فخدمة 3G ضعيفة نسبياً، وما يزيد الطين بلة هو تقطع الاتصالات بحيث أن تغطية الشبكة سيئة خصوصاً خارج بيروت».
على من يقع اللوم؟ يشدد قائلاً «من البديهي لوم وزارة الاتصالات بهذا الموضوع ولكن ذلك يكون غير عادل بوجود «اوجيرو» في المقابل. ففي السنوات الأخيرة كانت المناكفات السياسية بين وزارة الاتصالات واوجيرو هي التي تقف وراء بطء الإنترنت، علماً أنه من المنطقي أن تعمل هذه الأخيرة تحت إشراف وزارة الاتصالات، غير أن وجهات النظر بين إدارة اوجيرو وآخر ثلاثة وزراء إتصالات كانت مختلفة، ونتيجة لذلك يضع كل طرف اللوم على الآخر، حيث أن أوجيرو تدعي أنها تكافح مالياً وأن وزارة الاتصالات تحجب المال عنها وتخرق القانون في مناسباتٍ عدة ، في حين تتهم الوزارة أوجيرو بعدم التعاون».
مناطق ما زالت محرومة من الانترنت
الحديث عن بطء الإنترنت في العام 2015 هو أمر مؤسف، ولكن أن تكون هناك مناطق ما زالت محرومة من هذه الخدمة، فهذا ما لا يمكن لعقلٍ أن يتقبله! فبعض المناطق اللبنانيّة في كسروان وجبيل والبترون والنبطية والبقاع محرومة من هذه الخدمة. هي مناطق مسكونة على مدار السنّة ولكنّها لا تستفيد مما هو حق لها، فهذه الخدمة باتت ضروريّة في يوميات كل إنسان في وقتٍ أصبح كل شيء على الانترنت. أما الذي يريد الاستفادة من هذه الخدمة من شركاتٍ خاصة، فعليه أن يتكبّد تكاليف مرتفعة.
شبكة خطوط الهاتف في تلك المناطق هوائيّة WLL وهو ما يسبب المشكلة، لأن خدمة الإنترنت السريع ADSL لا يمكن إيصالها إلا بوجود هاتف ثابت موصول سلكياً بشبكات السنترال الفرعي أو المركزي في المنطقة، أو يستوجب وضع Wireless في هذه السنترالات تتيح لهم الاستفادة من هذه الخدمة.
إذاً بلدان وصلت الى القمر، وأخرى تبتكر كل يوم أموراً تسهّل حياة مواطنيها، فيما دولتنا تحرمنا مما هو أساسي لتسيير أعمالنا، كل يوم تعلل ذلك مستخدمةً حجّة من حججها المعهودة، ويدفع المواطن تكاليف ذلك مادياً ومعنوياً في المقابل، فإلى متى ستبقى دولتنا قابعة في زاوية عدم التطور؟