حذر محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري من التعامل مع المال القادم إلى البلاد من الجارتين ليبيا والجزائر “نظرا للرقابة الدولية المفروضة على البنوك المركزية” مشددا على ضرورة “إحداث هيئة وطنية لمراقبة الأموال المشبوهة”.
وأكدت تقارير أن تونس تحتل المرتبة 16 عربيا والمرتبة 119 عالميا ضمن أسوأ دول في العالم في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وجاء تحذير العياري من التعامل مع المال الذي سماه بـ”المال القذر” في وقت يقول فيه الخبراء أن تونس تحولت خلال السنوات الأربع الماضية إلى “منطقة آمنة” لتبييض الأموال وغسيلها من قبل شبكات التهريب التي تنشط بكثافة بين تونس وليبيا عبر الشريط الحدودي الجنوبي وبين تونس والجزائر عبر الشريط الحدودي الغربي.
ودعا العياري إلى “إحداث لجنة وطنية تكون مهمتها مراقبة الأموال المشبوهة”، معترفا بأن عمل اللجنة التونسية للتحاليل المالية “تواجه صعوبات جمة وتحتاج إلى دعم نظرا لخطورة تدفق المال القذر على البلاد في غياب قانون يمنع غسيل الأموال” حسب تصريحه.
ووفق تقرير لمعهد “بازل” السويسري تحتل تونس المرتبة 16 عربيا والمرتبة 119 عالميا ضمن أسوأ دول في العالم في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويعكف البرلمان التونسي على دراسة مشروع يتعلق بمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال وهو قانون تأخر كثيرا بعد أن تم تحويله من قبل حكومة مهدي جمعة السابقة إلى حكومة الحبيب الصيد الأمر الذي أثار جدلا كبيرا في أوساط الخبراء والسياسيين ومنظمات المجتمع المدني.
وأقر محافظ البنك المركزي أمام البرلمان بـ”وجود نقائص في عمل لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك جراء نقص الإمكانيات المتوفرة لمراقبة الأموال المشبوهة”.
وقال العياري أن البنك المركزي حذر من التعامل مع المال الليبي أو الجزائري نظراً للرقابة الدولية المفروضة على البنوك المركزية.
وأعلن العياري أن الحكومة ستصدر خلال الأيام المقبلة أمراً لتنظيم عمليات تعاطي الصيرفة من قبل الأشخاص الطبيعيين يليه منشور من البنك المركزي لتنظيم عمليات الصرف غير القانوني للعملة والتي تدار بالمناطق الحدودية سواء منها الجنوبية الشرقية مع ليبيا أو الغربية مع الجزائر.
ويربط الخبراء “انتشار المال القذر” بتزايد نشاط شبكات التهريب على الحدود الجنوبية الشرقية مع ليبيا وكذلك على الحدود الغربية مع الجزائر وهي شبكات استفادت كثيرا من حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد مند ثورة يناير 2014 ويقدر الخبراء حجم التهريب في تونس بـأكثر من 2 مليار دينار أي حوالي 1.4 مليار دولار وهو بذلك يتسبب في خسارة مالية للبلاد تقدر بـ1.5 مليار دينار في السنة.
كما يربط الخبراء نشاط شبكات التهريب بنشاط شبكات الإرهاب التي تركز على تهريب الذحيرة والأسلحة والعملة والذهب لافتين إلى أن شبكات الإرهاب جعلت من “المال القذر” مصدرا أساسيا لتمويل هجماتها التي تزايدت خلال السنوات الثلاث الماضية.
وكانت دراسة أعدتها وحدات حرس الجمارك سجلت خلال عام 2014 أكثر من 4000 قضية تهريب تشمل كميات كبيرة من البضائع المهربة منها تهريب العملة والأسلحة والمتفجرات والذخير والمخدرات.
وكشفت رئيسة اللجنة التونسية للتحاليل المالية، حبيبة بن سالم أن عدد التصاريح بالعمليات المالية المشبوهة بلغ خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015 أكثر من 67 ملفاًّ، ملاحظة أنه تم تسجيل 292 ملفا مشبوها خلال سنة 2014 يتعلق 132 منها بتونسيين و158 ملفا بأجانب.
وقالت أن اللجنة نظرت خلال العام 2014 في 141 ملفاً ماليا مشبوها أحالت اثنين منهما إلى النيابة العامة دون تجميد أموال و44 ملفا مع تجميد أموال إلى جانب حفظ 95 ملفا آخر.
وكشفت بن سالم أن اللجنة تلقت في إطار التعاون الدولي 18 طلبا للتحقيق في شبهات تبييض أموال خلال سنة 2014 في حين أصدرت 40 طلباً في التحقيق لدى جهات أجنبية.
وأكدت رئيسة لجنة التحاليل المالية بن سالم أن اللجنة تابعت خلال 2014 تمويل 65 جمعية إلى جانب مراقبة عمل شركات التجارة الدولية والخدمات المقيمة وعمليات النقل المادي للنقد في خصوص التدفقات بالعملة بالأجنبية وشددت على أن عمليات المراقبة كشفت أن قرابة 200 جمعية في تونس تتلقى تمويلات من الخارج وهي محل متابعة من البنك المركزي.
وأحبطت الجمارك التونسية في 14 مارس 2015 بمدينة عملية تهريب 28 كيلو غرام من الذهب بلغت قيمتها 2 مليون دينار تونسي أي حوالي 1.5 مليون دولار.
وأقر وزير الداخلية ناجم الغرسلي بأن الأجهزة الأمنية توصلت إلى وجود “ترابط بين التهريب والإرهاب” مشيرا إلى أنه “سيتم تسخير كل الإمكانيات للعمل الإرشادي من خلال تفعيل منظومة المخبرين وتوفير جميع وسائل العمل التكنولوجية والبشرية وسن القوانين للتصدي لهاتين الظاهرتين”.
وشدد الوزير على أن الإرهاب والتهريب منظومات تؤثر على الاقتصاد والمنظومة الأمنية لافتا إلى أن “الإرهاب يتغذى من التهريب والتهريب يتعايش مع الإرهاب”.
وقررت رئاسة الحكومة تجميد نشاط حوالي 157 جمعية دينية في انتظار حلّها قضائيّا بسبب وجود شبهات فساد في تمويلاتها المالية.
وأظهرت دراسة خاصة بالجمعيات غير حكومية أن هنالك حوالي 17 ألف جمعية غير حكومية في تونس تنشط في كامل جهات البلاد من بينها حوالي 5000 جمعية ذات طابع ديني خيري.