IMLebanon

محاكمة سماحة.. خبر عادي لاعترافات غير عادية

Michel-smeha

كشفت جلسة استجواب الوزير السابق ميشال سماحة ـ الموقوف بجرم نقل متفجرات من سورية والتحضير لعمليات اغتيال وتفجير على الساحة اللبنانية ـ ان رموزا أساسية من النظام في سورية كانت تعمل بكل إمكانياتها لتفجير الساحة اللبنانية، بعد ان تصاعدت الانتفاضة الشعبية في وجههم هناك. وبينت إفادات سماحة ردا على أسئلة رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل إبراهيم، ان القيادات الأمنية السورية تستخدم رجال السياسة لخدمة الأمن، وهذه الاعترافات كان يمكن ان تحدث زلزالا إعلاميا لولا الضجيج الهائل الذي يترافق مع تطورات أحداث اليمن، وشهادات المحكمة الدولية في لاهاي.

سماحة الذي يقبع في السجن منذ 9 اب 2012، اعترف بأنه نقل 24 عبوة ناسفة ومبلغ 170 ألف دولار بسيارته، تسلمهم من اللواء السوري علي مملوك، وكان سيعطيهم لعملاء بهدف تفجير هذه العبوات في مناطق لبنانية مختلفة ـ لاسيما في الشمال ـ لاغتيال شخصيات سياسية ودينية معارضة للنظام في سورية، ولتفجير أماكن عامة ومساجد لإحداث اضطرابات أمنية، وإشعال اقتتال بين اللبنانيين.

وأجوبة سماحة العلنية أمام محققي المحكمة العسكرية في 20/4/2015، أشارت بوضوح الى الأسلوب الذي كانت تعتمده الأجهزة الأمنية السورية، بحيث يبدو واضحا انها تعتمد على تسخير كل العلاقات السياسية وغير السياسية من اجل الأمن، والأمن عندها يهدف الى حماية النظام بالدرجة الأولى، بصرف النظر عن المصالح الشعبية.

بالإضافة لاعترافاته التي تتعلق بنقل المتفجرات والتخطيط لأعمال إرهابية، اعترف سماحة بأنه كان يجمع المعلومات الأمنية لصالح النظام من خلال موقعه النيابي والوزاري السابق في لبنان، ومن خلال صداقاته مع المسؤولين الأجانب، لاسيما مع الفرنسيين، وهو لم يخف كونه مدينا للنظام بوصوله الى المواقع القيادية، على غرار كثيرين تولوا مواقع مسؤولية في لبنان، إبان مرحلة الوصاية السورية السابقة.

مجموعة من العبر، يمكن استنتاجها من اعترافات سماحة امام محكمة بيروت العسكرية، لعل أهمها ما يلي:

أولا: كشف أسرار أحداث أمنية سابقة، تترابط فيها السياسة مع الأمن، لاسيما في سياق تعاطي الأجهزة السورية، وفي ان الأدوار الأمنية لبعض المسؤولين الذين كانوا على صداقة مع الأجهزة السورية هي التي قادتهم للوصول الى المناصب السياسية، حيث الاعتبارات الأمنية في الأجندة السورية تتقدم على ما عداها من اعتبارات. وسماحة في كشفه لتلك المقاربة، أوضح مجموعة من الخفايا التي تقف وراء وصول بعض المسؤولين السابقين الى مواقعهم ومنهم رؤساء.

ثانيا: تؤكد اعترافات سماحة ان النظام في سورية كان يخطط لإحداث فتنة أهلية في لبنان، وان وعي القيادات السياسية، وسهر المسؤولين الأمنيين، حالا دون تحقيق هذا المخطط، الذي على ما يبدو كان سابقا لعمليات العام 2012، وأكد الاتهام الأميركي لسماحة في العام 2007، أنه يعمل مع آخرين لزعزعة الاستقرار في لبنان، وبالتالي تم منعه من السفر للولايات المتحدة الأميركية.

ثالثا: تؤكد المعلومات الخطيرة التي أدلى بها سماحة امام المحققين، ان اللواء الشهيد وسام الحسن كان يؤرق بعض مسؤولي الأمن في سورية، وان فرع المعلومات قام بإنجازات جبارة في مواجهة المخططات التفجيرية، ومن هذه الزاوية يمكن التأكيد على الرابط الموضوعي بين عملية إلقاء القبض على سماحة من قبل فرع المعلومات، وبين عملية الاغتيال التي تعرض لها رئيس فرع المعلومات السابق اللواء وسام الحسن في الأشرفية بعد شهرين من توقيف سماحة.

اعترافات سماحة خطيرة وغير عادية، ولكن مرت كخبر عادي وسط أحداث كبرى.