ايفا ابي حيدر
يركّز رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير، في هذه الحقبة، على ملف العلاقات اللبنانية الخليجية، خوفاً من تداعيات المواقف السياسية التي انتقدت سياسة المملكة العربية السعودية ودول الخليج. ويخطط شقير لبدء جولة خليجية هدفها توطيد العلاقات وتأكيد تمسّك اللبنانيين بالعلاقات الممتازة مع دول الخليج وأهله.اعتبر رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير أنّ التهجّم السياسي على دول الخليج هو أكثر ما يمكن أن يؤذي لبنان وشعبه واقتصاده. وقال لـ«الجمهورية»: «كيف يمكن التهجّم على السعودية و50 في المئة من تحويلات اللبنانيين تأتي من المملكة وهي تقدّر بالمليارات؟!
علماً أنّ أكبر جالية للبنانيين في العالم العربي موجودة في السعودية، كما انها أكبر مستورد للمنتجات اللبنانية، وأكثر الاستثمارات الموجودة في لبنان تعود إليها». وذكّر بأنّ «السعودية دعمت الجيش اللبناني بـ 4 مليارات دولار، عدا عن أنّ لديها مليارات الودائع في لبنان.
كلّ هذا يُظهر أنّ مصالح اللبنانين في السعودية ليست بصغيرة، ونحن نتكلّم بالأرقام. وتالياً، لا مجال للشك في ذلك».
ورداً على سؤال، استبعدَ شقير أن تُقدِم أيّ دولة في الخليج على الانتقام من لبنان، ولكن المشكلة تكمن في أننا نخسر جرّاء التهم التي تُساق ضد دول الخليج، والسعودية مُحِبّة للشعب اللبناني.
وأكد انّ أحداً من اللبنانيين لم يرحّل حتى اليوم من الخليج، إلّا في حال وجود ملف أمنيّ في حقه. وقال: «في السابق كانت دول الخليج تغضّ الطرف عن أي مخالفة أمنية، أمّا اليوم فهي لا تتسامَح مع التطرّف أو الاخطاء الامنية».
وأكد انّ «التحويلات الخليجية التي تدخل الى لبنان بالمليارات تَسنُد الاقتصاد، لذا لا يمكن اللعب اليوم بالعلاقة مع هذه الدوَل. شئنا أم أبينا إنّ اقتصادنا مَبنيّ على دول الخليج، والدليل تراجع القطاع السياحي بعد توقّف مجيء الخليجيين الى لبنان، من 8 مليارات دولار الى 4 مليارات دولار، وذلك بين الاعوام 2010 و 2014».
وعمّا اذا كان يمكن للسوق الايرانية بعد رفع العقوبات عنها أن تعوّض ما خسرناه من السوق الخليجية؟ قال: «فور رفع العقوبات عن إيران سنكون أوّل الداخلين إلى السوق الإيرانية على رأس وفد رسمي، لكن يجب التنبّه الى أنّ 90 في المئة من البضائع اللبنانية ممنوع عليها الدخول الى هذه السوق بسبب الشروط الصعبة التي يضعونها».
وتابع: «بلغت قيمة صادراتنا الى ايران عام 2014 بالأرقام نحو 3 ملايين و 232 ألف دولار، في حين بلغت قيمة صادراتنا الى السعودية 500 مليون دولار. في المقابل، استوردنا من إيران عام 2014 بنحو 50 مليون و84 ألف دولار». وأكد شقير أنّ ايران بلد مهم، ولكن الشروط التي يضعونها صعبة لأنها تهدف الى حماية صناعاتهم.
جولة الخليج
وعن الجولة التي تعتزم الهيئات الاقتصادية القيام بها الى دول الخليج، قال: «تبدأ الجولة من قطر في 14 أيار المقبل، تليها دبي وابو ظبي، على أن تسبقها زيارة الى الرياض».
وتابع: «انّ زيارتنا الى هذه الدول تهدف أولاً الى الإعراب عن تقديرنا كقطاع خاص لبناني لدور هذه الدول تجاه لبنان، ونقدّر استقبالها لمئات آلاف العائلات اللبنانية وتوفيرها فرَص العمل للبنانيين. إنطلاقاً من ذلك، نريد أن نقول لهم إننا نريد أفضل العلاقات معكم». وأكد شقير أنه لولا مبادرتهم الطيّبة تجاهنا لَما كانوا قبلوا باستقبالنا أو ثَبّتوا موعد الزيارة.
