افتتح وزير البيئة محمد المشنوق، صباح اليوم في فندق “الموفنبيك”، مؤتمر “الاستدامة في لبنان: التركيز على استراتيجية النفايات الصلبة” الذي تنظمه وزارة البيئة بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار وجمعية الصناعيين اللبنانيين، في حضور ممثل رئيس جبهة “النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط وزير الزراعة اكرم شهيب، رئيس لجنة البيئة النائب مروان حمادة ومقرر اللجنة النائب عاصم قانصوه، رئيس مجلس الانماء والاعمار المهندس نبيل الجسر، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة محمد شقير وحشد من رؤساء البلديات والمدراء العامين والتنفيذيين في الشركات الرسمية والخاصة المعنية بملف النفايات وممثلين عن المنظمات الدولية والمجتمع المدني ومراكز ودراسات وباحثين.
رزق
بعد النشيد الوطني افتتاحا، كلمة تقديم لمدير عام شركة Throughout The Line For Business Development نبيل رزق، لافتا الى “ان المؤتمر يساهم في تشكيل انعطافة ايجابية باتجاه وضع حلول ذات طابع مستدام لمعالجة مسألة النفايات”، منوها “بالدعم الكبير الذي لقيناه من جميع الشركاء ورعاة المؤتمر”.
معاصري
ثم قدم المستشار التقني للمؤتمر راجي معاصري شرحا مفصلا عن ابرز المواضيع التي سيتناولها المؤتمر.
الجميل
وتحدث الجميل، فاعتبر “ان موضوع رسم اطار لأدارة النفايات الصلبة هو في غاية الاهمية، فالمعالجة تؤسس لمنظومة عمل ملزمة لسنوات طويلة، وتعتبر مصيرية بالنسبة للبيئة والاقتصاد معا”.
وقال: “انطلاقا من مسؤوليتنا بالتطوير والدفاع عن قضايا القطاع الصناعي، والمحافظة على فرص عمل لشباب لبنان، طالبت جمعية الصناعيين باستراتيجية متكاملة، تأخذ بالاعتبار الوضع القائم والتكنولوجيا المتاحة والمصالح الاقتصادية والبيئية في لبنان، وقامت بطرحها ومناقشتها مع المسؤولين والمعنيين، واذ نفاجأ بمشروع قانون غير متكامل، ودفاتر شروط يتم الحصول عليها لقاء بدل مادي، والتحضير لأجراء مناقصات، دون الاطلاع على مضامين هذه الوثائق والمستندات”.
اضاف: “نتطلع ان تأتي المعالجات المطروحة للواقع الاقتصادي الدقيق، وواقع الصناعة اللبنانية، وخصوصا صناعة التدوير، وهي صناعات خضراء تتناغم مع احدث الاقتصاديات في العالم، وتتجانس مع البيئة وتؤمن فرص عمل ذات قيمة مضافة للشباب اللبناني”.
ورأى “ان الوضع الحالي دقيق وحساس ويضعنا على مفترق طرق، فالجميع يعلم بوجود ثروات النفط والغاز في مياهنا الاقليمية، ففي “اليوم الوطني للنفط”، الذي نظم قبل أسابيع، تم عرض الخيارات للبنان بكل وضوح، حيث جرى التأكيد على ضرورة استثمار هذه الثروات ليس فقط لتصديرها بشكلها الخام بل الافادة منها لتعزيز الاقتصاد من خلال تعزيز الصناعة المحلية عبر صناعات جديدة وواعدة، وفي هذا الاطار نسأل، هل من المعقول أن نسمح بالقضاء اليوم على صناعات التدوير التي هي صناعات مستقبلية وعريقة في آن، لنقوم بأعادة اطلاقها في المستقبل؟ فكيف لا تلحظ استراتيجية النفايات الصلبة، التي هي طويلة المدى، استثمارا لهذه الثروات في الداخل، للمساهمة في تعزيز الاقتصاد وزيادة النمو عبر تطوير القطاع الصناعي وتأمين فرص عمل للبنانيين وخفض البطالة ، عوض الاكتفاء ببيع هذه الثروات للخارج”.
واكد ان “طمر او حرق هذه النفايات هو هدر للاموال اضافة الى التكلفة العالية للمطامر او لمعالجة الرماد المتبقي من عملية الحرق، وايجاد مطامر خاصة لهذا النوع من الرماد. فاللجوء الى هذا الخيار يجب ان يأتي بعد استنفاد كافة الحلول، وهي اولا اعادة التدوير وانتاج الوقود البديل من هذه المخلفات قبل حرقها وطمرها”. وقال: “من هنا يمكن للصناعة اللبنانية المساهمة وبشكل اكبر في حل معضلة النفايات الصلبة في لبنان، من خلال اعادة تدوير المخلفات الورقية والكرتون والبلاستيك وغيرها من المعادن، اذا ما تم اعتماد الفرز من المصدر، واعادة الفرز بعد التجميع، بحيث تصل الى نسبة اكبر من النسبة الحالية”.
