كثف المغرب جهوده للانفتاح على أسواق جديدة بالبحث عن الآفاق التي تتيحها السوق الروسية الكبيرة خاصة في ظل العقوبات الغربية، التي دفعت موسكو إلى حظر واردات الكثير من المنتجات الغربية.
أكد مسؤولون مغاربة أن الرباط تتجه لتوسيع التبادل التجاري مع موسكو، بعد قيام بعثة تجارية كبيرة بزيارة روسيا في الأسبوع الماضي، ضمت ممثلين عن كبرى الشركات المغربية لاستكشاف الفرص التي تتيحها السوق الروسية.
وقالت زهرة المعافري مديرة المركز المغربي لإنعاش الصادرات، إن زيارة الوفد الكبير الذي ضم عددا كبيرا من رجال الأعمال المغاربة وممثلي أكثر من 30 شركة، تهدف إلى إعطاء زخم جديد للعلاقات التجارية بين المغرب وروسيا.
وأكدت أن رجال الأعمال المغاربة عقدوا لقاءات ثنائية مع أبرز ممثلي الشركات الروسية والمسؤولين الحكوميين، وبحثوا آفاق تعزيز المبادلات التجارية بين المغرب وروسيا في شتى القطاعات من قبيل الصناعات الغذائية والنسيج.
وذكر وزير التجارة الخارجية محمد عبو أن المغرب يسعى للانفتاح على شركاء جدد على مستوى التبادل التجاري، وأن روسيا تعتبر من الأسواق الواعدة ووجهة استراتيجية للصادرات المغربية.
وأضاف أن المغرب مهتم بالسوق الروسية، التي تعد عاشر أكبر مستورد للمواد الغذائية في العالم وتضم نحو 142 مليون مستهلك، ولذلك فإنها سوق جذابة للمنتجات المغربية.
وقال وزير الزراعة الروسي، نيكولاي فيودوروف إن المغرب أكبر مصدر للمنتجات الزراعية والنسيجية للسوق الروسية بين البلدان العربية والأفريقية. وأضاف أن “المنتجات الزراعية المغربية تحظى بسمعة جيدة منذ أيام الاتحاد السوفيتي”.
وقال محمد بن جلون المفتش العام لوزارة التجارة الخارجية، إن المخطط الوطني للمبادلات التجارية 2014 – 2016 يهدف إلى تعزيز الصادرات وتقليص الواردات والتحكم في العجز التجاري، عبر إنعاش الصادرات وتحسين وقع الأنشطة الاقتصادية في الخارج وبلورة اتفاقيات تجارية مع الأسواق ذات الأولوية.
وارتفع حجم المبادلات التجارية بين المغرب وروسيا إلى أكثر من 2.2 مليار دولار في العام الماضي، بعد نمو سنوي يصل إلى 40 بالمئة خلال السنوات الماضي، حتى أصبحت ثاني أكبر وجهة للصادرات المغربية من المواد الغذائية.
وتجمع المغرب وروسيا شراكة استراتيجية منذ عام 2002، حين قام العاهل المغربي الملك محمد السادس بزيارة موسكو، وتمتد تلك الشراكة إلى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والمالية.
وأشار وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار إلى الدينامية الإيجابية والتحول الكيفي اللذين جعلا المغرب الشريك التجاري الأول لروسيا في أفريقيا والعالم العربي.
وطالب بتحسين بنية هذه المبادلات وتوسيع مجالاتها، حتى لا تبقى منحصرة في قطاعات محدودة مثل الطاقة والصيد البحري والصناعات الغذائية.
وحسب الوزير محمد عبو فإن أشغال الدورة الخامسة للجنة المشتركة المغربية الروسية، التي عقدت في العام الماضي، أدت إلى إطلاق مفاوضات من أجل إبرام اتفاق إطار حول التجارة والاستثمار لأجل تعزيز العلاقات التجارية الثنائية.
وارتفعت صادرات المنتوجات المغربية للسوق الروسية خلال العام الماضي بنحو 50 بالمئة، وهي تتركز في المحاصيل الزراعية والصيد البحري. أما المغرب فيستورد من روسيا المشتقات النفطية والحديد والكبريت، إضافة إلى بعض المتجات والزيوت النباتية.
وأكد الوزير محمد عبو أن واردات المغرب من روسيا ارتفعت من 703 ملايين دولار في عام 2003 إلى ما يقارب ملياري دولار سنويا، كما عرفت الصادرات المغربية إلى روسيا تطورا، حيث ارتفعت من 76 مليون دولار سنة 2003 إلى نحو 300 مليون دولار سنويا.
وتمثل المنتوجات الزراعية 85 بالمئة من قيمة صادرات المواد الغذائية الموجهة إلى روسيا، حيث يعتبر المغرب المزود الأول لروسيا بالفواكه والحمضيات، ويطمح إلى مضاعفة صادراته منها 3 مرات بحلول عام 2018.
ولتعزيز الشراكة الاقتصادية بين المغرب وروسيا الاتحادية، يرى خبراء أنه يجب التركيز على معالجة القصور في الجانب القانوني لتسهيل الصفقات وانسيابية المعاملات التجارية بين البلدين، بالإضافة إلى تطوير جانب الخدمات اللوجيستية.
ويرى مراقبون أن السوق الروسية شديدة الأهمية بالنسبة إلى الصادرات المغربية، وأن انفتاح المغرب على هذه السوق مقدمة وفرصة لطموح أكبر يهم التعامل التجاري مع الدول المرتبطة بروسيا الاتحادية جغرافيا.
وقال الوزير محمد عبو إن بنية التبادل التجاري بين روسيا والمغرب لا تزال محدودة لأنها تفتقر إلى التنوع ولاتزال تركز على عدد محدود من المنتجات. وأضاف أن المؤهلات والموارد التي يمتلكها البلدان تفرض عليهما “بذل المزيد من الجهود لتعزيز وتنويع التبادل التجاري”.
وأكد أن المغرب عبر للجانب الروسي عن رغبته في الاستفادة من اتفاقية الممر الأخضر لتسهيل مرور صادراته الزراعية بسرعة إلى السوق الروسي لتفادي تلفها. وقال إن “الاستجابة للطلب المغربي كانت سريعة من الجانب الروسي وقدموا لنا مشروعا بهذه الاتفاقية”.