عقد وزيرا الخارجية والمغتربين جبران باسيل والبيئة محمد المشنوق، والمنسق المقيم للأمم المتحدة السفير روس ماونتن مؤتمرا صحافيا في مبنى وزراة الخارجية في قصر بسترس، في حضور الامين العام للخارجية السفير وفيق رحيمي، ومدير الشؤون السياسية والقنصلية السفير شربل وهبي، ومديرة الشؤون الاقتصادية السفيرة دونا بركات، ومدير مركز الاستشارات القانونية والأبحاث والتوثيق السفير سعد زخيا، ورؤساء مصالح في وزراة البيئة.
المشنوق
استهل الوزير المشنوق المؤتمر بكلمة قال فيها: “بعد مرور سنتين… كارثة التلوث النفطي” هذا كان عنوان الكتيب الذي أصدرته وزارة البيئة في العام 2008 إثر كارثة التلوث النفطي التي ضربت لبنان في تموز 2006؛ والذي أتبعته الوزارة، وبدعم من الحكومة الايطالية بالتعاون مع الاتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة، بوثائقي من 35 دقيقة حول هذه الكارثة.
فما هي هذه الكارثة؟
هي الكارثة البيئية الأكثر شدة والمتعلقة بقطاع الطاقة في لبنان، حدثت خلال حرب تموز 2006 عندما قصفت طائرات العدو خزانين في محطة كهرباء الجية، فكان أسوأ تسرب للنفط شهده الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وورد أيضا في سلسلة ا? 501 كارثة الأكثر تدميرا (Octopus Publishing Group 2010) – في التفاصيل:
– قصفت القوات الجوية الاسرائيلية في 13 و15 تموز خزانين يحتويان على 10,000 متر مكعب و15,000 متر مكعب من زيت الوقود الثقيل في محطة توليد الطاقة في الجية.
– على الرغم من أن الهجوم قد دمر خزانين، إلا أن الحصار قد منع توزيع معدات إطفاء الحرائق، ما أدى إلى انتشار الحريق إلى خزانات أخرى
– من المرجح أن يكون قد احترق 60,000 متر مكعب من الوقود، وقد تسرب 15,000 متر مكعب إلى البحر.
– الحصارالاسرائيلي منع التدخل السريع لاحتواء التسرب ما أدى إلى تأثير التسرب على أكثر من 150 كيلومترا من الساحل اللبناني، ووصل تأثير الكارثة إلى أجزاء من الساحل السوري.
– وثقت الدراسات اللاحقة للكارثة، والتي أعدتها منظمات الامم المتحدة المعنية بالإضافة إلى منظمات دولية أخرى، بعض آثار هذه الكارثة على الصحة العامة والمنظومات البيئية الحساسة وسياحة الشواطئ والمنتجعات الساحلية والمرافئ، فضلا عن سبل عيش الصيادين (الأضرار التي لحقت بالأسماك ومعدات الصيد وأدواته).
– أعربت الجمعية العمومية للأمم المتحدة عن بالغ قلقها إزاء الآثار السلبية المترتبة على هذا الانسكاب النفطي عبر تسع قرارات متتالية لتاريخه والتي سيتناول معالي وزير الخارجية والمغتربين الشق القانوني والديبلوماسي المتصل بها. إنما ما أريد التشديد عليه هو أن الجمعية العمومية للامم المتحدة إعتبرت أن بقعة النفط قد لوثت بشدة الشواطئ في لبنان، وبالتالي كان لها آثار خطيرة على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي ومصائد الأسماك والسياحة، ما يؤثر بدوره، وبشكل خطير، على سبل كسب الرزق والاقتصاد في لبنان”.
ردات الفعل على تسرب النفط:
واضاف: “حشدت وزارة البيئة، ردا على هذه الكارثة البيئية، فريق استجابة مشتركا بين الوكالات المحلية والدولية على رأسها المركز الاقليمي لمواجهة طوارئ التلوث البحري في البحر الأبيض المتوسط، والاتحاد الاوروبي. وبدأت بتنسيق عملية إزالة التلوث على مرحلتين، مستخدمة الأدوات والموارد التي أمنها شركاء ثنائيون مثل الكويت والنروج وقبرص وفنلندا وفرنسا وايطاليا وموناكو واسبانيا والسويد والمانيا وغيرها. كانت الأولوية أثناء المرحلة الأولى كالآتي:
1 – إستخراج النفط العائم من البحر.