وأعلن “ان اعادة الفرز والتدوير وتصنيع ال RDF كوقود بديل، يساهم في خلق فرص عمل جديدة في لبنان كما يساهم في تخفيض كلفة الانتاج، ما يساعد الصناعة اللبنانية على الصمود والمنافسة”. وقال: “ان اي استراتيجية وطنية مستقبلية لمعالجة موضوع النفايات الصلبة يجب ان تعتمد التسلسل الهرمي المؤلف من مراحل متكاملة :-ترشيد الاستخدام -الفرز – التدوير- التسبيخ- استعمال الوقود البديلة RDF) ) – الحرق بكميات قليلة- الطمر”.
واشار الى الهواجس والمخاوف ازاء ما يطرح، معتبرا ان “مشروع القانون المطروح غير كامل ويعتريه الكثير من اللبس والغموض، وطالب بان ينص القانون بشكل ملزم وواضح على المسؤوليات في كل مرحلة من مراحل المعالجة بحيث يفرض الابقاء على فرص العمل المتاحة وخلق المزيد منها ضمن اجراءات تشجع التدوير والحفاظ على البيئة”.
ودعا الى مزيد من التعاون مع هيئات المجتمع المدني ، والتواصل مع البلديات والادارات المحلية وجميع المعنيين والمشاركة المباشرة في دراسة مشروع القانون ومناقشته كي يأتي مطابقا لقواعد ومعايير معتمدة عالميا تضمن السلامة العامة”.
الجسر
وقال الجسر: “يأتي هذا المؤتمر، تحت عنوان الاستدامة، في توقيت ممتاز بعد أن أقرت الحكومة اللبنانية خطة إدارة النفايات الصلبة وأطلقت مناقصات عالمية لخمس مناطق خدماتية تغطي كامل مساحة الأراضي اللبنانية”.
اضاف: “بعد إطلاعي على برنامج المؤتمر ومحاور الجلسات، تبين لي أنه يمكن لجميع الجهات المعنية بهذا القطاع الاستفادة من هذا المؤتمر لتبادل الآراء والخبرات، كما يمكن للشركات اللبنانية التي ترغب بالتقدم بعروض، بالإئتلاف مع شركات عالمية، الاستفادة من هذا المؤتمر لجهة الاطلاع على التجارب العالمية والتقنيات المبتكرة التي تتناسب مع وضعية قطاع النفايات الصلبة في لبنان. وإذا كان هذا المؤتمر يوفر فرصا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإن خطة الحكومة نفسها مبنية على قاعدة هذه الشراكة. إن ملفات التلزيم العائدة لمناقصات جمع ونقل ومعالجة النفايات التي أطلقت مؤخرا تعطي القطاع الخاص فرصا كبيرة للمبادرة سواء على صعيد اختيار التقنية للمعالجة أو على صعيد اختيار المواقع الجغرافية للمعالجة والطمر، بشرط احترام الشروط والمعايير البيئية المحددة في ملفات التلزيم”.
واشار الى ان “هذه المقاربة لا تعني، مطلقا، تخلي الدولة عن واجباتها ومسؤولياتها. وإنما تهدف إلى الاستفادة، بالطريقة القصوى، من الطاقات المتوفرة لدى القطاع الخاص وقدرته على التعامل مع الشركاء في هذا القطاع، أي الوزارات والبلديات والمجتمع المدني والمجتمع الأهلي. إن صلاحية الاقتراح المعطاة للقطاع الخاص لا تنزع صلاحية القرار من يد مؤسسات الدولة اللبنانية”.
وتابع: “إن قطاع النفايات الصلبة في لبنان يعاني، حاليا من عدة مشكلات أبرزها التالية:
– الإطار المؤسساتي: فقانون إدارة النفايات الصلبة الموجود في المجلس النيابي لم يعرض بعد على الهيئة العامة. وبالتالي فهذا القطاع ينمو ويتوسع في غياب إطار مؤسساتي حديث ينظم علاقة جميع الأطراف وأدوار كل منهم. وتدور، حاليا، أنشطة خدمة النفايات في مروحة واسعة، إذ تتولاها السلطة المركزية في بيروت وجبل لبنان، بينما تتولاها البلديات واتحادات البلديات في المناطق الأخرى.
