Site icon IMLebanon

لبنان يغرق في وحول ازمة اللاجئين والمجتمع الدولي يتفرج

ريما يوسف
ليس غريبا على البروفسور علي فاعور ارتباطه العميق بجذور لبنان وبجغرافيته، فجميعنا تتلمذنا على مقاعد الدراسة على معلوماته المكتوبة في كتب الجغرافيا، وهذه الايام هو يحمل هم الوطن ومشاكله التي لا تنتهي واهمها الكم الهائل في عدد اللاجئين الذي بات لا يحتمل في ظل لامبالاة المجتمع الدولي والضائقة المالية الصعبة التي يرزح تحتها المواطن عموما.

في حديث للوكالة الوطنية للاعلام فند البروفسور فاعور بالارقام اعداد اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والعراقيين وغيرهم من العمال الاجانب حتى بات عددهم أكثر من عدد السكان الاصليين حتى توصلت المفوضية العليا للاجئين الى القول ان هذه الازمة هي اكبر ازمة في التاريخ منذ انشاء المفوضية العليا قبل 65 عاما اي منذ الحرب العالمية الثانية، مطالبا ب “ضرورة انشاء المجلس الاعلى للنزوح الذي بامكانه وضع خارطة لتنظيم امورهم”.

واعتبر أن “لبنان يمر في مرحلة حرجة حيث يواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية على مختلف المستويات، والتحدي الأكبر هو مسألة التغيير الديمغرافي، ويعتبر لبنان البلد الأول في العالم من حيث عدد اللاجئين مقارنة مع عدد السكان، ومجمل عدد اللاجئين المكونين من عدة جنسيات بدءا من الفلسطينيين منذ العام 1948 ثم اللاجئين العراقيين واللاجئين السوريين بالاضافة الى الهجرات غير الشرعية، ويكون لبنان الأول في العالم الذي يوازي فيه عدد السكان عدد اللاجئين. ولبنان الأول في العالم اليوم بعدد اللاجئين بمساحة الأرض، أي ان مساحته 10452 كلم2، وهناك كثافة سكانية مرتفعة حتى انها تعد من أكثر الكثافة السكانية في العالم، ويوجد اليوم أعداد كبيرة من غير اللبنانيين، وهذا مهم جدا، لأن لبنان يفتقر للأرقام اي تقريبا يمكننا ان نقول ان لبنان دولة بلا أرقام، وإحصاء التعداد السكاني الأول في لبنان يعود الى العام 1932، ومن بعدها ما يحصل عبارة عن إحصاءات بالعينة، وهي لا تعطي ارقاما دقيقة، أما بالنسبة إلى غير اللبنانيين، فلا نملك أي إحصاءات أبدا، حتى بالإحصاءات بالعينة في لبنان في أعوام 1970 و1990 و2004 نستثني اللاجئين الفلسطينيين لأن أحدا لا يعرف عددهم”.

أضاف: “اليوم ووفق التقديرات الأخيرة والمبنية على مصادر ومراجع دولية للاجئين ومنها المفوضية العليا للاجئين في لبنان، يعيش المقيمون ومن مختلف الفئات العمرية بحدود 7 ملايين ونصف المليون نسمة، وأكثر من نصفهمم من غير اللبنانيين، ومن بينهم الفلسطينيون والسوريون والهجرات غير الشرعية والعراقيون والأجانب العاملون في المنازل والمعامل،أي المخزون الديمغرافي العام الذي يشمل اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين ومكتومي القيد وجنسيات أخرى”.

وتابع البروفسور فاعور: “هناك اختلال كبير بالنسبة لعدد السكان ولا سيما أن لبنان اليوم يواجه مرحلة من النقص في النمو الطبيعي للسكان نتيجة الهجرةالخارجية، أي يخسر لبنان سنويا 50 ألف شخص وبالمقابل فإن النمو الطبيعي هو بحدود 25 ألف شخص. إذا هناك عجز بالنسبة للسكان في لبنان مع توافد المهاجرين واللاجئين والعمال في المنازل ومكتومي القيد وأولاد النساء اللبنانيات المتزوجات من رجال أجانب، أي لدينا مشاكل عدة، وفي المقابل لا يوجد عندنا أي إحصاءات أو أرقام أو تعداد، حتى ان هذا المخزون الكبير من اللاجئين حول لبنان من شماله الى جنوبه مرورا بالبقاع الى مخيم كبير للاجئين وأكثرهم نازحون من سوريا في السنوات الأربع الأخيرة. أي هناك بحدود مليون ونصف المليون لاجىء سوري قدموا الى لبنان، مسجلون لدى المفوضية العليا للاجئين، أما غير المسجلين بحسب تقديرات المفوضية العليا فعددهم 500 الف، وهناك في حدود أكثر من 500 ألف شخص يقيمون بطريقة غير شرعية من القوى العاملة”.

