جوزف فرح
يواجه وزير المالية علي حسن خليل عقبتين اساسيتين لتمرير مشروع قانون موازنة 2015 في جلسة يوم الثلثاء المقبل، الاولى امكانية تضمين هذا المشروع سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والثانية تضمين الحسابات المقدرة بـ11 مليار دولار والتي تشكل سببا رئيسيا لعدم اقرار الموازنات منذ العام 2005 ولغاية العام، وما يتفرع منهما من تفاصيل قد تطيح باي اتفاق سياسي لمشروع الموازنة، ومنها ايرادات السلسلة او ابقائها خارج الموازنة لحين اقرار السلسلة في مجلس النواب، والحسابات التي تمنع الاقرار على الرغم من المحاولات المتكررة لتأمين توافق سياسي لم يبصر النور حتى الان.
ويعتبر مشروع الموازنة للعام 2015 لغم اضافي في مجلس الوزراء يحاول خليل تجاوزه بهدوء وسكينة، عله يجنب الارقام الواقع السياسي حيث نرى ان هناك «مخلوطة» سياسية، وكل واحد من الوزراء الذين ينتمون الى كتل نيابية معروفة مواقفها سلفا نحو السلسلة والحسابات والموازنات وغيرها خصوصا ان الارقام المعروضة في مشروع الموازنة شبه ثابتة ان على صعيد الرواتب والاجور او على صعيد خدمة الدين العام او حتى على صعيد كلفة الكهرباء حتى ان النفقات الاستثمارية معروفة ارقامها ولن تنقص او تزيد على الرغم من ضرورة تعزيزها ورفعها كي تعود العجلة الاقتصادية الى الدوران من جديد.
وفي هذا الصدد يقول وزير الصناعة حسين الحاج حسن ان ارقام الموازنة هذه السنة غير قابلة للكثير من النقاش حيث هناك فوارق كبيرة لان النفقات المالية بلغت 9،7 ومن المفترض ان تكون اكثر ارتفاعا، اما الدين العام فقد وصل هذه السنة حتى 6،66 ومن المترقب نهاية العام الحالي الى اكثر من 7،71 مليارات والحل لن يكون الا بتصحيح السياسة الاقتصادية واستخراج النفط.
الجدير ذكره ان خليل كان قد تقدم الى مجلس الوزراء بتصورين احدهما يتضمن كلفة سلسلة الرتب والرواتب مع وارداتها واخر يتضمن غلاء المعيشة مع بنود لضرائب السلسلة، مستثنيا زيادة الضريبة على القيمة المضافة، وقد بلغ العجز 7427 مليار ليرة على ضوء النفقات التي بلغت 23 الفا و362 مليار ليرة والواردات نحو 15 الفا و634 ليرة اما قيمة الدين العام فتوقع خليل ان تبلغ نحو 700،71 مليار دولار.
وقد رفض بعض الوزراء تضمين مشروع الموازنة واردات السلسلة من دون اقرارها في مجلس النواب، وبالتالي فان مهمة خليل ستزيد صعوبة لان مشكلة السلسلة عمرها اكثر من ثلاث سنوات مشكلة الحسابات عمرها اكثر من عشر سنوات، وقد اعتبرها الخبير المالي والاقتصادي الدكتور غازي وزني ان موازنة العام 2015 موازنة ارقام خالية من الرؤية الاقتصادية والاصلاحات ولا تتضمن اجراءات تحفز النمو او تحتوي ازمة النازحين الذين باتوا يشكلون عبئا اضافيا على موازنة الدولة اللبنانية.
وقد فند وزني الارقام فالنفقات العامة قدرت بـ 23362 مليار ليرة اي ما يعادل 30.7 % من الناتج مقابل 20500 مليار ليرة انفاق فعلي في العام 2014 اي بزيادة 2862 مليار ليرة، ونسبته 14% في المقابل يقدر نمو الناتج المحلي في العام الحالي نحو 6.5% اي اقل بكثير من نمو الانفاق العام واعتبر وزنى ان البنود الثلاثة في الموازنة وهي الرواتب والاجور وملحقاتها 6342 مليار ليرة خدمة الدين العام 6585 مليار ليرة تحويلات مؤسسة كهرباء لبنان 3056 مليار ليرة حوالى 68.4% من اجمالي الانفاق العام وعدم تضمين النفقات العامة كلفة تعديلات سلاسل الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام المقسطة لسنتين والمقدرة بحوالى 1200 مليار ليرة اي تقدر كلفة السنة الاولى حوالى 600 مليار ليرة كما ان الموازنة تأخذ الانعكاسات الايجابية لهبوط اسعار النفط عالميا على عجز مؤسسة كهرباء لبنان والمقدرة بحوالى 900 مليار ليرة في حال بقي سعر برميل النفط اقل من 60 دولاراً في العام 2015 ويفترض بالحكومة الافادة من هذا الوفر للانتهاء من تجهيز المعامل الجديدة وتأهيل المعامل القديمة بهدف زيادة الطاقة الانتاجية.
اما بالنسبة للايرادات الضريبية فقد ضمنها وزني ملاحظات منها ان هذه الايرادات تقدّر بحوالى 12108 مليار ليرة ما يعادل 15.9% من الناتج المحلي مقابل 10825 مليار ليرة مقدّر في العام 2014 اي بزيادة 1283 مليار ليرة ونسبتها 11.8 في المئة ناجمة عن اجراءات ضريبة جديدة توفر ايرادات اضافية مقدرة بحوالى 1330 مليار ليرة ما يشير الى عدم وجود نمو في الايرادات الضريبية ناتج عن تحسن في النشاط الاقتصادي.
ويعتبر وزني ان العجز في المالية العامة يقدّر بـ 7729 مليار ليرة ونسبته 10.16 في المئة من الناتج المحلي الذي يعتبر مقلقا لان له انعكاسات على الفوائد والتصنيف الائتماني للدولة وعلى القطاع المصرفي ويخشى ان يرتفع العجز الى 8328 مليار ليرة ونسبته 10.9 في المئة من الناتج المحلي في حال اقرّ مجلس النواب سلسلة الرتب والرواتب وتم تسديد القسط الاول منها المقدر بحوالى 600 مليار ليرة.
ماذا يعني ذلك؟
تبدو مهمة الوزير خليل صعبة جدا لان العقبات كثيرة في وجهه لاقرار مشروع الموازنة فمن جهة هناك لغم السلسلة الذي يجمع كل السياسيين على ضرورة اقرارها ولا تقرر و«لغم» الحسابات التي لم يتم ايجاد لها اي مخرج وهناك المزيد من الارقام التشاؤمية في المالية العامة واستمرار العجز والدين العام والايرادات الضريبية وغيرها من الامور بحيث نخشى ان يقتنع الجميع انه من الافضل الاستمرار في تطبيق القاعدة الاثني عشرية في الموازنات عوضا عن اقرار هذه الموازنات على الرغم من تداعياتها السلبية لكنها تريّح العقل والبال كما هو حاصل اليوم مع موضوع الشغور الرئاسي حيث تعوّد الناس على هذه الحكومة وتناسوا ان لا وجود لرئيس جمهورية في هذه الدولة التي تتقاذفها الامواج من كل جهة وصوب.
على اية حال، الوزير علي حسن خليل يستكمل غدا جولاته على رؤساء الكتل النيابية ولعل ابرزها زيارته للرئيس فؤاد السنيورة الذي سيبحث معه اضافة الى مشروع الموازنة موضوع الحسابات والحلول الواجب اتخاذها لتمرير الموازنة في مجلس الوزراء.