على الرغم من فوز الرئيس السوداني عمر بشير بأكثر من 94% ليضمن بذلك خمس سنوات جديدة في سدة الحكم، إلا أن ولايته الجديدة امامها تحديات تتمثل في اخراج البلاد من العزلة الدولية، وتخفيف الاعباء الاقتصادية.
فمنذ وصوله الى السلطة عبر انقلاب عسكري في العام 1989، شهد حكم البشير ازمات عديدة من الحصار التجاري الذي فرضته واشنطن بسبب استضافته لتنظيم القاعدة في التسعينات، الى انقسام الجنوب وفقدان الجزء الاكبر من العائدات النفطية.
فازمة السودان لم تكن يوما سياسية وحسب، بل هي اقتصادية ايضا حيث لم تشهد البلاد يوما اقتصادا مزدهرا، وان كان شهد نموا ملحوظا في العقد الاول من القرن الـ 21 بفضل العائدات النفطية، ما لبث ان تراجع بعد انفصال الجنوب حيث خسرت الخرطوم 75 في المئة من عائداتها النفطية مع انفصال الجنوب عام 2011.
ويشير المحلل الاقتصادي السوداني خالد التيجاني الى “تراجع متوسط معدل النمو من حوالى 9 الى 2 في المئة في السنوات الاخيرة” تحديدا بعد انفصال الجنوب، وهذا الوضع سيؤدي بحسب خبراء الى تحديد السياسات السودانية المقبلة من خلال مساعي الحكومة لرفع العقوبات وتحسين صورتها امام الغرب.
اما استاذ العلوم السياسية في جامعة افريقيا في الخرطوم حسن مكي فيلفت الى ان ديون السودان الخارجية تتجاوز 40 مليار دولار, وهو غير قادر على تسديدها، وبالتالي ترغب الحكومة الحالية بالدخول الى نادي الاعفاءات من الديون، وهذا لن يحدث طالما لن يتغير أي شيء في السياسة”.
من جانبه، يختصر الكاتب السوداني عادل الباز خيارات البشير المستقبلية لفك العزلة عن بلاده في ثلاثة خيارات اولها على الصعيد الداخلي عبر ايقاف الحرب وانجاز مصالحة داخلية، وثانيا عبر القيام بدور اقليمي في بعض الملفات مثل ليبيا واليمن وجنوب السودان واخيرا عبر استخدام تحالفاته القائمة سواء في المحيط الافريقي او من خلال تحالف عاصفة الحزم من اجل اعفاء السودان من ديونها ورفعها عن قائمة الارهاب” في اشارة الى وضع الولايات المتحدة للسودان على لائحة الدول الداعمة للارهاب في 1993.
ويتفق محللون على ان التغيير الجذري في السياسة الداخلية قد يكون اساسا في موافقة الحكومة على مرحلة انتقالية كما تأمل المعارضة.
وفي هذا الشأن يقول الباز “لا يستطيع البشير ان يتجاوز الحوار بعد الانتخابات لانه اصبح مطلبا اقليميا ودوليا ومن كل الاطراف الداخلية”.
وتشترط العديد من الدول الغربية المصالحة في السودان لتحسين العلاقات مع الحكومة.
ووصف الاتحاد الاوروبي انتخابات 13 ابريل بانها فاقدة للمصداقية كون الحكومة فشلت بالتزامها بعقد حوار وطني وعدت به العام الماضي, ويهدف الى حل النزاعات المسلحة الجارية في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور ومعالجة الازمة الاقتصادية.
وعبر استاذ العلوم السياسية في جامعة افريقيا في الخرطوم حسن مكي على وضع السودان خلال المرحة المقبلة بـ “حالة من الشك ما لم تحصل مفاجآت اكان بالموافقة على فترة انتقالية او حصول انفراج سياسي كبير يطمئن فعلا بوجود تغيير فعلي”.
اما الباحث والخبير في شؤون السودان الفرنسي جيروم تيبيانة فيقول ان “الحكومة الحالية ستجد نفسها بين خيارين, ابقاء الوضع على حاله وتركيز السلطة اكثر بيد الرئيس والاجهزة الامنية، او الدخول في مرحلة انتقالية تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل ممثلين عن المعارضة حتى المسلحة منها”.
ويشارك السودان في عملية “عاصفة الحزم” التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن حتى انه ابدى استعداده لارسال ستة آلاف جندي اذا تطلب الامر تدخلا بريا.
ويوضح مكي ان “السودان انفتح في بادئ الامر على الصين وايران وتركيا. الا انه وجد في التحالف العسكري في اليمن فرصة خليجية تفتح له مجالات جديدة”، الامر الذي يتفق معه تيبيانة، الذي يرى أن من شأن التقاري مع الخليج ان “يقوض التقارب مع ايران”. وربما يتجه السودان اكثر صوب مصر، التي تطالبه “بالوقوف الى جانبها بالكامل” في قضايا من بينها سد النهضة الاثيوبي. ولكن يبقى “من مصلحة السودان الحفاظ على علاقات جيدة مع اثيوبيا”.
وكثرت التكهنات عن استثمارات خليجية نتيجة لمشاركة السودان في “عاصفة الحزم”.
وفي كل الاحوال فان اي استثمارات مستقبلية تحتاج الى ارض خصبة وهذا ما يفتقده السودان حاليا.