Site icon IMLebanon

الراي: “الموت – اللغز” لرستم غزالة… سيناريوات عن “تصفية متعدّدة الهدف”

rostom-ghazali

من المصادفات المثيرة ان اللبنانيين، الذين يحتفلون اليوم وببعض من “السعادة” بذكرى مرور عقدٍ على انسحاب الجيش السوري من بلادهم، بعدما كان “استوطنها” لنحو ثلاثين عاماً، يحدّقون ملياً في لائحة المعزّين في صالة “دار السعادة” في المزة في سورية بوفاة اللواء رستم غزالة، الذي كان تحوّل “رمزاً” لعهد الوصاية السورية على لبنان، ودُفن امس مع أسراره بعد “موت تراجيدي” يشبه الألعاب المخابراتية.

في 26 نيسان 2005 كان غزالة آخر مَن غادر بوابة المصنع على الحدود مع سورية، وفي الذكرى العاشرة لهذا الرحيل، غادر الجنرال السوري الذي حكم لبنان بـ “العصا والجزرة” الحياة بعد ترجيحات ان نظامه غدَر به وسط تزايُد الكلام عن فرضية “الموت المسموم” الذي اودى به في مستشفى الشامي بعد نحو شهرين من الاحتضار.

ورغم تعدُّد الروايات التي تقاطعت حول استنتاج واحد هو ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد “تخلص” من غزالة، فان اللافت غياب اي رواية رسمية في دمشق ونأي حلفاء النظام في لبنان (قوى 8 آذار) بأنفسهم عن هذا الحدَث، ربما لان “شطبه” يتصل بـ “أسرار” ذات صلة بالملف اللبناني، وفي مقدمها اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.

وكان لافتاً تعليق رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط على وفاة غزالة معلناً عبر “تويتر” انه “مهما حاول حاكم ما تبقى من النظام السوري التخلص من الشهود في الجرائم التي ارتُكبت في لبنان وبحق الشعب السوري، المحكمة الدولية في انتظاره ونحن الى جانب النهر في انتظاره”، في تكرار لعبارته الشهيرة التي كان أطلقها قبل نحو اربعة أعوام حين نصح الرئيس سعد الحريري في سياق البحث عن العدالة في اغتيال والده، بأن يعتمد ما فعله هو في جريمة اغتيال والده كمال جنبلاط (العام 1977 التي ارتبكها السوريون) اي أن “ينتظر على ضفة النهر فلا بد ان تمر جثة عدوك امامك”.

والواقع ان كلام جنبلاط يعبّر عن زاوية من السيناريوات التي ازدحمت بها القراءات في بيروت لما اعتُبر “تصفية” لغزالة وتمحورت حول الآتي:

* ما نُسب الى معارضين سوريين من ان “اسم غزالة وارد ضمن قائمة المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية التي ستقدمها الأمم المتحدة الشهر المقبل للقضاء في بعض البلدان، ما يرجح نظرية تصفيته، ومن قَبله صهر الأسد آصف شوكت”.

* ربْط أوساط لبنانية معارِضة للنظام السوري “اغتيال غزالة” بصعود نجمه في المحاكمة الغيابية لخمسة من “حزب الله” في جريمة الحريري في لاهاي، وبأن غزالة هو أبرز الحلقات لربط النظام السوري بالمسؤولية عن الجريمة، التي تحاول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حالياً رسم “مسرحها السياسي”، الذي يتمحور حول “العداء” بين الحريري والنظام السوري.

وفيما اعتبرت هذه الاوسط “ان غزالة هو رابع أهم شخصية ورد اسمها في لائحة المشتبه بهم باغتيال الحريري تجري تصفيتها، بعد اللواء محمد سليمان وآصف شوكت وجامع جامع من دون إغفال تصفية اللواء غازي كنعان الذي كان يحتمل أن يكون شاهدا ملكا في ملف اغتيال الحريري”، كشفت ان معلومات كانت سرت عن “أن غزالة وقبل تعرضه لخطة قتله تحدث عن إمكان كشف أسرار يملكها عن اغتيال الحريري، وهذه المعلومات حملها أشخاص على صلة وثيقة بغزالة إلى شخصيات لبنانية مرموقة كما إلى بعض الديبلوماسيين الغربيين العاملين في لبنان”.