-الإطار التمويلي: إذ تمول معظم خدمات النفايات، حاليا، من الصندوق البلدي المستقل وتغطي وزارة المالية العجز الذي يحتسب دينا على البلديات وبالتالي يشكل هذا القطاع عبئا ليس على البلديات فقط وإنما على المالية العامة.
– الإطار البيئي والجغرافي: فجميع اللبنانيين يريدون معالجة هذا الملف ولكن لا أحد على استعداد لأن يقدم حلولا على مستوى تأمين مواقع للطمر الصحي أو لمراكز المعالجة. هذا الرفض غير المنطقي لم يمنع المكبات العشوائية من الانتشار على كامل الأراضي اللبنانية (حوالى 670 مكب عشوائي حاليا). فهل إن المكبات العشوائية مقبولة والمطامر الصحية مرفوضة ؟ وهل أن الأولى أقل ضررا من الثانية؟ هذا إذا سلمنا جدلا أن المطامر الصحية مضرة”.
واردف: “إن هذه الإشكاليات الرئيسية تحتاج إلى توحيد كل الجهود لإيجاد الحلول المرضية. وما الخطة التي أقرتها الحكومة مؤخرا إلا الخطوة الأولى في طريق طويل وشائك. فإدارة النفايات في المناطق الخدماتية، في حال تكللت المناقصات بالنجاح، يجب أن تترافق مع خطة لإقفال المكبات العشوائية تدريجيا وإعادة تأهيل مواقعها، بالإضافة إلى تأهيل المطامر. كما يجب تحريك موارد مالية للمساندة في تنفيذ الخطة من ضمن آلية “إجراءات التخفيف الملائمة وطنيا” تحت سقف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، كما يجب البدء بعملية الفرز من المصدر لتقليص كمية النفايات المنتجة.
وختم: “إن إشكاليات هذا القطاع تحتاج إلى تضافر جهود الجميع في بلد صغير المساحة مثل لبنان. من هنا أهمية هذا المؤتمر والتوصيات التي ستصدر عنه ومدى مساهمتها في تقديم إجابات على الإشكاليات المطروحة”.
المشنوق
والقى المشنوق كلمة قال فيها: “عندما نتحدث عن مفهوم “الاستراتيجية” هناك عدة تعريفات له، الاستراتيجية تحتاج إلى رؤية وهدف، لكن التعريف الأهم هو كيف تستعمل قدراتك للوصول إلى هدفك آخذين بعين الاعتبار القدرات، الأوضاع المالية، الظروف الأمنية المحيطة. إذا الاستراتيجية هي كيف تحقق هدفك من خلال قدراتك. هذا أمر صعب في لبنان”.
واكد المشنوق “أهمية التعريف بالاستراتيجية أولا”. وقال: “نحن في لبنان نعرف القضايا جيدا وندرك المشاكل ولكننا نعجز في معظم الأحيان عن الحصول على قرار بالإجمال أو بأكثرية مقبولة كبيرة على قضية معينة. تجنح بنا الأمور في بعض الأحيان إلى حيث يصبح مطمر أهم من الخطة الوطنية لإدارة النفايات. تجنح بنا الأمور إلى حد الاستماع الى الشباب والصبايا والأطفال يثيرون بعض القضايا ونعجز عن الاستماع إلى المسؤولين والمختصين والخبراء يقدمون الحلول ويشيرون بالأصابع إلى المخاطر الفعلية أكانت سرطانية أم غيرها، أو كانت في أماكن معينة ملوثة أم لا. هذا كله شبيه بهؤلاء الذين يقبلون بوجود 760 مكبا عشوائيا في لبنان في آخر تحديث لهذا الرقم. فهناك 760 مكبا عشوائيا يتعايش معها اللبنانيون على أبواب بلدياتهم ولا يرف لأحد جفن. ولكن عندما تتحدث عن مطمر صحي يرفض الجميع هذا التوجه”.
