كتبت رولا حداد
26 نيسان 2005- 26 نيسان 2015… 10 سنوات مرّت على انسحاب جيش الاحتلال السوري من لبنان.
ابتهج اللبنانيون كثيراً في 26 نيسان 2005. لم يصدقوا عيونهم وهم يشاهدون الدبابات السورية تخرج من لبنان ومراكز الاستخبارات السورية تفرغ من الضباط والعناصر الذين نكلوا باللبنانيين طوال أكثر من 4 عقود.
لكن النظام السوري بانسحابه لم يسحب عملاءه وأدواته اللبنانيين، وقضية علي المملوك- ميشال سماحة دليل ساطع على استمرار التدخل الأمني والإرهابي الأسدي.
والهيمنة التي كان يمارسها على أجهزة الدولة اللبنانية بضغط احتلاله وسلاحه جيّرها الى “حزب الله” الذي ورث “سلطة الوصاية” عن المحتل السوري.
وبالتالي، وبكل أسف، انتقل لبنان من نير الاحتلال السوري الى تحت الاحتلال الإيراني المتمثل بـ”حزب الله”، مع كل نتائجه المتمثلة في شلّ الدولة اللبنانية ومصادرة قرارها واستباحة أراضيها واستعمالها منطلقاً لمحاولة إنقاذ النظام السوري عسكرياً، ولإرسال مقاتلين الى العراق واليمن، وضرب المصالح الدبلوماسية والاقتصادية للبنان عبر الإساءة الى المملكة العربية السعودية وقبلها الى البحرين تنفيذا للأجندة الإيرانية. هكذا بات آلاف اللبنانيين العاملين في الخليج عرضة لموجات من الترحيل بسبب مواقف الأمين العام لـ”حزب الله” مما يجري في المنطقة، وإصراره على التدخل في الشؤون الإقليمية من العراق والبحرين مرورا بسوريا وصولا الى اليمن.
أما شلّ الدولة اللبنانية فيتمثل بالدرجة الأولى بتعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعرقلة كل الخطوات التي تهدف الى قيام دولة فعلية وحقيقية في لبنان.
أمام هذا الواقع ثمة حاجة ماسة الى قيام مقاومة فعلية، سياسية ووطنية، في مواجهة المدّ الإيراني في المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً، والذي وصل الى حدّ التبجح بإعلان السيطرة على 4 عواصم عربية بينها بيروت، إضافة الى المجاهرة بأن الحدود الإيرانية باتت على ضفاف المتوسط وفي جنوب لبنان.
المشكلة الكبرى تكمن في طريقة التعاطي مع “حزب الله” الذي يشارك سياسيا في مجلس النواب وفي الحكومة اللبنانية، لكنه في المقابل لا يعترف بهما إطاراً لاتخاذ القرارات السيادية اللبنانية، بل يعمل على تعطيلهما ليتسنّى له تنفيذ الأوامر الإيرانية على أكمل وجه. هكذا أجهض الحزب اتفاق الدوحة في محاولة انقلابية سياسية في مطلع العام 2011، بعد محاولة انقلاب عسكرية في أيار 2008. ويقيناً أنه لولا اندلاع الثورة السورية لكان “حزب الله” فرض سطوته وسيطرته بالكامل على لبنان.
وأمام انغماسه في الحرب السورية وتبعاتها اضطر الحزب لتطيير حكومته ومدّ يده الى “تيار المستقبل” لمحاولة استيعاب النقمة السنية وضبط الشارع الداخلي في لبنان، بدءًا بتشكيل الحكومة السلامية وصولا الى ما يُسمّى حواراً بينه وبين “المستقبل” تحت شعار “تنفيس الاحتقان”.
لكن الجمهور الاستقلالي في لبنان يدرك تمام الإدراك أن “حزب الله”، ومهما تلطى وراء “لبنانيته” إلا أنه يبقى فصيلا من فصائل الحرس الثوري الإيراني، ويبقى بسلاحه وتركيبته العسكرية والأمنية إطاراً منمّقاً للاحتلال الإيراني لوطن الأرز.
لذلك، وفي الذكرى العاشرة لـ26 نيسان، يبقى السؤال الذي يقضّ مضاجع اللبنانيين: انسحب النظام السوري من لبنان في نيسان 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واندلاع “ثورة الأرز”، فمتى ينسحب الإيراني من لبنان… وبأي ثمن؟!