IMLebanon

إرتفاع العجز الأميركي لا يضعف مستوى التفاؤل

Economyusa

لم يثر إرتفاع العجز في النصف الأول من السنة المالية للخزينة الأميركية أي قلق لدى المسؤولين أو الخبراء الأميركيين، على رغم محاولة المعارضة الجمهورية تصوير الإرتفاع على أنه إسراف حكومي غير مبرر. وجاء في بيانات «مكتب موازنة الكونغرس» الحكومي المستقل أن العجز الأميركي في الأشهر الستة من تشرين الأول (أكتوبر) 2014 حتى نهاية آذار (مارس) الماضي، إرتفع 6 في المئة مقارنة بالأشهر الستة الأولى من العام الماضي. وعزا المكتب الإرتفاع، الى زيادة في الإنفاق الحكومي بواقع 7 في المئة.

إلا أن الزيادة المذكورة في إنفاق الحكومة الفيديرالية رافقها إرتفاع مشابه، أي بنسبة 7 في المئة، في المداخيل التي جنتها الحكومة عن طريق الضريبة على الدخل. وأظهرت البيانات أن الزيادة في مداخيل الحكومة إرتفعت من 1323 بليون دولار في النصف الأول من العام الماضي إلى 1420 بليوناً في العام الحالي، بزيادة بلغت 98 بليون دولار أو 7 في المئة، فيما ارتفعت النفقات من 1736 بليون دولار العام الماضي إلى 1851 بليوناً، أي بزيادة قدرها 115 بليون دولار، ما يعني أن العجز الفيديرالي إرتفع من 413 إلى 430 بليون دولار، أي 6 في المئة، مقارنة بالعام الماضي.

وعزا «مكتب موازنة الكونغرس» الزيادة في العائدات الحكومية إلى إرتفاع في كمية الأموال المستوفاة على صعيد ضريبة الدخل بواقع 75 بليون دولار، معتبراً أن «النمو في الواردات والمرتبات قد يفسر هذه الزيادة». كذلك، أشار الى أن الضرائب على الشركات إرتفعت 15 بليون دولار مقارنة بالعام الماضي، «ما يعكس على الأرجح نمواً في أرباح الشركات المطلوبة ضرائبياً»، اذ أن الحكومة لا تطالب هذه الشركات بالأرباح التي يتم تدويرها لإعادة استثمارها مستقبلياً، على أن يتم الاحتفاظ بالأموال في حسابات مصرفية خاصة عائدة لهذه الشركات ولا يمكن توزيعها على أصحاب الأسهم أو المالكين أو الموظفين.

أما بيانات الزيادة في الإنفاق فأظهرت مجتمعاً أميركياً يعاني من الشيخوخة، إذ شكلت الأموال الإضافية التي سددتها الحكومة لثلاثة صناديق رعاية هي «الضمان الصحي للمتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود» و “الضمان الصحي لدعم الأدوية» و “صندوق الأمن الاجتماعي»، زيادات على العجز في النصف الأول من السنة بواقع 22 و9 و4 في المئة على التوالي، أو ما يوازي 31 و23 و19 بليون دولار.

والمفارقة أن الزيادة في العجز نصف السنوي للخزينة الأميركية جاء في وقت انخفضت تكاليف الدين العام الأميركي 17 بليون دولار، أو 14 في المئة مقارنة بالعام الماضي، فيما انخفضت تكاليف وزارة الدفاع 10 بلايين دولار في الأشهر الستة الأولى من العام المالي الحالي، أو ما يوازي 4 في المئة.

لكن على رغم زيادة 6 في المئة على العجز الأميركي، مازال «مكتب موازنة الكونغرس» متمسكاً بتوقعاته التي تشير إلى أن عجز السنة المالية الحالية سيبلغ 486 بليون دولار، وهو رقم قريب جداً من رقم العام الماضي الذي بلغ 483 بليوناً.

وتأتي البيانات الإيجابية حول نمو مداخيل الأفراد والشركات، وتالياً إرتفاع كمية الضرائب التي تتم جبايتها، في وقت يعتقد خبراء أن الولايات المتحدة وبريطانيا والهند هي الدول الوحيدة التي سينمو ناتجها المحلي، في وقت يعاني الإقتصاد العالمي من ضمور وركود.

وتوقع فريق من الإقتصاديين ترأسه دافيد ستوكتون من مركز بحوث بيترسون، أن الإقتصاد الأميركي سينمو 2.7 في المئة هذه السنة، و2.4 في المئة العام المقبل، و2.3 في 2017. وتوقع الفريق أن تبلغ معدلات التضخم الأميركية 1 في المئة، و1.8 في المئة و1.9 في المئة على التوالي، ما يعني أن الإحتياط الفيديرالي سيقوم «بتشديد سياسته المالية بوتيرة أبطأ مما يتوقعه الإقتصاديون».

وقال ستوكتون، في لقاء عقده في مركز بيترسون، أن تراجع الصادرات الأميركية بسبب التباطؤ العالمي وإرتفاع سعر الدولار، مقروناً بمراوحة سوق المنازل الأميركية مكانها، لن يؤثرا كثيراً على النمو الأميركي، الذي سيتمكن من فرض مزيد من الانخفاض في معدلات البطالة التي توقع الاقتصادي الأميركي أن تبلغ 5.1 في المئة هذا العام، و4.8 في المئة في 2016، و4.7 في المئة عام 2017.

ويعتبر الإحتياط الفيديرالي نسبة 4 في المئة من البطالة نسبة «وظائف كاملة»، وهي نسبة إن حققتها الولايات المتحدة، من شأنها أن تدفع المصرف المركزي إلى اتخاذ خطوات لمنع التضخم، من قبيل رفع الفائدة على المدى القصير. كما يعتبر الاقتصاديون أن بلوغ البطالة الأميركية أدنى مستوياتها ينذر بأن الاقتصاد بلغ ذروته من حيث الإنتاج، وانه يعمل بطاقته القصوى، ما يفرض تباطؤ النمو، وربما ركوداً، كجزء من الدورة الاقتصادية التي تمر في مراحل صعود وهبوط.