وسأل: “لماذا نقبل بالمكبات العشوائية؟ لماذا نعيش مع النفايات في قرانا وضيعنا ومدننا؟ لماذا نقبل بهذه البلديات، وأعتذر من رؤساء البلديات الموجودين هنا، التي تسمح بهذا العمل أن يستمر بينما نقترح نحن الفرز من المصدر ثم التدوير ونقترح انخراط المجتمع المدني إلى جانب المدارس والبلديات والإعلام وكل المؤسسات العاملة في المجتمع المدني كي نحقق أي تقدم مطروح على الأرض ولا سيما ملف النفايات الصلبة الذي يحتل اليوم اهتماما كبيرا في لبنان. هذا السؤال “لماذا” هو نفسه الذي قد يتحول الى استراتيجية أو قد يتحول الى نقمة على أي استراتيجية، لأننا أحيانا نشعر بصدق بأن لدى البعض رغبة معينة في عرقلة كل شيء في لبنان من انتخابات رئيس الجمهورية إلى كل القضايا الأخرى حيث تتوزع الانقسامات ويعجز المجلس النيابي عن الاجتماع لتشريع الضرورة وتبقى الحكومة بقوة الائتلاف بالحد الأدنى. هذه الامور تجعل كل شيء في لبنان يستمر بهذا النوع من العجز. الاستراتيجية هي كيف نستغل قدراتنا للوصول إلى أهدافنا، نحن لا نستغل هذه القدرات. نحن نستغل القدرات للمماحكة والنقاش العقيم ومن ثم التحول إلى عملية هجوم على من قام بما يجب القيام به ومن لم يقم به. كل هذا تحت اسم حريتنا وديمقراطيتنا وحقنا بالحياة الحرة والسليمة”.
وقال: “مع الأسف كلامنا في مكان وعملنا في مكان آخر، وإن الكلام لا يمكن أن يحل محل الأفعال. ومن هنا بعد 17 سنة من الآلام والمعالجات المبتورة حاولنا في حكومة المصلحة الوطنية برئاسة دولة الرئيس تمام سلام وبمشاركة الأخ الوزير المخضرم أكرم شهيب البحث عن كل ما يؤدي إلى معالجة قضية النفايات، لم يكن لدى أحد منا أجندة، الأجندة الوحيدة هي مصلحة لبنان، وكيف يمكن أن نصل إلى خطة وطنية لمعالجة النفايات الصلبة، هذه الخطة تتضمن استراتيجية فيها الفرز من المصدر والتدوير والبحث عن كل أنماط التكنولوجيات المتاحة امامنا من الفرز الميكانيكي والفرز اليدوي والتسبيخ والRDF حيث نصل في النهاية إلى مكان لدفن العوادم. يسأل البعض عن معنى العوادم؟ فهي ليس فيها إفرازات ولا ضرر وهي ناشفة. يقولون ممنوع الطمر في أي مكان والسبب هو أننا رأينا ما حصل في مطمر الناعمة وننفخ اليوم على اللبن. هذا الكلام دقيق ولكن الناس لا تدرك كل الجوانب، ومعظم الناس لا يعرفون الجوانب التقنية. يجب أن نصل إلى مكان ما نضع فيه لبنان قبل كل الفوائد التي يجنيها البعض في ملف النفايات”.
اضاف: “سألت أحد رؤساء البلديات أين تدفن النفايات التي تجمعونها؟ فقال متململا وجدنا شخصا يأخذها وندفع له 112 مليون ليرة لبنانية ويرميها في عكار.أين يرميها في عكار لا أدري كما قال وهذا يعبر عن منطق لبناني قديم ” حايدة عن ظهري بسيطة” يجب ألا نترك مثل هذه الأمور تتفاقم عند غيرنا وربما يسمعني اهالي عكار اليوم ويرمون نفاياتهم في مناطق أخرى. نقبل 760 مكبا عشوائيا؟ نقبل بالتلوث في أنهارنا ونريد شرب مياه نظيفة. كيف ذلك؟ هل منعت بلدية معينة التلوث الذي ينتج عن مصانعها ومسالخها ومزارعها ومبيداتها على الأنهر؟ نحن فخورون أن تأتي سفارات وتعمل على إزالة التلوث من أحد الأنهر الصغيرة مع المجتمع المدني. هذا كلام مسؤول وفيه تحسس وابتعاد عن التنظير. نتحدث عن الاستراتيجية اليوم، ففي الاستراتيجية والمناقصات يبحثون عن أفضل الوسائل بأفضل الأسعار ليتقدموا في مناطق الخدمة التي ذكرها الأستاذ نبيل الجسر ويقدمون العروض، وهناك لجنة مؤلفة من مجموعة من الوزارات للاشراف على هذه العملية بكل شفافية. لسنا نشعر اليوم بأن الناس تدرك إلى أين نحن ذاهبون، نحن نذهب إلى خطة وطنية تشمل كل المحافظات والمناطق ولا تختلف فيها منطقة عن أخرى، قد تختلف فقط التكنولوجيات من منطقة إلى اخرى حسب من يتولى هذه النفايات في المنطقة الخدماتية والنتيجة ستكون التخلص من النفايات”.