2 – تنظيف المناطق التي يتصل بها الانسان مباشرة أو تشكل خطرا على الصحة العامة.
3 – إعادة تأهيل المناطق بحيث أعاقت بقع النفط النشاطات الاقتصادية، بما فيها المناطق المهمة بيئيا وثقافيا، مثل مدينة جبيل التاريخية.
إكتملت المرحلة الأولى في شباط 2007، بدعم من عدد من الدول الأعضاء والمنظمات، ولا سيما صندوق التنمية الدولية التابع لمنظمة الدول المصدرة للنفط، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الحكومة الإيطالية، الحكومة السويدية، الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، الوكالة الكندية للتنمية الدولية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فضلا عن منظمات غير حكومية محلية.
أما المرحلة الثانية فركزت على إزالة النفط عن الصخور والمنحدرات والبنية التحتية، بدعم من الحكومة اليابانية، الحكومة النروجية عبر الهيئة العليا للاغاثة في لبنان، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والحكومة الاسبانية من خلال الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي والتنمية. إنتهت مرحلة التنظيف الثانية في كانون الأول 2009.
تم جمع المخلفات الناتجة من عمليات التنظيف (من تراب وبحص ومعدات ملوثة وغيرها) وتخزينها في حاويات جرى نقلها إلى أماكن تخزين موقتة حددتها وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه، ومنها محطة كهرباء الزوق (النفايات السائلة) ومحطة كهرباء الجية (النفايات الصلبة) ومصفاتا طرابلس والزهراني. أظهرت دراستان لاحقتان خيارات المعالجة والتخلص من هذه المخلفات، مشددة على غياب البنى التحتية الملائمة لإدارة هذا النوع من المخلفات والمنشآت الخاصة بإدارة النفايات الخطرة في لبنان.
إلا أن وزارة البيئة، وعلى الرغم من النقص في الإمكانات، تمكنت بدعم الشركاء وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من تنسيق طريقتين تجريبيتين لمعالجة هذه المخلفات النفطية:
– استخدمت إحداهما لمعالجة حوالى 320 مترا مكعبا من هذه المخلفات (الحطام والمعدات والرمل والحصى المخزنة في مصفاة الزهراني)، منتجة مواد نظيفة تمت إعادتها إلى الشاطئ وتم شحن المخلفات السائلة إلى محطة توليد الطاقة في الزوق.
– أما الطريقة الثانية، فاستخدمت مركب أكسيد الكالسيوم لتحقيق استقرار حوالى 2300 متر مكعب من الرمال الملوثة بالنفط ، والتي استخدمتها لاحقا شركة “سوليدير” كتربة سطحية في مكب النورماندي الذي أعيد تأهيله”.
وتابع: “قرابة تسعة أعوام على كارثة التلوث النفطي 2006: ماذا بعد؟
لا يزال حوالى 2,500 متر مكعب من المخلفات مخزنا في مصفاتي طرابلس والزهراني وفي محطتي توليد الطاقة في الجية والزوق، في انتظار أعمال المعالجة التي من المفترض أن تبدأ قريبا، بعدما وافق الاتحاد الأوروبي مشكورا بتغطية تكاليف هذه الاعمال عن طريق هبة بقيمة تقارب ال2,2 مليون يورو – هي جزء من هبة أكبر بقيمة 19 مليون يورو تهدف إلى حماية موارد لبنان البحرية وضمان استخدامها المستدام.
من دون أن ننسى ضرورة المراقبة المتواصلة للموارد المائية والأرضية والايكولوجية التي تأذت من جراء هذه الكارثة Monitoring. فمن المعلوم أن أعمال المراقبة اللاحقة لمثل هذه الكارثة تستمر سنوات عديدة وأحيانا لأكثر من عقدين لغرض الأبحاث والتنمية Research &Development. فوحدها المراقبة المتواصلة تخول التعلم المستمر وبالتالي التخطيط الأفضل. وهذا ما كانت دولة اليونان الصديقة أول من برهنه من خلال منح لبنان هبة لتطوير مراقبة موارده البيئية، جرى تنفيذها بين الاعوام 2011 و2014”.
