Site icon IMLebanon

رسائل عدة لمؤتمر النفط والغاز الدولي: كي لا تتحول الثروة من نعمة الى نقمة

MoneyDollarsOil
رائد الخطيب
شدد مؤتمر النفط والغاز الدولي في جامعة رفيق الحريري، على ضرورة أن تزيل الحكومة كل العوائق التي من شأنها، أن تعرقل عملية الاستكشاف والانتاج النفطي، وذلك من أجلِ تحقيق غرضين في طليعتهما تعزيز الأمن الطاقوي للبنان، وثانيها تكوين اقتصادات جديدة للدولة من شأنها المساهمة في تغلب لبنان على مشكلاته المالية وغيرها، وفي طليعتها اطفاء الدين العام.

لكن هناك من اعتبر أن الكلام عن الثروة المتوقعة هو كلام في الهواء، ولا سيما الخبير الاقتصادي مروان اسكندر، اذ الآن ما زال الأمر تقديراً، فلا أحد يعرف تكلفة الانتاج ونسبة توزيع الارباح وعلى كم سنة سيكون الانتاج وكيفية التعاقد مع الشركات، فمن ذا الذي يؤكد أنه ستكون هناك موارد بمليارات الدولارات.

وهو ما أكده عضو هيئة إدارة القطاع البترولي وليد نصر، الذي نفى أن تكون الهيئة قد أعطت أرقاماً، بل هي مجرد توقعات، وتبقى غير رسمية، إلا أنها مبنية على سيناريوات محددة، واستراتيجية تعمل على أربعة محاور:

-التنظيم المالي والقانوني للشركات.

-تأمين الطاقة للبنان.

-العمل على استدامة الموارد.

-ادارة الأموال من خلال الصندوق السيادي.

وعلى أي حال، فقد استحوذ الموضوع الجيوبوليتكي للنفط على حيز مهم من المؤتمر، في ظلِ ما تشهده المنطقة الآن من تغييرات سياسية، واهتم المؤتمر بعدد لا يستهان به من النواحي العملية والعلمية المتعلقة بقطاع النفط والغاز، كالاستكشاف واعمال الحفر والانتاج، الأعمال والاقتصاد والأسواق، ترابط طاقة المياه والغذاء والدور الذي تلعبه الطاقة في تأمين الموارد الأخرى، التعليم والتوعية العامة، تحويل الغاز الطبيعي الى الغاز السائل والمواد الكيمائية الناتجة عنه، وذلك من خلال اعتماد الإطار العالمي الأمثل عالميا، كما عالج مسالة العوامل المؤثرة في تسرب النفط وأثرها، إضافة الى الجغرافيا السياسية للغاز في لبنان ودول الشرق الأوسط، دور المجتمع المدني والجامعات ومعاهد التدريس في هذا القطاع وأثر هذا الدور في تحسين هذا القطاع، وأخيرا عن امكانية اعتبار النفط والغاز كثروة ومورد طبيعي هام، نقمة ام نعمة على لبنان.

إن صناعة النفط والغاز في لبنان ستشكل عنصرا مهما من الاقتصاد اللبناني، اذ ان هذه الصناعة ستعطي للبنانيين فرصة المشاركة في كافة قطاعات الصناعة المتعلقة بالغاز والنفط، لذا فعلى الجامعات اللبنانية ان يكون لها دور ومسوولية في عملية تطوير المناهج التقنية والادارية والأعمال كما تنظيم دورات محددة ومتخصصة لأجل هذه الصناعة.

ان الطاقة هي العامود الفقري للنمو الاقتصادي ففي القرن الواحد والعشرين مازال النفط والغاز من أهم موارد الطاقة المستعملة، ولكن رغم ذلك نلاحظ ازدياد في النشاطات المتعلقة بالطاقة النووية، ورغم ذلك يتبين انه في الشرق الأوسط ولبنان تواجه صناعات الطاقة نقصا حادا في اليد العاملة الممتهنة والمتخصصة، على الرغم من أن هذه الصناعات قد تستقطب نسبة عالية من اليد العاملة والمقاولين وغيرهم وهي حاجة ملحة في هذه البلدان خاصة بوجود بطالة وسوء توزيع في الأعمال وفقا للكفاءات.

من المتوقع ان يتم استكشاف الطاقة في بحر لبنان، بشكل يجعله بموضع المتنافس مع الدول المنتجة للنفط التي تجاوره، وطالما المتخصصين والممتهنين غير موجودين قد يضطر الى استيراد المتخصصين والممتهنين من الخارج، الأمر الذي يستدعي وعي الجامعات والادارات لتأمين هذه المهارات.

بدأت الجامعة الأميركية في لبنان ومؤسسة المصري بتفعيل هذا القطاع باعتبار ان الجامعات والمؤسسات المتخصصة تلعب دورا اساسيا في إعداد فرق في المعاهد للعمل على مشاريع تتطرق الى المشاكل الكبيرة المتعلقة بالتخصص في هذا القطاع على أن يكون تعاون بين هذه المعاهد وتدريبات ومخبرات خاصة اضافة الى المعلوماتية المتعلقة فيه.

وبما ان لبنان سيبدأ بعد استخراج النفط والغاز بصناعات تتعلق بهذا القطاع، ان مستقبل البلد يتوقف على قدرته في تحويل هذا المورد الى فائدة مستمرة، ذلك ان هنالك عدد من المخاطر تقف في وجه تطور صناعات البترول وأول هذه المشاكل هو الفساد، وضعف القوانين المتعلقة به والخبرة التقنية المحدودة، فالشفافية والمحاسبة والرقابة الحكومية الدقيقة هي أهم الأسس الواجب اعتمادها للحد من المخاطر، فالمجتمع المدني قد يلعب دورا اساسيا في هذا المجال عبر الجمعيات غير الحكومية كمثال.

كانت الدعوات واضحة، لابعاد هذه الثروة المحتملة عن «الفساد»، وهو ما يستلزم مكافحته وفي طليعة الامر، تحسين الادارات وابعاد الغموض عن القوانين التي من الممكن أن تشكل ثغرات يمكن النفاد منها، سواء للاستفادة غير المشروعة أو ادخال الملف لاحقاً في عملية التجاذب السياسي…والكهرباء تبقى خير مثال.

ان الاقتصاد اللبناني وكما أشار المؤتمر يتوقع عائدات كبيرة من استخراج النفط والغاز وهذه الموارد الجديدة ستزيد ثروة البلاد النامية مثل لبنان وتنمي الاقتصاد، غير ان هذه الموارد الطبيعية قد تتحول الى نقمة إذ أن هنالك بلادا عدة قد اختبرت هذا التعارض ومن اهم الامثلة المرض الألماني الذي تمثل بتقلص وتراجع القطاعات وغير النفطية مقابل ازدهار الموارد الجديدة، وهذا ما يلقي الضوء حول سؤال يتمحور حول تأثير استخراج الموارد الطبيعية على الاقتصاد اللبناني، هل سيساعد الاقتصاد اللبناني ككل أو سيكون العكس هو الصحيح؟.