وكشف أن “عروضا تأتينا من أوروبا وافريقيا تطلب أخذ نفاياتنا مقابل مبلغ معين لمعالجتها، هذا الكلام ليس خياليا. في اوروبا حيث المحارق، يبحثون عن الوقود من النفايات لإنتاج الكهرباء. نحن أردنا الذهاب الى عملية الحرق ولكن عملية الحرق لا تتم بين ليلة وضحاها، فاستراتيجية التفكك الحراري التي تم إقرارها في مجلس الوزراء تتطلب مراحل عديدة عمرها سنوات قبل تنفيذ العملية. فماذا نفعل في هذه المرحلة؟ هل نعد الايام الى متى ينتهي العمل بمطمر الناعمة، لقد اتخذنا قرارا بإقفال مطمر الناعمة 20 مرة، يقولون لك إغلقه الآن، كيف نغلقه الآن وهو يؤمن الوصل بين خطة قديمة أو لا خطة قديمة وبين خطة حديثة وطنية. النظافة عملية مستمرة مثل الكهرباء والمياه ولا يمكن توقيفها لفترة. نحن نشعر بمعاناة الناس ونعلم أن التعويض المادي لا يحل المشكلة، ونعرف أن الكهرباء التي يحصلون عليها مجانا ليست منة من الدولة عليهم، نحن نعرف أنهم يستحقون دراسة للوقاية الصحية وأن نقدم اليهم أجمل حديقة وإعادة تأهيل مطمر الناعمة، لكن قضيتنا تمتد على مساحة لبنان. وقع 58 رئيس بلدية في أحد الاتحادات “لا نريد مطمر عنا” فأين نأخذ نفايات هذا القضاء؟ على المريخ أم على البحر؟ ما هي هذه المسؤولية التي تجعل الجميع يقولون لا نريد، ثم يلجأون الى حرق النفايات”.
وختم: “أريد أن أحرك في ضمائركم أن الاستراتيجية تبدأ في فهم المشكلة، وفي تحديد الرؤية وكيفية الوصول إلى الهدف ضمن إمكانيات البلد”. وسأل “هل تدركون ما هي كلفة تنظيف نهر الليطاني من المنبع إلى المصب مرورا ببحيرة القرعون ؟ تبلغ الكلفة 850 مليون دولار، وقد فاوضنا البنك الدولي وحصلنا اليوم على 50 مليونا ولكن نحتاج إلى 800 مليون، ولو منعت البلديات التلوث لما وصلنا إلى هذه المرحلة من التلوث وهذا ينطبق على عدد كبير من الانهار بدرجات متفاوتة. هذه مسؤولية وطنية والخطة الوطنية لا تقوم على جهود أشخاص محددين بل تحتاج إلى جهود المجتمع المدني والشرطة والأمن والجيش والبلديات. هنا نشعر بأن البلد بخير إذا تعاونا جميعا”.
شهيب
والقى ممثل جنبلاط وزير الزراعة أكرم شهيب كلمة فقال: “بداية أقدر وجع وصرخة معالي الصديق وزير البيئة وآمل أن تجد لها مكانا في هذه المشكلة التي أعتبرها من أهم المشاكل الآنية والآتية على البلد. آمل أن نصل إلى حل يوما ما”، مؤكدا أن “الاستدامة مطلب استراتيجي، فشكرا لمن يسعى الى تحقيق هذا المطلب، لمن جمعنا اليوم وأعطى أولوية لادارة النفايات وايجاد حل مستدام لادارة النفايات، وهي مسألة ملحة ولا تحتمل التأجيل”.
أضاف: “في مسار الحل المنشود أعرض وقائع وملاحظات: الكل ينتج نفايات، كل فرد منا ينتج كيلو كل يوم. لا أحد يريد أن يجاور أي حل، والجميع يسعى الى حل لم نصل إليه بعد. إنها مشكلة في غاية التعقيد، والمشكلة برأيي هي عجز الدولة عن فرض مواقع. وهذا أمر غير قابل للتسوية، هناك مواقع للحل يجب فرضها بأي صورة من الصور. فمطمر الناعمة فرض فرضا بارادة سياسية في العام 97 وهو جزء من الخطة الطارئة نظرا للمسؤولية الكبيرة في موضوع النفايات الصلبة المنزلية، والذي هو جزء من بيئتنا وجزء من واقعنا من حياتنا، من اقتصادنا ومن سياحتنا وجزء من حل مشكلة”، لافتا إلى أن “كل واحد مثلا في دكانه يكنس الأوساخ ويرميها أمام جاره، وفي الضيعة يجمعون النفايات ويرمونها على باب الضيعة الثانية وهكذا، وقد تكون من أسباب المشاكل القائمة في بعض المناطق”.