وقال: “إن كلفة جميع هذه الأعمال شكلت جزءا من قيمة المبلغ الإجمالي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها الأخير حول هذا الموضوع – القرار 69/212 الذي أشار بوضوح إلى قيمة التعويض عن الأضرار التي لحقت بلبنان وهو 856,4 مليون $، والذي أخذ في عين الاعتبار القيمة المباشرة وغير المباشرة للأضرار الناتجة عن تسرب النفط، وقيمة “الاستخدام السلبي” Passive Use، معدلتين في ضوء احتساب التضخم وقيمة الفائدة منذ شهر شباط 2007.
مع الإشارة إلى أن المبلغ المذكور لم يشمل التعويضات عن الضرر اللاحق بقطاعات أخرى (مثل الصحة والنظم البيئية كالموئل Habitat والتلوث المحتمل للمياه الجوفية بالإضافة إلى التنوع البحري)، ولكن تم الإشارة إليها في تقارير المنظمات والمؤسسات الدولية المختلفة التي استند إليها الأمين العام في تقريره”.
وسأل: ما هي العبر؟ واقترح الاتي:
1 – يجب فصل السياسة عن البيئة مهما كان الثمن.
2 – الوقاية من النشاطات الملوثة للبيئة والتهيؤ للكوارث في حال حدوثها موضوع ببالغ الأهمية خاصة أن لبنان أصبح على مشارف الانخراط في عالم النفط، ما يحتم:
– التطبيق الصارم لمبدأ تقويم الأثر البيئي استنادا إلى القوانين والأنظمة المرعية.
– بلورة إرشادات مفصلة لعملية الوقاية البيئية في قطاع النفط وتقوية القدرات، وهذا ما بدأ الإعداد له بالتعاون بين وزارة البيئة والهيئة الناظمة لقطاع النفط بدعم من الحكومة النرويجية ضمن برنامج النفط للتنمية.
– اعتماد خطة طوارئ واضحة لمواجهة الكوارث على أنواعها، وتحديدا الانسكابات النفطية، وهذا ما يجري العمل عليه ضمن إطار اللجنة المختصة التي تنسقها رئاسة الحكومة، والمشروع المشترك بين الهيئة الناظمة للنفط وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة البيئة.
3 – إنشاء بنية تحتية لمعالجة النفايات الخطرة في لبنان أمر ملح.
4 – زيادة الموارد المخصصة للأبحاث والتنمية في الموازنة العامة أولوية وطنية أيضا.
5 – تحديث القوانين والانظمة بشكل مستمر ضروري بهدف مواكبة التطور العلمي.
6 – مشاركة جميع الأفرقاء في الاعداد للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي أطلقها دولة الرئيس من السراي في أوائل آذار وخصصت لها رئاسة الحكومة صفحة الكترونية www.nsds.pcm.gov.lb، واجب وطني، علما أن هيكلية هذه الاستراتيجية تطرقت إلى الموضوع الذي نبحثه اليوم، كارثة التلوث النفطي، عبر هدفين استراتيجيين:
– توفير مقومات الحياة، وتحديدا في ما يعود لتجنب الكوارث وحسن مواجهتها في حال حدوثها.
– إعادة موضعة لبنان على الخريطة العربية والمتوسطية والدولية، وتحديدا المطالبة بحقوق لبنان، والذي يعتبر التعويض الذي ذكرناه أحد أبرز هذه الحقوق، خاصة أن سائر الدول منخرطة في بلورة برنامج التنمية لما بعد العام 2015، والذي من بين اهدافه تعزيز وضمان احترام مبادئ القانون الدولي البيئي.
7- للبنان أصدقاء وشركاء الذين لولاهم لما تخطينا هذه الكارثة، ونحن ممتنون لهم”.
وقال: “أود، باسمي وباسم وزراء البيئة الذين تعاقبوا منذ العام 2006، أن أشكرهم فردا فردا وفريق العمل في الوزارة، مخصصا بالشكر المنسق المقيم للامم المتحدة في لبنان، سعادة السفير Ross Mountain، وفريق عمله.
وختم: “لا بد من أن أحيي ديناميكية الوزير جبران باسيل وجهوده المتواصلة، وأن أنوه بمثابرة فريق عمل وزارة الخارجية والمغتربين، وتحديدا بعثة لبنان الدائمة في نيويورك، التي تابعت هذا الموضوع منذ العام 2006، فكان الإنجاز اللامع في كانون الأول الفائت. هذا الإنجاز الذي نتطلع جميعا الى ثماره في المستقبل القريب إن شاء الله، لأنه في النهاية لا بد للحق من أن ينتصر”.