وقال: “وفي إحصاءات أخرى، هناك أكثر من 300 ألف من عديمي الجنسية أي صار لدينا خزان ضخم وخلل ديمغرافي كبير في لبنان. أما بالنسبة الى السنوات المقبلة فهناك خوف كبير، إذ ان الهجرة الى الخارج هي من عنصر الشباب، أي الهجرة قبل العام 2000 تختلف عن الهجرة اليوم. الهجرة اليوم دائمة، وهجرة شباب وهجرة كفاءات وهجرة متعلمين، وأصبح هناك انخفاض في فترة الزواج، فالعمر عند الزواج ارتفع ولم يعد لدينا ولادات، لا يوجد شباب في البلد وهناك الكثير من العازبات وستضطر العازبات الى الزواج من غير اللبنانيين”.

تحديات ديموغرافية

وتابع: “سنطرح مشكلة قريبة، فاليوم بدأنا نواجه تحديات ديمغرافية كبيرة يخشى معها أن تؤدي الى مشاكل عدة على الكيان اللبناني، نحن نعرف ان الكيان اللبناني قائم على التوافق بين الطوائف، ولكن عندنا ثغرة في هذا البناء انه ليس لدينا أرقام أو إحصاءات ونحن نعرف ان التوزعات السكانية على ماذا قائمة؟ مثلا البقاع يضم من اللبنانيين المقيمين بحدود 475 الفا غالبيتهم في فصل الشتاء يسكنون ضواحي بيروت، أما عدد اللاجئين، وبحسب إحصاءات المفوضية العليا للاجئين، فيبلغ 430 الفا مسجلين، إذا غيرالمسجلين يرفع العدد”.

وقال: “القرى البقاعية تحولت الى مخيم كبير، وهناك مشكلة كبيرة انه سجلت في الشتاء الفائت أربع عواصف كبيرة واللاجئون يسكنون الخيم، والمخيمات عشوائية، والقرى لم يعد لديها قدرة على استيعاب المساكن”.

وأكد أنه “بين اللاجئين يمتاز التركيب السكاني بزيادة أكثر من نصف اللاجئين وهناك صغار دون ال 17 عاما، فمثلا مليونا لاجىء أكثر من نصفهم دون ال 17 عاما، وفي منطقة البقاع هناك بحدود 80 الف طفل لاجىء دون الخمسة أعوام من السوريين والفلسطينيين وغيرهم، وهذه الأعداد الضخمة المتروكة في العواصف لم يؤمن لها الحد الادنى من المعيشة وتواجه البرد والجوع. وحقيقة تقال ان المجتمع الدولي تخلى عن اللاجئين السوريين والفلسطينيين وتركهم على عاتق الدول، فلبنان الصغير لا يستطيع تحمل مليوني لاجىء، هذا حرام وظلم انساني كبير”.

وتابع: “فمثلا برنامج الغذاء العالمي أوقف في نهاية العام 2014 المساعدات فأصبحنا أمام أزمة كبيرة. هناك 225 الف طفل لاجىء دون الخمسة أعوام، وأنا أتحدى أي دولة كبرى تستطيع أن تتحمل 225 الف طفل، وهنا أركز على نقطة تخلي الدول العظمى عن اللاجئين والمفوضية العليا للاجئين أصدرت نداء في نهاية 2014 لدول العالم ليشاركوا وبموجب قوانين دولية لحقوق الإنسان ومنظمات العفو نؤكد تخلي المجتمع الدولي عن اللاجئين. فالإتحاد الأوروبي 28 دولة، بالاضافة الى الولايات المتحدة تعهدوا بأخذ 350 الفا من اللاجئين أي الملايين الأربعة الموجودون في لبنان والأردن والعراق ومن كل الدول، وهناك دول كبيرة كفرنسا قررت أخذ أعداد قليلة جدا، أما الحصة الكبرى فأخذتها المانيا والسويد، إذا هناك تخل عن اللاجئين السوريين في لبنان، خوفا من العمليات الإرهابية وغيرها”.