ورأى شهيب أن “تفويض القطاع الخاص مهم، إنما برأيي الشخصي وأعتذر من واضع الخطة، لا أعتقد أن ما عجزت عنه الدولة سوف يقدر القطاع الخاص على فرضه في خطة 2014، كم توجد كميات في مطمر الناعمة من 97 إلى العام 2015، والمشروع كما هو معروف، ولا أريد الدخول في التفاصيل وضع في وزارة البيئة في حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ذلك الوقت وكان لي شرف أن أكون معه في وزارة البيئة في ذلك الوقت، وقد شمل الكنس، الجمع، الفرز، التدوير، التسبيخ ثم طمر العوادم. مع الاسف، منذ العام 97 كان القول إنه على أساس 10 سنوات والخطة الطارئة تصبح في 8 سنوات في كل المناطق اللبنانية. من هنا جاء كلامي أي فرض مواقع، ليست القصة إذا أرادوا مواقع أم لا. لا أحد يريد بالعقل اللبناني أن يجاور مطمرا أو محرقة أو مركز تدوير أو تسبيخ أو غيره”.
وتابع: “عندنا 13 مليون و 600 ألف طن في الناعمة اليوم. الكميات اليومية في البلد تبلغ 3200 طن، العمروسية تأخذ 1200 للفرز والكرنتينا 2000، ومركز التسبيخ 300 طن وهو المشكلة الأساسية برأيي في هذا الموضوع، إذ لم نتمكن من إيجاد مساحة حتى نطور، لأنه زاد عدد البلديات وزادت الكميات عن الخطة الطارئة في الـ 98 لكننا لم نتمكن من إيجاد مكان لإقامة مراكز الفرز الجديد”.
واشار الى “اننا مررنا في أربع مراحل، المرحلة الأولى أسميناها الخطة الطارئة 96 -98 جمع، فرز، تدوير، تسبيخ، طمر العوادم، خطة 2006 مرة ثانية، على أساس لعشر سنوات الخطة الطارئة مع مناطق لم نصل اليها في الشمال والجنوب أو بقية “عمل نطاق سوكلين”. عام 2006 استكمال الخطة الطارئة، حيث طرح ايجاد محارق باقتضاب وبحياء بسيط ولكنها بقيت طرحا، استبعدت المحارق إنما بالـ2006 لم نتوصل إلى حل، وبقينا حتى سنة 2010، في حكومة الرئيس سعد الحريري، حيث صدر مشروع مقسوم الى قسمين على ما اعتقد: القسم الأول عبر دراسة لشركة عالمية تتضمن محرقتين ثم أصبحت 4 بعد دراسات مجلس الانماء والاعمار، وبقية المناطق المكتظة بالسكان ذات الكثافة السكانية وكميات النفايات نعمل على المحارق في المنطقة الثانية وسميناها “التفكك الحراري” حتى تمر عند المجتمع، لأن كلمة محرقة لها وقع آخر طبعا مع تقنيات حديثة، حيث يتطور موضوع المحارق يوما بعد يوم، فبالتالي التفكك الحراري والطمر الصحي في المناطق الأبعد أي الجنوب والبقاع والشمال، هذه الخطة لم تكتمل عناصرها ولم تر النور”.
وقال شهيب: “2014 استقبلت حكومة الرئيس تمام سلام بمشكلة هي مشكلة الناعمة وانعكاسها قبل تشكيل الحكومة. أول جلسة تم التطرق إلى الحل ونجحنا بقسم ولم ننجح في القسم الآخر، وتقسمت المناطق فلم يعد هناك من مركزية وهذا أمر مهم جدا، وأصبح عندنا منطقة تشمل الضاحيتين مع بيروت، جبل لبنان الجنوبي، جبل لبنان الشمالي، عكار وطرابلس، الهرمل البقاع، النبطية والجنوب، وطرحت المناقصات”.
واضاف: “طرح موضوع القطاع الخاص، وهنا أعود إلى النقطة المركزية، ما عجزت عنه الدولة برأيي ليس بالسهولة على القطاع الخاص إيجاد مراكز. وتبقى المشكلة الأساسية الأرض، أين سنعمل؟ مشاكلنا هي الأرض اللازمة، ولغاية اليوم وضعنا خريطة مع معالي وزير البيئة لمواقع الكسارات القديمة وأخذ منها، وعلى القطاع الخاص أن يلتزم بما عرض عليه من القطاع العام أو من الدولة بموضوع الأراضي اللازمة للذهاب إليها، في موضوع المعالجة”.
