شهدت معظم المدن البلجيكية، أمس الأربعاء، اضطرابا في حركة النقل والمواصلات، وتعطل العمل في كثير من المصالح الحكومية، استجابة للإضراب العام الذي دعت إليه نقابات العمال، وخصوصا الاشتراكية منها، للاحتجاج على خطط تقشفية للحكومة ومنها رفع سن المعاش. وشهدت الطرق البلجيكية ازدحاما لحركة السيارات على مسافة امتدت حتى 250 كلم، وذلك نتيجة لتعطل حركة سير القطارات بنسبة وصلت إلى 95 في المائة كما تعطلت حركة سير القطارات الداخلية والترام والحافلات العمومية داخل وبين المدن، كما تعطلت حركة البريد والدراسة والعمل في المصانع والمصالح المختلفة.
ولم تشارك نقابات العمل الليبرالية والمسيحية في الإضراب مع الاشتراكيين وفي نفس الوقت لم تصاحب الإضراب أجواء الضجة والصيحات وإغلاق الطرق التي صاحبت الإضراب العام الذي شهدته البلاد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقالت قيادات نقابية شاركت في الإضراب إنها أرادت توصيل رسالة لتذكير الحكومة بالمطالب التي تقدمت بها من قبل، وضرورة إيجاد الحلول للقضايا العالقة في الحوار بين ممثلي الحكومة والنقابات.
وفي نهاية الشهر الماضي خرج الآلاف مجددا في شوارع بروكسل للمشاركة في مظاهرة دعت إليها منظمات عمالية للاحتجاج على السياسات الحكومية وخصوصا الاجتماعية منها، وركزوا في شعاراتهم على رفض رفع سن التقاعد إلى 67 عاما، وقال ستيفن مارشال القيادي النقابي إنه ما دامت الحكومة مستمرة في تلك السياسات فستستمر المظاهرات في الشوارع.
ووجه المشاركون في المظاهرة اتهامات إلى الحكومة بأنها لا تستمع إلى أصوات العمال ومطالبهم وحقوقهم. وقالت القيادية النقابية كريس فان مول إن هذه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها العمال في الشوارع، ولكن يبدو أن الحكومة لا تستمع إلا لأصحاب العمل فقط». ودعا البعض إلى تنظيم إضراب عام في البلاد على غرار ما حدث في ديسمبر الماضي، ولكن بعض القيادات النقابية قالوا أمام المتظاهرين إنه من الأفضل إعطاء الفرصة للحوار الجاري حاليا مع الحكومة لإيجاد حلول لمطالب العمال، وفي حال لم تنجح المفاوضات، يتم اللجوء إلى الإضرابات.
وفي مطلع العام الحالي قالت النقابات العمالية في بلجيكا إن الإضراب العام في البلاد الذي جرى منتصف ديسمبر هو آخر الوسائل الديمقراطية التي ستلجأ إليها لإقناع الحكومة بالعدول عن الخطط التقشفية، بينما حذرت منظمة أصحاب العمل «أجوريا» من تداعيات الإضرابات والاحتجاجات على الاقتصاد البلجيكي، وتبادل الجانبان الاتهامات بشأن المسؤولية عن عدم إيجاد حلول وعدم إطلاق حوار لإيجاد وسائل لتسوية القضايا العالقة بين النقابات العمالية من جهة، ومنظمة أصحاب العمل والحكومة من جهة أخرى.
وقال مارك لامبوت رئيس منظمة أصحاب العمل «أجوريا» إن الإضرابات سيكون لها تأثيرات سيئة على الاقتصاد البلجيكي ونفى الاتهام الموجه للمنظمة بأنها رفضت الدخول في حوار لإيجاد الحلول، وأشار إلى أن الحوار أدى إلى إيجاد حلول لقضايا عالقة في فترة الحكومة الماضية.
يذكر أنه مع مطلع الشهر الحالي أعلنت الحكومة البلجيكية ضبط موازنة العام الحالي 2015 في أعقاب مشاورات مكثفة، ونقل الإعلام البلجيكي عن رئيس الحكومة شارل ميشال قوله إن «الحكومة أنهت إنجازا بناء وفي كنف التكتم التام». وأوضح أنه تم التوصل إلى بلورة خطة مفصلة تسمح بتوفير مليار و200 مليون يورو العام الحالي والإبقاء على توقعات بتسجيل نسبة نمو تتجاوز 1.2 في المائة. وأضاف أن «التركيز سيجري على دعم الأمن والعدالة وتحسين أداء الإدارات العامة إلى جانب الحفاظ على القدرات التي تسمح بالوفاء بالتزامات بلجيكا الدولية وبما فيها تعهداتها في مجال شؤون الدفاع».
يأتي ذلك بينما استمرت معدلات التضخم في بلجيكا خلال شهر مارس (آذار) على نفس مستويات شهر فبراير (شباط) عند ناقص 0.40 في المائة، وتواصلت للشهر الخامس تراجع أسعار المستهلكين، في حين زادت أسعار المواد الغذائية للمرة الأولى منذ 7 أشهر.