بعدما كانت المصارف في روسيا تعرض على عملائها قروضا عقارية بالدولار بشروط افضل بكثير من القروض بالروبل، تحول هذا المكسب مع انهيار العملة الى كابوس حقيقي بالنسبة للأسر الروسية الكثيرة التي استفادت منه، والتي تعتبر اليوم ان السلطات لا تكترث لوضعها.
ومع فقدان الروبل نصف قيمته في بضعة اشهر، انقلبت حياة إيكاتيرينا كولوتوفكينا.
وفيما يتعين على هذه المراة الاربعينية من سكان موسكو تسديد قسط شهري بقيمة الفي دولار، وصلت قيمة هذا القسط بالروبل خلال الشتاء الى ضعفي ما كانت عليه، مع تراجع العملة الروسية الى ادنى مستوياتها تحت وطأة العقوبات الغربية المفروضة على البلاد على خلفية الازمة الأوكرانية وتراجع اسعار النفط.
وفي آذار/مارس توفي زوج ايكاتيرينا كولوتوفكينا في سن الـ52 بسبب نوبة قلبية بعد تدهور وضعهما على مدى اشهر.
وتروي المراة الأرملة «كان قلقا للغاية، ضغط دمه كان يتقلب طوال الوقت». وهي اليوم تواجه خطر طردها مع ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات لتعذر دفع اقساطها عند استحقاقها.
وأوضح وزير الاقتصاد، أليكسي اوليوكايف، في كانون الاول/ديسمبر الماضي ان القروض بالعملات الأجنبية، التي تمت بمعظمها قبل ازمة 2008-2009، تشكل 3 الى 4 في المئة فقط من مجموع القروض في روسيا، ما يعتبر «حيزا غير هام اقتصاديا غير ان عواقبه شديدة».
وحيال وضع يزداد صعوبة، ضاعف المقترضون نداءات الاستغاثة، ونظم العشرات منهم تظاهرات وعمليات تعبئة خاطفة في موسكو وسان بطرسبرغ، او اغرقوا مصارفهم ونوابهم بسيل من الطلبات لتحويل ديونهم الى العملة المحلية بسعر ما قبل الأزمة.
غير ان السلطات لم تبد رغبة في معالجة هذه المشكلة ردا على هذه التحركات، لان تحويل القروض قد يلحق خسائر بالمصارف التي اضعفتها الأزمة النقدية اساسا.
وتحت ضغوط البنك المركزي، عرضت المصارف المعنية بشكل خاص ولا سيما دلتا كريديت (فرع سوسيتيه جنرال) حلولا فردية لعملائها. غير ان هؤلاء رفضوا اعادة جدولة قروضهم معتبرين ان ذلك لن يؤدي سوى الى اطالة امد مصاعبهم من خلال تمديد فترة التسديد. وأصدرت الحكومة الثلاثاء مرسوما يجيز تعويض الخسائر لكن بشروط صارمة وبمستوى لا يتخطى مئتي الف روبل (اقل من 3500 يورو).
وعمد المقترضون اليائسون الى تحركات جذرية واعلن عدد منهم اضرابا عن الطعام الاسبوع الماضي. واوضحت لاريسا موروزوفيتش (38 عاما) وهي تبكي «انها الوسيلة الوحيدة لاحداث اي تغيير» موضحة ان مصرفها عرض عليها اعادة جدولة اقساطها ونقلها الى ابنتها.
وسعيا للفت الانتباه الى هذه المشكلة قام رجل بتكبيل نفسه الى بوابة سفارة في موسكون فيما تظاهر احد قدامى المقاتلين في الـ89 من العمر في كرسي نقال امام مقر الحكومة احتاجاجا على هذه الازمة التي تطاول حفيدته.
ووجه المقترضون بالعملات الاجنبية رسالة مفتوحة الى الرئيس فلاديمير بوتين كتبوا فيها ان «معظم المقترضين انهكوا الى الحد الاقصى جسديا ونفسيا» عارضين اوضاعا قصوى حيث بات البعض على شفير الطلاق او يفكر في بيع اعضائه.
غير ان الرئيس الروسي رد هذه الاحتجاجات خلال برنامج تلفزيوني الأسبوع الماضي موضحا انهم اتخذوا قرارا ينطوي على مجازفة باقتراضهم بالدولار او اليورو او الين. وقالت لاريسا روبليوفا التي تقوم باضراب عن الطعام «كنا نتوقع بالطبع ردا آخر».
وبالرغم من انتعاش الروبل بحوالى 40 في المئة خلال شهرين، الا ان الاقساط على القروض بالعملات الاجنبية تبقى اكثر ارتفاعا بنسبة 50 في المئة مما كانت عليه قبل الازمة.
وقال غرانت ثورنتون الخبير الاقتصادي ايغور نيكولايف من معهد اف بي كاي ان «اصحاب القروض بالعملات الاجنبية لديهم دوافع تبرر نقمتهم على السلطة» مذكرا بان الحكومة مسؤولة عن استقرار الروبل. وختم ان «هؤلاء الاشخاص هم ضحايا الازمة».