لم تعد الحلول التي يعتمدها أصحاب الأسواق والمطاعم في وسط بيروت تجدي نفعاً، فلا الحسومات ولا التحسينات في المحلات تستطيع معاودة استقطاب السياح، فهم ذهبوا ورجوعهم شبه مستحيل.
أما الذين ما زالوا يقصدون وسط بيروت، فذلك بهدف التفرّج ليس أكثر، بالطبع لن يتبضعوا فـ «الحالة تعبانة»، كما يقول أحد المارّة.
كثيرون من أصحاب المحال أو الموظفين إتفقوا على أن الطابع الأمني الذي أُسبغ على المنطقة أدى إلى إبعاد السواح، فالمنطقة شبه مقفلة بسبب الإجراءات الأمنية، ومع كل جلسة تعقد لانتخاب رئيس للجمهورية تشدد الاجراءات، وكأن ذلك سيحصل!
إضافة الى ذلك، أصبح تفتيش العابرين إجراء روتينياً في وسط بيروت ومواقف السيارات نُقلت إلى مواقع بعيدة، فإذا أردت الوصول لوسط بيروت لا بد من حذاءٍ رياضيٍّ يساعدك على تجاوز المسافات سيراً على الأقدام.
إذاً وأمام هذا الواقع، لم يكن أمام الفعاليات الاقتصادية إلا أن تعقد اجتماعاً لمناشدة ضمير الدولة، خصوصاً بعدما شهدت بيروت سلسلة إقفالات لمتاجر ومطاعم لها أسماءً في الأسواق، فعقدته في شارع المعرض، وخُصِّصَ لمناقشة سُبُل تعزيز الحركة الاقتصادية وسط بيروت، والمطالبة بمنع إغلاق الطُرُق والساحات في العاصمة، والإعلان عن النشاطات والمهرجانات التي سيشهدها الوسط لإعادة تفعيل عمل المؤسّسات والحملات التجارية في وسط بيروت.
فعاليات اقتصادية وسياسية حضرت الاجتماع وأجمعت على ضرورة تنمية وسط بيروت الذي لطالما ارتبط اسمه بإسم السياحة.
وفي حديثٍ خاص للديار، أشار «رئيس جمعية تجار بيروت» نقولا شماس، والذي كان مشاركاً في الاجتماع، الى أن «هذا الأخير عُقد لاستدراك المعاناة في الوسط التجاري وتسليط الضوء على الوجع الاقتصادي لهذا الوسط»، مؤكداً «ألا إنماء في بيروت ما لم تعد الحياة الى قلب العاصمة والتي هي متوقفة حالياً كون الوسط التجاري يعاني من ثلاث أزمات متزامنة ومتداخلة، أولاً الركود الاقتصادي العام الذي بدأ مع الحرب في سوريا وهو يضرب الاقتصاد ككل خصوصاً القطاع التجاري من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب مروراً بالعاصمة، وثانياً غياب العرب الذين كانوا يتوجهون مباشرةً الى وسط بيروت الذي يتمتع بواحد من أجمل الأوساط التجارية حول العالم، ومع غيابهم يتضاعف الوجع، أما السبب الثالث فهو التدابير الأمنية المشددة في جوار مجلس النواب». وأضاف شماس «منذ سنة حتى اليوم عُقدت 20 جلسة لانتخاب رئيسٍ للجمهورية بالإضافة لحوالي 7 جلسات لـ«اللجان المشتركة» و»الهيئة العامة»، أي تقريباً شهراً كاملاً من الضياع على تجار الوسط التجاري، ما يعني تراجع أعمالهم جراء التدابير الأمنية التي تترافق مع هذه الجلسات لحوالي 9%»، مطالباً «بتخفيف هذه التدابير الأمنية، فنحن مع الأمن شرط الا يكون على حساب الاقتصاد، ونحن لا نقبل أن يتحول الأمن العسكري الى مساحات للموت الاقتصادي». وختم قائلاً «الأضرار واضحة للعين المجردة، عشرات المؤسسات أقفلت أبوابها أكانت متاجر أم مطاعم أم مقاصد سياحية وشردت الألوف من الموظفين، إذاً هذه كارثة، والهدف من هذا اللقاء كان مخاطبة ضمائر المسؤولين على أمل تحسن الوضع».
حتى متى سيأكل الزعماء الحصرم ليضرس المواطن؟ فناهيك عن عدم انتخابهم رئيساً للجمهورية، يعطلون أشغال المواطنين لإتمام المسرحية المعروفة. السواح اختفوا عن ساحاتنا وإذا بقي الوضع على ما هو عليه سيختفي المواطنون، فهل سينقذ هذا الاجتماع الوضع أم سيكمل نحو الأسوأ؟