بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على إعلان قوات من المعارضة السورية سيطرتها على مركز نصيب الحدودي إلى الشمال الشرقي من الأردن في مطلع شهر نيسان الجاري، تبددت آمال عشرات المستثمرين في المنطقة الحرة المشتركة بين البلدين باستعادة بضائعهم وتجارتهم، وسط محاولات ابتزاز “يمارسها سارقون” لإعادة ممتلكات لأصحابها، بحسب بعض روايات رصدها موقع CNN بالعربية.
ولا تزال حالة من عدم الاستقرار الأمني تخيم على المنطقة الحرة المشتركة بين البلدين، فيما أكدت مصادر متطابقة لمستثمرين للموقع، أن العناصر المسلحة من جبهة النصر انسحبت من المنطقة الحرة إلى الداخل السوري، فيما تزال عناصر من الجيش الحر تتمركز عند منافذ مركز نصيب، وتتواجد بين الحين والآخر في المنطقة الحرة.
الأردن الذي تباينت روايات مسؤوليه حول حقيقة حجم الخسائر التي تكبدتها المنطقة الحرة التي حوت ملايين الاستثمارات، ما زال متأنيا في حسم موقفه الرسمي من التوجه للتعامل مع المسيطرين الجدد عند مركز نصيب، المقابل لمركز حدود جابر الذي أعلنت السلطات الأردنية إغلاقه منذ إعلان السيطرة.
ويقول وزير الإعلام الأردني محمد المومني، إن المملكة لا تزال على موقفها من إغلاق مركز جابر “إلى أن تستقر الصورة الأمنية عند الجهة الأخرى من الحدود،” مؤكدا في تصريح لموقع CNN بالعربية، أن الاغلاق سيمتد إلى “إشعار آخر” وحتى يتضح الوضع الأمني.
و لم تتضمن تصريحات الوزير أو غيره من المسؤولين الأردنيين حتى الآن، إشارة استباقية إلى رفض أي تنسيق محتمل مع قوات المعارضة التي سيطرت على المركز الحدودي، وسط تسريبات من مصادر مقربة من الجيش الحر للموقع حول معركة مرتقبة، لمواجهة قوات النظام السوري الذي يحاول أن يستعيد المركز، بحسب تقارير صحفية.
ووسط ضجيج بعض الاشتباكات المتقطعة بين الحين والآخر عند الجانب السوري من المنطقة الحدودية بحسب مصادر، فإن آمال العشرات من المستثمرين تبددت منذ سيطرة المعارضة السورية على مركز نصيب، وتعرض المنطقة الحرة للنهب على إيدي عناصر مسلحة.
ويقول الأردني عبدالله أبو عاقولة المستثمر منذ 15 عاما في المنطقة الحرة، إنه خسر بضاعته من المركبات بالكامل منذ ذلك الوقت، وأنه لم يستعد سوى 3 سيارات من أصل 385 سيارة، تقدر قيمتها بنحو 9 ملايين دولار أمريكي.
ويشكو أبو عاقولة، ما وصفه بتعقيد الإجراءات الرسمية الأردنية حيال حركة العبور للمستثمرين، و”تجاهل المسؤولين” تحّمل خسائر المستثمرين في المنطقة، بحجة أنها منطقة سورية، وفقا لأبو عاقولة.
ويضيف: “قبل السيطرة على الحدود كنا ندخل المنطقة الحرة دون إبراز حتى الجوازات الأردنية أو الهوية واليوم يردد المسؤولين على مسامعنا أن المنطقة الحرة تتبع الجانب السوري والعلم الأردني كان مرفوعا فيها.”
وكشف أبو عاقولة عن تعرضه للابتزاز مرارا ممن أسماهم “عصابات مجهولة” سرقت كامل بضاعته من السيارات المستوردة في ليلة واحدة، لاستعادة بعضها، عبر اتصالات من داخل الأراضي السورية.
وقال أبو عاقولة الذي وجهه نداء لملك الأردن للتدخل في حل قضية المستثمرين: “إن نهب السيارات كان الأسهل عند اقتحام المنطقة الحرة وفي ليلة واحدة سرقت جميعها بينما لم يكن بالإمكان سرقة الحديد والحجر الموجود في المنطقة، أتلقى اتصالات من عصابات تبتزني لإعادة سياراتي مقابل مبالغ مالية وتسليمها للمنطقة الحرة.”
وتتحفظ السلطات الأردنية على الإعلان عن الأرقام الحقيقية لحجم الخسائر التي ترتبت على نهب المنطقة الحرة ذات السيادة المشتركة، وعلى حجم خسائر المستثمرين، الذين تقدر عقودهم في المنطقة الحرة بنحو 500 عقد استثمار.
لكن الناطق الإعلامي باسم دائرة الجمارك الأردنية، العقيد جهاد الحجي، أكد لموقع CNN بالعربية، أن الجهات الرسمية الحكومية والأمنية، لا تزال تمارس عملها لحصر الخسائر، فيما أكد أن عمليات نقل البضائع للمستثمرين مستمرة منذ الأسبوع الماضي، في سياق تطبيق إجراءات رسمية للتخفيف من حجم الخسائر.
وقال الحجي مضيفا، إن السلطات الأردنية اتخذت عدة إجراءات لحماية ما تبقى من موجودات في المنطقة الحرة، عبر منع أية محاولات للدخول إلى المنطقة والخروج منها، إلى جانب تسهيل الإجراءات الجمركية لإدخال البضائع من الحرة إلى السوق الأردنية أو إلى الدول المجاورة.
وأوضح: “هناك لجنة رسمية شكلت من عدة جهات لمتابعة الأمر وهي ما تزال تعمل، منعنا السيارات الصغيرة من دخول المنطقة وخففنا من دخول المواطنين، كما سمحنا بإدخال البضائع للبلاد ويجري تخليص ما تقدر رسمه يوميا بنحو 80 ألف دينار.”
ويشير الحجي إلى أن الحجر والحديد والاخشاب والفحم، هي من أبرز البضائع التي سمح بإدخالها.
وكان خالد الرحاحلة مدير عام المنطقة الحرة، قد قال في تصريحات سابقة للموقع، إن اتفاق التعاون المشترك للمنطقة الحرة لا يمنح صلاحيات لطرف للتدخل والاشتباك داخل المنطقة، وأن الانسحاب الأمني من المنطقة كان لابد منه.
وأعلنت قوات من المعارضة السورية سيطرتها على مركز نصيب ليل الثلاثين من مارس/ آذار المنصرم، ويعد المعبر الاستراتيجي الثاني المشترك مع الأردن، حيث يبعد بضعة كيلومترات عن مركز حدود الرمثا شمال الأردن، المشترك مع محافظة درعا الجنوبية السورية المغلق منذ أشهر.