وقال: “إن أوروبا بحاجة ماسة إلى اللاجئين وإلى اليد العاملة لأن اوروبا قابلة على مرحلة الشيخوخة وهي تحتاج الى 65 مليون شخص لمواجهة شيخوخة السكان عندها لغاية 2050، ولكنها تعتمد على الهجرة الانتقائية، فيختارون المتعلمين وأصحاب المهن والكفاءات والباقي يتركونهم لمصيرهم، واتفاقيات حقوق الإنسان لا تنفذ كما يجب”.

أضاف: “لدينا ظاهرة مهمة في لبنان أن المناطق الريفية غير مجهزة لاستيعاب الأعداد الهائلة من اللاجئين، والمدارس غير قادرة والمستشفيات والمستوصفات غير مجهزة على استعمال واستقبال الأعداد الكبيرة، ولهذا نحن نواجه أزمة. فالبلديات تعاني عجزا ولا قدرة لها على استيعاب اللاجئين، بالاضافة الى ان قسم من اللاجئين يمارسون بعض المهن، ونسمح لأنفسنا أن نقول ان غالبية اللاجئين من الفقراء ولجأوا للاقامة في مناطق فقيرة أي فقراء في ضيافة فقراء. ومن هنا تفاقم الأزمة في لبنان وتضخمها. مثلا في عكار هناك أعداد كبيرة موجودة في خيم، بعضهم يلجأ لإقامة مخيمات في ظل برد قارس. وممكن أن يزداد التفاقم في السنوات المقبلة لأن المفوضية العليا للاجئين وبرنامج الأمم المتحدة للانماء وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية كلهم يشكون من عدم توفر المال اللازم، والتمويل يكون إما الثلث أو 40 بالمئة من الموجود، ولبنان بلد يعاني تضخم الدين، والأرياف غير مجهزة والبنية التحتية تتآكل ونحن أمام كارثة انسانية كبيرة”.

الحل

أما الحل برأي فاعور فهو: “مجلس الأمن طلب من لبنان أن يؤسس مؤسسات وهياكل إدارية لإدارة هذا الملف الكبير، وأنا أقترح أن يتم اتخاذ مجموعة من القرارات وفي الوضع الحالي نمر في فترة عصيبة وصعبة بسبب الفراغ الرئاسي، والمطلوب من الحكومة أن تسارع لإنشاء المجلس الأعلى للنزوح”.

اضاف: “وبالطبع نشكر وزارة الشؤون الإجتماعية التي تقوم بجهود كبيرة ضمن إمكاناتها، ولكن على وزارتي الصحة والعدل أن تعاونانها لتشكيل المجلس الأعلى للنزوح وإعطائه صلاحيات ليقوم بإعداد تنظيم ووضع بنك معلومات لجمع أرقام حول توزيعات اللاجئين في لبنان، وخصوصا في ظل غياب الإحصاءات والأرقام. فهناك خوف كبير، وهذا الخوف تطرحه المفوضية العليا للاجئين من الإستقرار في لبنان ومن الوضع الأمن، يجب أن يكون هناك مبادرات سريعة وقرارات على مستوى الوزارات وأن تعطى صلاحيات مطلقة للمجلس ليضع خريطة لتوزيعات اللاجئين وبذل جهد كبير من قبل وزارة الخارجية لحث المجتمع الدولي في ظل عدم تجاوبه، فهم يتركون لبنان يغرق في هذه المشكلة”.

وختم: “المفوضية العليا للاجئين تقول ان هذه الأزمة هي أكبر أزمة في التاريخ منذ إنشاء المفوضية قبل 65 عاما أي منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن، نحن بحاجة الى حلول سريعة وتدابير كالتي اتخذتها الدولة سابقا، ويجب أن يصار الى الحد من تفاقم الأزمة”.