وتابع: “النقطة الثانية في المشكلة هي الرقابة المطلوبة، في الخطة الطارئة كان هناك 3 أنواع من الرقابة، هناك شركة مراقبة لبنانية وهناك شركة أجنبية مراقبة وهناك المجتمع المدني والبلديات تراقب، مع الأسف بقينا على رقابة واحدة بالمرحلة التي تلت إنشاء الخطة الطارئة. أما الحوافز الملزمة فهي أساس، علينا أن نعطي حوافز كي نجد حلا، وقد نجحنا في موضوع الحوافز الملزمة بعد معاناة وبقانون وليس بقرار مجلس وزراء، أكثر من قرار، ذهبنا إلى قانون في مجلس النواب حتى حصلنا على الحوافز المحقة، وكما قال معالي الوزير ليست منة من الدولة، هذا حقكم لاستقبال النفايات، في كل العالم موجودة، أينما تواجدت معالجة تعطى الحوافز للمحيطين بها، للاستفادة ولتطوير المعالجة. هذه الحوافز أبصرت النور بعد صراع كبير ووصل إليها مؤخرا في منطقة الناعمة”.
واعتبر شهيب أن “المشكلة الرابعة هي تقصير الإرشاد والتوعية، والفيلم الذي عرض مهم وهذا وجع الناس، لكن كما قال معالي الوزير، نعم هناك كلام علمي له مكان، هذا الرد العلمي لا نجد له مكانا أبدا في وسائل الإعلام مع الأسف، مثل موضوع حملة سلامة الغذاء التي نقوم بها في وزاراتنا وفي اللجنة الموجودة في الحكومة. عندما يشهر بأحد نراه الخبر الأول ولكن عندما نتحدث عن إيجابية أحد ثان لا أحد يأتي على سيرته، وبالتالي الخطة المطلوبة ليس همها أن تصيب أحدا، إنما همها أن تحمي البلد كله من المشاكل القائمة والأمر نفسه في موضوع النفايات الذي يصيبنا اليوم”.
وقال: “المشكلة في إيجاد الأرض، حتى الساعة لا أعرف الشركات التي قدمت على المناقصات والتي ستنتهي بعد وقت قليل، أعتقد بعد شهر أيار، وسوف نجد مكانا. إذا، نحن بحاجة إلى أرض للفرز، أرض لمركز التسبيخ وتطويره، أرض لإنشاء الـRDF الذي هو الوقود البديل لمصانع الترابة. لكن هناك رفض، عرضنا تطوير مركز التسبيخ في الكرنتينا قامت القيامة بالسياسة، لا ممنوع، “ما حدا يقرب”، فذهبنا باتجاه جبل نفايات برج حمود الذي أقفلته عندما كنت وزيرا للبيئة، والذي جرت تغطيته وإقامة أنابيب لغاز الميثان لكنه لا يزال جبلا. قلنا “لنجلس” الأرض، وهذا أمر مكلف جدا، فطرحنا أن تتولاه الدولة، وأن تكسب بالتالي بلدية برج حمود أراضي جديدة توضع إنشاءات عليها ولا يتم لا طمر ولا عوادم ولا مطمر ولا شيء، إنما إنشاءات لتوسيع مركز التسبيخ الموجود هناك، فكان الرفض والرد بالقول: “إنكم تعتدون على برج حمود، تكفينا مشاكلنا”.
وتابع: “جئنا باتجاه “الكوستا برافا”، وأنا أقول الأمور بصراحة، عندنا 110 آلاف متر مربع تكسبها بلدية الشويفات هناك، أيضا ردم ثم إنشاءات لتطوير موضوع الفرز والتدوير والتسبيخ، لبيروت وجبل لبنان لا أكثر ولا أقل، لا أحد سيضع نفايات ولا أحد سيأخذ نفايات، أيضا قوبلنا بالرفض القاطع، إذا أين نذهب؟ هل نأكل النفايات؟ هذا الوضع قائم في كل المناطق. المشكلة لا تزال قائمة، وبرأيي فكرة موضوع إيجاد مراكز سنواجه عبرها مشاكل كبيرة حتى الساعة”.
وقال:”ان مطمر الناعمة لم يعد يستوعب، ومهلة اقفاله حددت في 17 تموز ومددناها 3 أشهر قابلة للتجديد مرة أخرى، لكن إذا لم يشعر الناس بجدية الحل، فإن ال 3 أشهر الثانية قابلة للتجديد وحتى أكثر من هذا، المجتمع المدني قال إذا هناك حل جدي نحن نرى بعين واسعة موضوع الحل والقيادات السياسية نفس الشيء، إن كان وليد بك أو الأمير طلال، الكلام كان واضحا، وأتكلم هنا بالشق الخاص فينا لأن المطمر عندنا في بيتنا وفي أرضنا، وعندما أقول في أرضنا فهي جزء عزيز من أرض لبنان لكنه تحمل من الـ 97 لغاية العام 2015 ولا أعرف إذا كانت ستنتهي أم لا. إذا وجد هذا المجتمع جدية، فهو سيرى ويقول كونه يعرف العقل والمنطق والعلم، لكن إن لم ير جدية، معناه يجب أن يقفل المطمر بعد الأشهر الثلاثة المقبلة مهما كانت الأسباب ونتحمل كلنا النتائج”.