وكشف شقير أنّ وفداً لبنانياً مقيماً في دول الخليج سيزور لبنان قريباً وعلى جدول أعماله القيام بزيارات الى المسؤولين لتنبيههم الى خطورة المواقف السياسية المعادية لدوَل الخليج على أعمالهم ومصالحهم في الخليج. كذلك ستولِم الغرفة على شرف السفير السعودي الأربعاء المقبل.
التصدير البحري
وبالانتقال الى معضلة التصدير البحري، اعتبر شقير انه «من الصعب اليوم العمل على تخفيف رسوم المرور عبر قناة السويس، لأنّ دَخل مصر الأساسي يأتي من قناة السويس، عدا عن انّ البواخر التي تمرّ من هناك لا تكون محمّلة بالكامل من البضائع اللبنانية. لذا، أستبعد إمكانية فعل شيء في هذا الاطار».
وذكّر بأنّ مشكلة التصدير بدأت بالتفاقم منذ 4 سنوات، وليست وليدة اليوم. ومن حينها عملت الغرفة بالتعاون مع المسؤولين على تقوية التصدير البحري، والدليل أنّ الكثير من البضائع اللبنانية لا سيما الصناعية منها تذهب الى الدول العربية عبر التصدير البحري لأنه أوفر بكثير. لذا، ننصح بالتوجّه نحو التصدير البحري. امّا المشكلة الوحيدة في التصدير فتتعلّق بالتصدير الزراعي، لأنّ الخضار والفاكهة تحتاج الى مستوعبات مبرّدة.
وتالياً، كلفتها بحراً أعلى من كلفتها برّاً. وكَحَلّ، ندرس احتمال التصدير الجوي للمزروعات عبر طائرات روسية كبيرة متخصصة، قادرة على شحن ما بين 50 الى 70 طناً في الرحلة الواحدة».
ولفت الى أنّ الغرفة أعدّت دراسة في هذا الخصوص منذ نحو ثلاث سنوات، وكانت كلفتها معقولة، وهي ستعيد إجراء الدراسة راهناً. كما ستطرح هذا الموضوع مع الوفد الروسي الذي يزور لبنان غداً. وأكد أنّ التصدير بحراً أو جواً يستوجب الدعم المالي من الدولة، خصوصاً على صعيد التصدير الزراعي.
تدابير المرفأ
وعن التدابير الجمركية الأخيرة المتّبعة في المرفأ، كشف شقير انّ المؤتمر الصحافي الذي دَعت إليه غرفة بيروت مع وزير المال علي حسن خليل يهدف للإعلان عن الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه من أجل تسهيل خروج البضائع من مرفأ بيروت، والتي مَرّ عليها أكثر من شهر مع كل المعاناة التي تَحمّلها التجّار جرّاء إلغاء الخط الأخضر وتسيير كل البضائع عبر الخط الاحمر.
سلامة الغذاء
وعمّا إذا كانت الدورات المتعلقة بسلامة الغذاء التي تنظمها غرفة بيروت من شأنها أن تساهم في تحسين صورة المنتجات اللبنانية التي تأذّت جرّاء الحملة؟ قال: «صورة لبنان لم تتأذ، والدليل انّ المرتجعات لا تتجاوز الـ 1 في المئة وتعود لأسباب تتعلّق بمعلومات يجب توافرها على الغلاف».
ولفت الى أنّ «الغرفة خرّجت حتى الآن 700 شخص من مركز الغذاء، وسيتمّ هذا الاسبوع إطلاق مركز لسلامة الغذاء في كل من جونيه وجبيل، بهدف تدريب عدد أكبر من المهتمّين، حيث من المتوقع تدريب 4000 شخص حتى نهاية العام. كما سنبدأ قريباً بالتدريب على المرحلة الثانية، وسيصدر وزير الصناعة مذكرة بإلزامية هذه الشهادة».
أضاف: «لا شك في أنّ العمل الذي قام به وزير الصحة وائل ابو فاعور مهم جداً، لكنّ الدور الأكبر يقع على عاتق البلديات التي عليها تفعيل دورها الرقابي، وإلّا فإنّ كل هذا المجهود سيذهب هدراً عند تغيير الوزير». مُبدياً استعداده لتدريب موظّفي البلديات.