باسيل
بدوره، قال الوزير باسيل: “اشكر الوزير المشنوق والسفير ماونتن لان الموضوع بطبيعته هو نتيجة تراكم في الزمن والجهود قامت به اولا وزارة البيئة منذ العام 2006 وتابعت به، واليوم الوزير المشنوق اظهر اهتماما لافتا واستثنائيا به. وثانيا وزارة الخارجية وتحديدا بعثة لبنان الدائمة في نيويورك التي قامت بعمل ديبلوماسي كبير وجبار من خلال النتائج التي توصلت اليها وتابعتها. وثالثا مجموعة الدول الصديقة والمنظمات الدولية والاقليمية المانحة التي بفضل جهودها تمكنا من الوصول الى النتيجة التي نحن في صددها. من الواضح اننا نتكلم عن جريمة بيئية كبرى تتناول 15 الف طن متري من المحروقات رميت عمدا بواسطة القصف المباشر من قبل اسرائيل في الشرق المتوسط. وبالتالي فإن اثارها السلبية معروفة ان كان على الموارد الطبيعية، والتنوع البيولوجي والسباحة وعلى مصادر الأسماك وعلى مفهوم التنمية المستدامة، ولهذا فإن لبنان دخل من بند التنمية المستدامة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. نتكلم هنا عن قانون دولي تخرقه اسرائيل ليس فقط للمدنيين اللبنانيين إنما بحق البيئة المحيطة بهم في شرق المتوسط. وبالتالي ان هذا الامر يتعارض مع القانون الدولي الذي يوجب حماية البيئة والمحافظة عليها بحسب مؤتمر اعلان البيئة البشرية في العام 1972، الذي يطلب من كل الدول اتخاذ الاجراءات الممكنة لمنع تلوث البحار. انطلاقا من مبدأ تحميل الملوث تكلفة تلويثه للبيئة وذلك “بإعلان ريو في شأن البيئة والتنمية عام 1992 ” والذي اصبح جزءا من أعراف القانون الدولي، فإن اسرائيل ملزمة، بحسب القانون الدولي تطبيقه. وقد بدأ طبعا عام 2006 عندما تقدم لبنان مع “مجموعة دول ال 77 والصين بهذا القرار امام الجمعية العامة للأمم المتحدة وصدر في تاريخ 20/12/2006 بأكثرية ساحقة 170 دولة من اصل 192، وهنا يتوجب شكر هذه الدول التي أيدت لبنان، ولا سيما أنها حملت اسرائيل بشكل واضح المسؤولية وألزمتها دفع تعويض فوري ومناسب للبنان”.
اضاف: “بقي لبنان مستمرا في تقديم مشروع القرار نفسه سنويا امام الجمعية العمومية، ويحصد النتائج نفسها بسبب التقرير السنوي الذي يرفعه الامين العام للأمم المتحدة أمامها. الامر الذي اختلف في العام 2014 ان لبنان توصل بسعي من وزارة البيئة والمنظمات الدولية المانحة، الى تقديم تقرير تبناه الامين العام يحدد بشكل وتقويم أولي الأضرار المباشرة التي تكبدها لبنان، وقدرت قيمتها 856,4 مليون دولار، تبناها الامين العام بتقريره وصوتت عليها الجمعية العامة كجزء أساسي من القرار، وبالتالي اصبح لدينا اليوم أساس مادي يحدد التعويض الذي يتوجب على اسرائيل دفعه. هذا الموضوع هو عرضة للمتابعة لان بعده، وفي ظل رفض اسرائيل، تضاف اليه الأضرار غير المباشرة والفوائد وكل ما يلحق من أضرارا متأتية لاحقا نتيجة عدم قيام اسرائيل بسداد الموجبات المفروضة عليها. ونرى أن إسرائيل تمعن في قتل الأبرياء وإصابة مباشرة للموارد الطبيعية اللبنانية، وهذا هو التفسير الوحيد لاعتدائها وقيامها بعقاب جماعي وإرهاب بيئي لا يقلان عن مرتبة الجرائم ضد الانسانية وان هذه العملية تدل على طبيعة اسرائيل ويعريها مرة جديدة أمام المجتمع الدولي، ويظهر مرة جديدة هي دولة مارقة في القوانين الدولي بينما لبنان بلد منتظم ومندرج ضمن المنظومة الدولية ويحترم القانون الدولي ويتبع الأصول اللازمة لصدور القرارات التي تأتي لتصب في مصلحته. وعندما تصدر قرارات مشابهة، نجد لبنان يتقيد بينما اسرائيل ترفض مرة جديدة قرارا صادرا عن 170 دولة في الامم المتحدة وتتحدى هذا القرار”.