* وضْع مصادر سياسية لبنانية وسورية مناهضة للأسد إزاحة غزالة من المشهد في سياق اعتراض الاخير على تنامي النفوذ الايراني في سورية، علماً ان المرصد السوري لحقوق الإنسان اشار الى ان الخلاف بين رئيس شعبة المخابرات العسكرية اللواء رفيق شحاده وغزالة سببها “اعتراض الثاني على الهيمنة الإيرانية في كل من درعا والسويداء”.

وفي موازاة ذلك، ووسط تقارير عن ان عائلة غزالة تمكنت قبل أسبوع من تهريب عيّنة من دمه إلى مستشفى لبناني مرموق لفحصها فتبيّن وجود “آثار لمادة سامة مركبة روسية الصنع، قاتلة ببطء وتنتجها مختبرات عسكرية – مخابراتية”، برزت ثلاثة مواقف عن “الموت اللغز” لغزالة وهي:

اعلان المعارض السوري ميشال كيلو انه على يقين أن النظام وراء موت غزالة “الناجم عن صراعات داخل اطار أجهزة الأمن، أدت إلى انزال عقوبة به بدأت بالضرب المبرح ودخوله المستشفى”، كاشفاً انه قابل غزالة بداية العام 2006 “وحينها قال لي ان لا علاقة له باغتيال الحريري وأنه لو كان يعرف بالمؤامرة لكان أبلغ الحريري الذي أعطاه قبل نحو عشرين يوماً من اغتياله 800 ألف دولار من أجل بناء مدرسة في قريته (قرفة – ريفا درعا). وخلال اللقاء تحدث عن أنه في مرحلة ما باتت لديه معلومات عن هوية الذي اغتال الحريري وأنه لولا خوفه على أسرته وعائلته لكان أوصل هذه المعلومات إلى لجنة التحقيق”.

كلام صديق غزالة، صاحب جريدة “الديار” اللبنانية شارل ايوب امس عن “الموت الغامض” لرئيس شعبة الامن السياسي سابقاً.

وكشف ايوب انه بعد 3 ايام من نقل غزالة الى مستشفى الشام عقب الخلاف مع اللواء شحادة “استيقظ من مفعول المخدر وكان مرتاحاً جداً ويحرك يديه ورأسه وبوعي كامل. اما بقية جسمه فكانت مغطاة بشرشف ابيض”، لافتاً الى ان غزالة “نُقل قبل عشرة ايام من الطابق الخامس الى السادس وتم منع الزيارات عنه وعزله كلياً داخل غرفته. وقيل عن لسان طبيبه، انه تم اجراء عملية جراحية له في رقبته، لكن باستثناء نجله عبدو ومرافقيه، لم يستطع احد الدخول الى الغرفة وكانت علامات الضياع بادية عليه”.

واضاف: “منذ فترة كان اللواء غزالة على علاقة سيئة مع الحاشية التي تحيط بالرئيس بشار الاسد وكان ينتقدها (…) والحاشية كانت متضايقة منه ومن قصره ومن وضع حراسة عليه من قبل عناصر تابعة للامن السياسي، بدلا من ان يرسل هؤلاء ويوجههم الى القتال. فقرر اللواء غزالة وضع عبوات ناسفة داخل القصر واسطوانات غاز، وقام بتصوير القصر وتدميره”.

وتابع: “(…) في أحاديث سرية، انتقد غزالة”مواقف للقصر”وكان متضايقاً جداً، وذلك قبل حادثة اللواء شحادة. وتفاجأ الذين انتقد امامهم اللواء غزالة”القصر”نتيجة خطورة الحديث الذي قاله وهو قال الكلام امام صديق شخصي له ولم يقله امام احد غيره او ربما قاله لأحد اخر”.