أثار قرار فرض رسوم على حديد التسليح المستورد أزمة حادة بين التجار وأصحاب المصانع في مصر، وفتح الباب لمزيد من التراشقات بين المستثمرين، وأعاد للأذهان معارك اقتصادية سابقة، بسبب اتهامات بفرض الضرائب خدمة لعدد محدود من رجال الأعمال.
أصدرت وزارة الـصناعة والتجارة المصرية قرارا بفرض رسوم وقائية بنسبة قدرها 8 بالمئة لمدة ثلاث سنوات، على واردات حديد التسليح، والتي ستعني ارتفاع أسعار الحديد المستورد.
ونص القرار على أن الرسوم ستنخفض تدريجيا بنحو 53.5 دولارا للطن في السنة الأولى و42.5 دولارا في السنة الثانية ونحو 23 دولارا للطن في السنة الثالثة.
ومن المعروف أن حماية المنتجات يتنافى مع اتفاقية التجارة الحرة، إلا في حالات ثبوت عمليات الإغراق والممارسات التي تضر بالصناعة المحلية.
وقال جمال الجارحي رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية لـ”العرب” إن “القرار لا يوفر الحماية المطلوبة التي يريدها صناع الحديد في مصر”.
وأشار إلى أن الصين تقوم بتقديم دعم حكومي لمصدري حديد التسليح لمختلف الأسواق بنحو 18 بالمئة من إجمالي التكلفة، وبالتالي فإن نسبة 8 بالمئة التي فرضتها مصر غير كافية، لحماية صناعة الحديد المحلية من غزو الحديد الصيني.
وأوضح الجارحي أن تركيا تقدم مساندة أيضا لتصدير حديد التسليح تصل لنحو 40 بالمئة، ما يؤكد أن قرار وزارة الصناعة لم يراع مطالب منتجي الحديد، مشيرا إلى أن الحديد من الصناعات الإستراتيجية التي تحتاج إلى حماية من ممارسات الإغراق الضارة.
وتقدمت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية نيابة عن منتجين محليين يمثل إنتاجهم نحو 68 بالمئة من إجمالي الصناعة المحلية بشكوى لجهاز مكافحة الدعم والإغراق لتأكيد تفيد تضررهم من استيراد حديد التسليح. وأظهرت بيانات الغرفة أن شركات إنتاج الحديد المحلية سجلت خسائر خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2014، بلغت نحو 65 مليون دولار.
وحذر الجارحي من تفاقم الخسائر التي تطارد مصانع الحديد، ما يضعها فريسة سهلة للمستثمرين الأجانب، الذين يرغبون في السيطرة على السوق المصرية، مثلما حدث في برنامج بيع بعض الأصول والشركات الحكومية من قبل.
وأوضح أن أثار هذا القرار، سوف تظهر في المستقبل بعد أن تتزايد خسائر مصانع الحديد محليا نتيجة المنافسة غير العادلة أمام الحديد المستورد.
ويعمل في مصر نحو 26 مصنعا لإنتاج الحديد بإجمالي استثمارات تصل إلى نحو 13 مليار دولار.
وقال رفيق الضو العضو المنتدب في شركة السويس للصلب لـ”العرب” إن “رسوم الإغراق الجديدة على حديد التسليح لا تحقق طموحات المنتجين المصريين، فالدراسات التي تم تقديمها حول النسبة العادلة لرسم الإغراق إلى جهاز مكافحة الدعم والإغراق والوقاية كانت تطالب بفرض رسم لا تقل نسبته عن 18 بالمئة على الحديد المستورد”.
وكان وزير الصناعة والتجارة منير فخري عبدالنور قد عقد جلسة استماع علنية في عام 2013 بحضور ممثل عن الاتحاد الأوروبي وممثل للحكومة التركية، وآخر عن حكومة أوكرانيا والمصدرين الأجانب والمنتجين والمستوردين المصريين.
وكشفت دراسات جهاز مكافحة الدعم والإغراق والوقاية عن زيادة في الواردات بنسبة 251 بالمئة خلال العام الماضي، مقارنة بمستويات عام 2011.
وقال محمد حنفي المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية إن “رسم الإغراق الجديد سيحد من واردات حديد التسليح من تركيا، لكنه أشار إلى صعوبة منافسة واردات حديد التسليح من أوكرانيا، خاصة مع غلق الأسواق الروسية أمامها.
واستوردت مصر نحو مليون طن حديد تسليح خلال عام 2014، وفق بيانات غرفة الصناعات المعدنية.
وأكد حنفي على ضرورة مواجهة واردات حديد التسليح من الصين عن طريق تطبيق المواصفات القياسية المصرية على الحديد المستورد، وأن إنتاج الحديد الصيني لا يتطابق مع مواصفة الإنتاج المصري، وتعد تلك الطريقة الوحيدة لوقف صادرات الحديد الصيني إلى السوق المصرية.
وتعمل مصانع الحديد في مصر بنحو 60 بالمئة من طاقتها الإنتاجية بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي. وأصاف أن الغرفة ستواصل جهودها لمنع القيام بممارسات من شأنها إلحاق ضرر بصناعة حديد التسليح المصرية.
ويصل إجمالي إنتاج مصر من حديد التسليح نحو 6.2 مليون طن، مقابل استهلاك يصل إلى 7.2 مليون طن تقريبا.