وتابع: “ان السؤال الذي يطرح اليوم هو ماذا حصد لبنان نتيجة هذا الامر؟ وكيف من الممكن متابعته. نحن اليوم امام قرار دولي صادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ليس لديها ذراع تنفيذية إنما هذا القرار لديه قوته المعنوية، ولكي نجعله ملزما علينا الذهاب الى مجلس الامن وتحديدا تحت الفصل السابع. وهنا ايضا لدينا تجربة مع اسرائيل، وخصوصا ان قرارات عدة صدرت عن مجلس الامن ولم تلتزمها. وعلينا الا نتصور ان الحل هو بذهابنا الى مجلس الامن حيث سيكون القرار ملزما. طبعا سيكون القرار ملزما بطبيعته اكثر إنما مع دولة كإسرائيل وكما يتصرف معها المجتمع الدولي هذا الامر أمامه خطران: اولا عدم التقيد مجددا وكالعادة، وثانيا إمكان الفشل السياسي لانه في مجلس الامن هناك حق النقض “الفيتو” الذي يمكن ان تستخدمه احدى الدول. لذلك يجب توفير الأرض السياسية الملائمة للانتقال الى خطوة من هذا النوع”.
وسأل: هل هناك وسائل اخرى يمكن ان يلجأ اليها لبنان كي يلزم اسرائيل، لاننا لن نعدم وسيلة للتفكير بالبحث والمطالبة والكلام كي تلتزم اسرائيل. هناك وسائل كثيرة تم عرضها سابقا او تم مراجعتها حاليا ان كان من محكمة البحار والتي اسرائيل ليس عضوا فيها، وهي مجددا تنتهك وتعتدي على حدودنا في المنطقة الاقتصادية الخالصة لان ليس لدينا سبل مراجعة فيها، وهناك محكمة العدل الدولية والتي توجب علينا الاعتراف بإسرائيل وهذا امر غير وارد، وبإمكاننا ايضا ان نلجأ الى قرارات ملزمة من الجمعية العمومية، وهناك سابقة ايضا حصلت مع كوريا في العام 1956، وانما هذا الامر يتطلب ايضا الأرض السياسية”.
وقال: “نحن اليوم نبحث مجددا وهناك إمكان كما حصل مع المحكمة الجنائية الدولية ان يكون لدينا ثغرة يمكن ان ندخل منها ونقوم بمراجعة قانونية إضافية في هذا المجال، ونعلن عنها اذا ما توافرت العناصر للازمة لنجاحها. كما ان هذا الامر لن يؤثر على المسار الطبيعي الذي يقوم به لبنان سنويا بسعيه بإستصدار قرار جديد من الجمعية العمومية للأمم المتحدة بغالبية الأصوات تأييدا لحقه والزاما لإسرائيل دفع مستحقات الضرر التي قامت به، وتأكيدا في ظل المعركة الكبرى التي يقوم بها لبنان في هذه المنطقة حيث اسرائيل تتشابه مع “داعش” التي تزيل تراكمات حضارية وثقافية في المنطقة، بينما اسرائيل تزيل تراكمات بيئية في حوض البحر الأبيض المتوسط وتمارس ارهابا بيئيا ضرره يمتد ويطاول اثره الآلاف السنين من الماضي والمستقبل”.
واكد “ان لبنان معني بإظهار هذا الارهاب البيئي مجددا امام المجتمع الطولي إظهارا لحقه”.
ماونتن
وقال ماونتن: “أن أبدأ بشكركم على وجودكم هنا اليوم لتقديم نتائج العمل الذي قمنا به معا في شأن مسألة الأضرار الناجمة عن التسرب النفطي الذي وقع صيف عام 2006.
