عرف القانون اللبناني الموازنة العامة بأنها «صك تشريعي تقدر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن سنة مقبلة وتجاز بموجبه الجباية والإنفاق». إلا أن لبنان وفي ظل غياب موازنة الدولة منذ العام 2005، أجبر على الإنفاق وفق القاعدة الإثني عشرية والتي تستند إلى الأرقام الواردة في آخر موازنة عامة صدقها المجلس وهي موازنة 2005.
ورغم ظهور بوادر إيجابية لإقرار الموازنة مع بدء مجلس الوزراء الأسبوع الفائت دراسة مشروع الموازنة بالإستماع إلى وزير المال علي حسن خليل ، إلا أن الأرقام المعدلة للموازنة لا تبشر بالخير، فقد بلغ العجز فيها 7427 مليار ليرة، والنفقات نحو 23 ألفاً و362 مليار ليرة، والواردات نحو 15 ألفاً و634 مليار ليرة. أما قيمة الدين العام فمن المتوقع أن تبلغ في 2015 نحو 71 ملياراً و 700 مليون دولار.
ونظراً لهذه المهمة الكبيرة الملقاة على عاتق لجنة المال والموازنة، ونظراً لأهمية هذا المشروع على صعيد الإقتصاد الوطني والواقع المالي، يجعل من الضروري العمل على درس كل أرقام المشروع بكل دقة وتعمق بغية الوصول إلى أرقام تعبر عن حقيقة الإقتراحات المقدمة من قبل الحكومة في مشروع الموازنة.
وإعتبر مدير الشؤون المالية والإدارية بالتكليف في مجلس النواب أحمد اللقيس في حديث لـ«الديار» أنه على لجنة المال والموازنة الحصول على المعلومة المالية الصحيحة والإقتصادية والإجتماعية من خلال البيانات المقدمة إليها من المؤسسات المعنية «وأهمها المؤسسة الرسمية المعتمدة للرقابة والمتابعة أي ديوان المحاسبة وغيرها من إدارات الدولة ، إلى جانب مؤسسات القطاع الخاص وأهمها مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المهنية والبيوتات المالية من أمثال جمعية المصارف وغرف التجارة والصناعة والزراعة وجمعية المستهلك وغيرها..».
وأوضح أنه هناك مؤسسات عامة تلعب دوراً مركزياً في مساندة لجنة المال والموازنة في عملها أثناء دراسة مشروع الموازنة وهي:
-ديوان المحاسبة: الذي يعتبر مصدراً موثوقاً للمعلومات المالية الصحيحة المتعلقة بالمالية العامة، وهو المعني الأول في الرقابة على تنفيذ الموازنة في الإدارات والمؤسسات المعنية وهو الجهاز الرقابي الذي يراقب الموظفين المكلفين تنفيذ الموازنة ، لذلك لا بد من إشراكه في إعداد الموازنة لجهة النفقات والواردات كونه يضم نخبة من القضاة والخبراء.
-مؤسسة الضمان الإجتماعي: هذه المؤسسة تساعد في تقديم المعلومات المفيدة في دراسة أرقام مشروع الموازنة لجهة الإنفاق الإجتماعي أو مراعاة الأوضاع الإجتماعية عند فرض الضرائب .
-مجلس الخدمة المدنية: وهو المصدر الرسمي في توجيه أرقام النفقات إتجاه الناحية الإنتاجية خاصة وإن نفقات الرواتب والأجور والتعويضات توازي حالياً ما يقارب 45% من مجموع النفقات وهذا جزء كبير من أرقام الموازنة.
-إدارة الإحصاء المركزي: وهي الإدارة التابعة لرئاسة الحكومة كسلطة وصاية وهو مكلف بإعداد التقارير الإحصائية المتعلقة بالأوضاع الإجتماعية والإقتصادية ، على أن تعمل على وضعها في تصرف السلطة التنفيذية من جهة والنواب من جهة أخرى ما يساعد على إتخاذ القرار المناسب في موضوع الأرقام الواردة في مشروع الموازنة.
-مؤسسة مجلس الإنماء والأعمار: وهو المعني بكل ما يتعلق بالمشاريع الإنمائية والإستثمارية إنطلاقاً من وضع أولوية خطة إنمائية يضعها بتكليف من مجلس الوزراء للمشاريع المطلوبة حتى تأمين التمويل وخاصة الخارجي منها والقسم المحلي من التمويل ، ما يساهم في إعطاء الأسباب الموجبة لهذه المشاريع ويضيء من خلال جلسات اللجنة والإستماع إلى المسؤولين في المجلس والدراسات المعدة من قبل أعضاء اللجنة.
إلا إنه في المقابل، إستغرب اللقيس التغييب الحاصل على مستوى المجلس الإقتصادي والإجتماعي « إذ أن إتفاق الطائف لحظ قيام مجلس الإقتصادي والإجتماعي لمساعدة السلطة في وضع خطط التنمية الإقتصادية والإجتماعية ، وهو كان ليلعب دوراً مهماً في موضع الموازنة لكنه غير فاعل حالياً».
ـ القطاع المصرفي والموازنة ـ
في هذا الإطار، لا يسعنا إلا أن نركز على الدور الهام الذي يلعبه القطاع المصرفي بشكل عام لا سيما المصرف المركزي الذي يقدم دراسات جدية من قبل خبراء ومحللين ماليين مختارين لهذه الغاية من قبل جمعية مصارف لبنان، وهي بالفعل تشارك عبر ممثل لها في العديد من إجتماعات لجنة المال والموازنة وفق ما قال اللقيس «عبر تقديم التقارير والإجابات على التساؤلات المطروحة حيث يكون لها مساهمة في ترشيد الإنفاق خاصة وإن القطاع المصرفي هو شريك اساسي في تمويل العجز في الموازنة من خلال إكتتاباته في سندات خزينة».
من دون شك، هناك مساهمات من بعض مؤسسات القطاع المصرفي في تحليل المعطيات الإقتصادية وبشكل منفرد فيعد التقارير المناسبة ويوزعها على النواب لإتخاذ القرار المناسب ومنها بنك عودة، بنك بيبلوس ولبنان والمهجر