وأكد أن “المحارق بالحد الأدنى تحتاج بين 3 إلى 5 سنوات، ماذا نفعل من اليوم حتى نصل إلى المحارق؟ فليعطني أحدكم الحل. الناعمة أشبع، لم يعد يتسع ولا يمكننا أن نقيم طابقا ثانيا. في الأخير هذا موضوع نحصل منه على الغاز ونولد كهرباء”، مشيرا إلى أن “لدى مجلس الانماء والاعمار تقدمت أكثر من شركة، التلزيم لا أعرف أي متى سيحصل، خلال فترة قصيرة جدا، لكنه يحتاج إلى 8 أشهر إنشاءات كي نحصل على 6 أو 7 ميغا تتوزع على المنطقة، حسب القانون مجانا على كل البلديات المحيطة بالمطمر، على كل الأهالي. وهذا حق ودون منة. إذا نريد غاز ميثان وانشاءات وطابقا ثانيا، هكذا لن تسري الأمور، إذ ما من مكان يتسع. أين البديل؟ هذا ما نبحث عنه وأعتقد المؤتمر اليوم قد يساعد على ايجاد حلول نسعى اليها من ضمن المنطق المطروح في الحكومة”.
ورأى شهيب “أننا مكملون في الأزمة، والأزمة إلى تفاقم وازدياد، طرح أكثر من مخرج تحدث عنها معاليه أيضا، موضوع استيراد النفايات الصلبة من لبنان إلى بعض المناطق في أوروبا وغير أوروبا، نعم إذا هناك حل حقيقي لموضوع المرحلة اللاحقة فلنستفد من هذا العرض لو حتى كلفنا 130 دولارا، لأننا ندفع تقريبا 130 دولارا في نطاق عمل “سوكلين” وندفع 95 دولارا في صيدا من دون جمع وكنس وتسليم ومن دون طمر، حيث ترمى النفايات في البحر أيضا، لنكن صريحين، هذا الموضوع نعم نحن مع تسفير نفاياتنا إلى أن نصل إلى مشروع متكامل في لبنان”.
وقال: “عرضت هذا الواقع كي أقول إننا في أزمة تكبر يوما بعد يوم وتتفاقم ولا جواب حتى الساعة ماذا بعد 17 تموز في ملف مزعج ولكنه منتج، في ملف مكوناته المزعجة المقلقة ثروة، وإدارته حتى الساعة رغم التعب ورغم جهود فريق عمل الوزارة الذي أحييه، فريق ممتاز وخبير ومدرك، ومعالي الوزير يسهر معهم على الموضوع حتى الساعة. الدور عندنا، لا تزال الجهود قاصرة فهل يخرج هذا اللقاء بحل؟ عسى أن يكون هناك حل ونعول على إدارة رشيدة ننتظرها وهي موجودة في وزارة البيئة والوزارات الشريكة”.
وختم شهيب بالقول: “نحذر بالصوت العالي من أن مطمر الناعمة أتخم وغير قابل لاستيعاب أي إضافات بعد التاريخ المحدد والفرص التي أعطيت استنفدت واستنفد كل إمكانية لاستيعاب الجديد. نحن مع أي حل مستدام، أي حل يتضمن شروط الاستدامة وأولها سلامة البيئة وصحة الإنسان والجدوى الإقتصادية ورفع كابوس بيئي صحي عن منطقة قدمت ما يكفي، عنيت بها منطقة الناعمة والمحيط، على أمل أن يخرج هذا اللقاء بتوصيات ترى النور”، داعيا “البلديات واتحادات البلديات والمجتمع المدني والهيئات الأهلية إلى أن يعملوا معا ولو لمرة واحدة بعقل علمي وليس بالعاطفة أو بالسياسة لنصل إلى حل مشكلة، برأيي ليست أقل أو أضعف من المشكلات المطروحة على المستوى السياسي أو على المستوى الوطني في لبنان”.
دروع
وفي ختام جلسة الافتتاح قدم المؤتمر دروعا تكريمية لممثلي شركة “ترابة سبلين” و”دار الهندسة” طالب وشركاه وشركة “هولسيم”.
كما قدمت دروع تكريمية للمشنوق ووزير الزراعة نيابة عن النائب جنبلاط والى رئيس لجنة البيئة النائب مروان حمادة، رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل ورئيس اتحاد غرفة التجارة محمد شقير.