“للأسف، تترك الحرب خلفها عددا كبيرا جدا من الضحايا. ولبنان ليس غريبا عن الحرب ونتائجها الضارة. ومع ذلك فان أحد أهم نتائج الحرب التي غالبا ما تهمل هو تدمير الموارد الطبيعية. ومن المفارقات أن الأضرار التي لحقت بالموارد الطبيعية في بعض الأحيان زادت من أسباب الصراعات. القصف وازدياد اعداد اللاجئين له عواقب على المدى الطويل على النظم الإيكولوجية التي تستمر إلى ما بعد فترة الحرب نفسها. بعض عواقب الحرب تشمل تلوث الأرض والتربة، وحرق الغابات والأراضي الزراعية، وتلوث إمدادات مياه الشرب والهواء، وفي بعض الحالات تدمير النظام البيئي الساحلي”.
واضاف: “خلال حرب تموز 2006 في لبنان، دعمت الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة الحكومة في محاربة أثر الصراع على البيئة الهشة أساسا في لبنان وساعدت في معالجة الأضرار التي لحقت بالموارد الطبيعية.
من بين الأضرار الناجمة عن الصراع التسرب النفطي الناتج من القصف الإسرائيلي لصهاريج الوقود الموجودة في محطة كهرباء الجيه جنوب بيروت، وكان هذا القصف ضارا على البيئة. ويقدر أن 10،000 إلى 15،000 طن من زيت الوقود الثقيل تسربت الى المياه وتلوث أكثر من 150km من خط الساحل اللبناني.
كانت وكالات الأمم المتحدة موجودة أثناء الكارثة وبعدها مباشرة: تم تقديم الدعم الى وزارة البيئة لتنسيق أنشطة التنظيف وقدمت المساعدة على أرض الواقع من خلال احتواء التسرب النفطي وتطبيق مشاريع التنظيف وتمويلها. الجهات المانحة المختلفة كان من بينها حكومات اليابان والولايات المتحدة وكندا وموناكو وغيرها. واستمرت مشاريع إدارة نفايات النفط اعواما عدة بعد وقوع الحادث وحتى الآن.
استغرق الأمر أكثر من أربعة أعوام لجمع كل النفط العائم، وتنظيف الشواطئ الرملية والصخرية في لبنان واعادة النظم الإيكولوجية الساحلية إلى أفضل مستوى نظرا الى محدودية الموارد في ذلك الوقت.
“في كانون الأول 2006، أقرت الجمعية العمومة للأمم المتحدة الأثر السلبي لتسرب النفط الذي أثر على لبنان نتيجة لتفجير خزانات وقود الجيه. ووفقا لذلك القرار طلب من الأمين العام أن يقدم تقريرا لقياس الآثار وتقديم مزيد من المعلومات حول الجوانب القانونية للقضية.
وقد قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقويمين كانا حاسمين في تحريك قرار إلى الأمام ووفرا التحليلات القانونية والاقتصادية للقضية. هذه التقارير يمكن أن تدعم دول أخرى لتحديد تكلفة الأضرار البيئية على الاقتصاد الوطني وتوفير الإطار التشريعي الدولي لطلب التعويض عن حالات مماثلة”.
وتابع: “كما ذكرالوزير المشنوق، فان قرار الجمعية العمومية 69/212 الذي اعتمد في 19 كانون الاول 2014، أقر مبلغ 856400000 دولار وطلب من حكومة إسرائيل أن تتحمل المسؤولية. وهذا هو إنجاز للبنان والبيئة”.
وختم: “أود أن أتوجه بالشكر الى كل من عمل في قضية تسرب النفط من البداية، وخصوصا فرق وزارة البيئة، وبعثة لبنان في نيويورك، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة – سواء في جنيف أو في البحرين، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان وهنا في نيويورك”.
أسئلة واجوبة
وردا على سؤال عن قدرة لبنان اذا تعرض مرة جديدة لعدوان إسرائيلي، على حماية موارده الطبيعية، اجاب المشنوق: “لا شك ان لبنان اتخذ مجموعة قرارات تساعد على التحرك السريع ولكن لا احد يدري كيف قد يكون اي اعتداء إسرائيلي مقبل انما هناك تدابير احترازية تتعلق بطريقة ملء الخزانات، من جهة، والتعامل مع عملية الإطفاء او اتخاذ القرارات لإزالة أي تأثيرات سلبية مباشرة. هذا الامر ما زال قيد الأبحاث في الهيئة المؤلفة منذ اعوام والتي تتعامل مع هذا الموضوع”.
وأوضح انه “ليس على حد علمي أن هناك اي مناورات إنما إجراءات لتسهيل عملية التعامل مع هذه المشاكل”.
من جهته، أكمل باسيل: “مع سعي لبنان الى قبض تعويضات هذه الأضرار، ومع تكرار شكرنا للدول والمنظمات الدولية، فإن القيمة التي تسلمها لبنان من مساعدات مالية وصلت الى 18 مليون دولار وهي تشكل نسبة 2 في المئة فقط من حجم كلفة الأضرار، وبالتالي فإن جزءا من سعينا يتعلق بتحصيل هذه الأموال، ما يشكل أمرا استباقيا لاي أضرار لاحقة. وهنا لدينا تجارب كثيرة تعنى بها وزارات البيئة والطاقة، ولم لا يكون لدينا في لبنان مركزا لدرء الإخطار والكوارث، لحماية كل منطقة الشرق المتوسط التي هي مساحة مشتركة حضارية وبيئية معنية فيها كل دول المنطقة، وبالتالي فإن اي ضرر من اي دولة يطال الدول الباقية. وما دام العالم يعيش في ظل معيارين في التعاطي مع القانون الدولي سيبقى هناك ظلام وظلمة بموضوعه، وستبقى العدالة الدولية غير مطبّقة كما هي اليوم، إن كان من إسرائيل أو المجموعات الدولية”.
سئل: ما هو الجديد الذي تطرحونه اليوم في ظل موقف اسرائيل المتعنت والذي لا يلتزم تطبيق القرارات، وخير دليل عدم تطبيقها للقرار 1701؟
رد المشنوق: في ما خص الجانب البيئي، من الواضح ان لدينا مهمات مستمرة في قضية المعالجة، والمراقبة ضرورية، ومن الواضح ان ثمة ضرورة للمساعدات المالية لاستكمال عملية التنظيف ومتابعة كل ما نشأ من أضرار قد تبرز في القريب العاجل. لكن على الصعيد الخارجي، كما قال الوزير باسيل، لدينا خيارات يتداولها لبنان وعليه اختيار الطريق الأفضل في عملية المتابعة على رغم الإدراك المسبق لصعوبة هذا الموضوع بالنسبة الى الزام إسرائيل الدفع. ولكننا نريد ان نوثق كل هذه الأمور وان نكشف امام العالم الهمجية الاسرائيلية في رفض القوانين الدولية والاستمرار في كونها دولة مارقة”.
وأوضح باسيل أن “عنوان هذا المؤتمر هو التراكم، وعندما نقوم بوصف موضوع ما للوصول الى نتائج ما يجب أن نراكم فيه ولو بالكلام، حتى لو لم يكن هناك من شيء جديد. “داعش” اليوم عندما يقتل أحدا، هل نسأل لماذا أصدرت وزارة الخارجية بيان إدانة لمقتل 28 أثيوبيا مسيحيا على يد داعش في ليبيا، طبعا ليس هناك اي شيء جديد، فهناك تكرار للقتل، وتكرار للموقف الرافض له، وبالتالي هناك تكرار لتعمد اسرائيل، سنة بعد سنة، ألا تنفذ القرارات الدولية، وتكرار من لبنان وإصرار منه على تنفيذها”.
وأشار الى انه “هذا العام هناك شيء جديد، فهذه أول مرة يصدر رقم يحدد هذه الأضرار ويطالب بها إسرائيل وهو عمل أخذ الكثير من الوقت، وحتى تأمنت الإثباتات القانونية، تطلب ذلك جهدا كبيرا من وزارة البيئة. وثمة امر جديد آخر أننا سنذهب الى أبعد من ذلك بتحديد ارقام إضافية للأضرار غير المباشرة وأخرى من جراء عدم تقيد اسرائيل بدفع التعويضات، فضلا عن بحث قانوني إضافي، نسعى وسنظل نبحث عن اي إمكان قانوني لمطالبة اسرائيل. هذا ما يضمن ايضا عنصر حماية مستقبلية عندما تدرك اسرائيل ان أعمالها العدائية لا تمر في ظل عدم سكوت لبنان وصمته”.